موسوعة التفسير

سُورةُ النِّساءِ
الآيات (19-22)

ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ

غريب الكلمات:

وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ: أي: ولا تَمنعوهنَّ من التَّزوُّج، أو لا تَحبِسوهنَّ وتقهروهنَّ، يقال: عَضَلَ فلانٌ المرأةَ، إذا منعَها من التزوُّج، وأصل (عضل): المنْعُ والشِّدَّة، والالتواء في الأمْر؛ من عضَلتِ المرأةُ إذا علَق ولدُها في بطنِها وعَسُر خروجُه [341] ينظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/88)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/135)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/345- 346)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (1/34)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/110)، ((الكليات)) للكفوي (1/975). .
وَعَاشِرُوهُنَّ: صاحِبوهنَّ وخالِطوهنَّ، وأصل (عشر): يدلُّ على مُداخلةٍ ومخالطةٍ [342] ينظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/122)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/324)، ((المفردات)) للراغب (1/567)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/137). .
بُهْتَانًا: أي: ظلمًا، والبُهتان أيضًا الكذبُ، وكلُّ فِعل مستبشَع يُتعاطَى باليَد والرِّجْل، مِنْ تناوُلِ ما لا يجوز، والمشيُ إلى ما يقبُح [343] ينظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/122)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/307)، ((المفردات)) للراغب (1/148). .
أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ: يعني الجِماع؛ يُقال: أفضى إلى امرأتِه: انتهى إليها ولم يكنْ بينهما حاجزٌ، والإفضاءُ الخَلوة، وأصله يدلُّ على انفساحٍ في شيءٍ واتِّساع [344] ينظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/122)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/54)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/508)، ((المفردات)) للراغب (1/639)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/137)، ((الكليات)) للكفوي (1/155). .
وَمَقْتًا: بُغضًا، والْمَقْتُ: البُغضُ الشَّديدُ لِمَن تراه تعاطَى القبيحَ، وأصل (مقت): شناءةٌ وقُبحٌ [345] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/341)، ((المفردات)) للراغب (1/772)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/316). .

مشكل الإعراب:

قوله تعالى: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ: فيه وجهان: أحدُهما: أن (لا) نافية، والفِعل منصوبٌ عطفًا على تَرِثُوا؛ أي: لا يَحِلُّ لكم أنْ تَرِثوا النِّساءَ ولا أنْ تَعْضُلوهُنَّ. والثاني: أنَّه  (لا) نَّاهِيَة والفِعل مَجزومٌ بها؛ فهو مستأنَفٌ، أو من قَبيلِ عَطْفِ الإنشاءِ على الخَبرِ، حيث عُطِفت جملةُ النَّهْيِ على الجملةِ الخبريَّةِ [346] يُنظر: ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (1/340)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (3/628-630). .

المَعنَى الإجمالي:

يُخاطِبُ اللهُ تعالى المؤمنين مُبَيِّنًا أنَّه محرَّمٌ عليهم أنْ يأخذوا نِساءَ موتاهم بطريقِ الإرثِ، والحالُ أنهنَّ- بلا ريبٍ- مُكرَهاتٌ على ذلك، كما ينهاهم عن قَهْرِ النِّساءِ والتضييقِ عليهنَّ من أجل أن يفتدينَ أنفُسَهنَّ منهم بمقابِلٍ؛ فيفارقوهنَّ، إلَّا إذا وقعْنَ في الزنا أو النُّشوز، فيحلُّ حينئذ معاملَتُهنَّ تلك المعاملةَ حتى يفتدينَ أنفُسَهنَّ، كما أمر الله تعالى عباده بحُسْنِ صحبة النِّساء بالمعروف، وألَّا يتعجَّلوا في مفارقتِهنَّ إنْ كَرِهُوهنَّ؛ فعسى اللهُ أنْ يَجعلَ في إمساكهنَّ مع ذلك خيرًا كثيرًا في الدُّنيا والآخِرة.
وإذا أراد الأزواجُ فِراقَ أزواجهنَّ والتزوُّجَ بغيرهنَّ، فلا يحلُّ للزوجِ أن يأخُذَ مِن مهرِ زوجتِه التي يُريد طلاقَها شيئًا، ولو أمْهَرَها مهرًا كثيرًا؛ فإنَّ أخْذَهُ هنا بهتانٌ وظُلْم وإثمٌ ظاهر، ولا يوجد ما يُبرِّر أخْذَ شيءٍ من ذلك، وقد حصَل بينهم علاقةُ استمتاعٍ وجِماع، وأَخَذَ الزوجاتُ منهم عهدًا شديدًا مؤكَّدًا، وهو عقدُ النِّكاحِ.
ثم نَهى اللهُ عِبادَه أن يتزوَّجوا زوجاتِ آبائهم مِن بَعْدِهم، إلَّا ما قدْ وقَعَ في أيَّامِ جاهليَّتِهم؛ فإنَّه معفوٌّ عنه، وذلك أنَّ هذا الفعلَ في غايةِ القُبْح، وهو أمرٌ مبغوضٌ من الله ومن النَّاس، وساء هذا الأمرُ طريقًا لِمَن سَلَكَه!

تفسير الآيات:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)
سببُ النُّزولِ:
عن ابن عبَّاس رضِي اللهُ عنهما قال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ قال: كانوا إذا مات الرَّجُلُ كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوَّجها، وإن شاؤوا زوَّجوها، وإنْ شاؤوا لم يُزَوِّجوها، فهم أحقُّ بها مِن أهلِها، فنزلتْ هذه الآيةُ في ذلك )) رواه البخاري (4579). .
وعن أبي أُمامةَ بنِ سهلِ بن حُنيفٍ، قال: ((لَمَّا تُوُفِّي أبو قَيسِ بنُ الأسلتِ، أراد ابنُه أنْ يتزوَّج امرأتَه، وكان لهم ذلك في الجاهليَّة، فأنزل اللهُ تعالى: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا)) رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (6/321) (11095)، والطبري في ((تفسيره)) (8/105)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (5030). حسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (8/95). .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا
أي: يحرُمُ عليكم- أيُّها المؤمنون- أنْ تَستحوِذوا على زَوجاتِ مَن ماتَ مِن آبائكم وأقاربكم، وكأنَّهنَّ مِن جملةِ تركتِهم، وذلك كأنْ تتزوجوهنَّ، أو تُزوِّجوهنَّ لغيركم، أو تمنعوهنَّ من الزَّواج، والحال أنهنَّ كارهاتٌ لذلك مُكرَهاتٌ عليه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/521-527)، ((تفسير ابن كثير)) (2/241)، ((تفسير السعدي)) (ص: 172)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/151-152). .
وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ
أي: يحرُم عليكم- أيُّها الأزواج- أن تُضيِّقوا على أزواجكم في العِشْرة وتقهروهنَّ؛ لتُلجِئوهنَّ إلى افتداء أنفسهنَّ منكم، بترك مهورهنَّ أو بعضٍ منها، أو بتنازلهنَّ عن أيِّ حقٍّ آخرَ من حقوقهنَّ؛ لتفارقوهنَّ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/530-532)، ((تفسير ابن كثير)) (2/241)، ((تفسير السعدي)) (ص: 172)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/152). .
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
أي: يحلُّ لكم- أيُّها الأزواج- عَضْلُ زوجاتكم والضِّرارُ بهنَّ بالعدل، إذا وقَعْنَ في الزِّنا أو النُّشوز، حتى يَفتدينَ أنفُسَهنَّ منكم بالتنازُلِ عن بعضِ حُقوقهنَّ- كالمهرِ أو بعضِه- من أجْلِ أنْ تفارقوهنَّ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/532-536)، ((تفسير ابن كثير)) (2/241)، ((تفسير السعدي)) (ص: 172)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/152-153). .
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
أي: صاحِبوا- أيُّها الأزواج- زوجاتِكم كما أمرَكم الله تعالى، وذلك بالخُلق الحسَن؛ كالقول الطيِّب، وكفِّ الأذى، وبذْلِ الإحسان، وحُسن الهيئة، وغير ذلك، وصاحبوهنَّ بأداء حقوقهنَّ من النَّفقةِ والكُسوة، وغير ذلك ممَّا أمَرَ الله تعالى به، وبما يَتعارَفُ عليه النَّاس ولا يُنكِرُه الشَّرعُ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/537)، ((تفسير ابن كثير)) (2/242)، ((تفسير السعدي)) (ص: 172)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/153-154). .
عن عائشةَ رضِي اللهُ عنها، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهلِهِ، وأنا خَيْرُكُمْ لأهلِي)) رواه الترمذي (3895) واللفظ له، والدارمي (2260) من حديث عائشة رضي الله عنها. قال الترمذي: حسن غريب صحيح، وصحح إسناده ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (1/408)، ورواه ابن حبان في ((صحيحه)) (4177)، وصححه الشوكاني في ((فتح القدير)) (1/635)، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/477)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3895)، وصححه على شرط الشيخين الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1616). والحديث روي من طرق عن عبدالله بن عباس وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم. .
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
أي: عاشِروا- أيُّها الأزواج- زوجاتِكم بالمعروف، وإنْ كرهتموهنَّ؛ فعسى أن يكونَ صَبْرُكم مع إمساكِكم لهنَّ وكراهيتِهنَّ، فيه خيرٌ كثيرٌ لكم في الدُّنيا والآخِرة؛ كأولادٍ تُرْزَقُونَهُمْ منهنَّ، أو تزولُ كراهتكم لهنَّ، وتَخْلُفُها محبتُهنَّ، وغير ذلك يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/538)، ((تفسير ابن كثير)) (2/243)، ((تفسير السعدي)) (ص: 172)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/154). .
عن أبي هريرة رضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً قوله: ((لا يَفْرَك مُؤمنٌ مُؤمنةً)): أي لا يُبغضها، كأنَّه حَثَّ على حُسْنِ العِشرةِ والصُّحْبة؛ يُقال: فَرِكتِ المرأةُ زوجَها تَفرِكه فِرْكًا- بالكسر- وفَرْكًا وفُروكًا، فهي فروكٌ. ((النهاية)) لابن الأثير (3/441)، ((لسان العرب)) لابن منظور (10/474). ؛ إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رضِيَ منها آخرَ، أو قال: غيرَهُ )) رواه مسلم (1469). .
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذكَر اللهُ تعالى كراهيةَ الزَّوجِ لزوجِه في قوله: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ ولا جَرَمَ أنَّ الكراهيةَ تَعقُبها إرادةُ استبدالِ المكروهِ بضدِّه؛ فلذلك عطَفَ الشَّرْط على الذي قبله استطرادًا واستيفاءً للأحكام يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/288). .
 وأيضًا لَمَّا نهى عن العَضْل تسبُّبًا إلى إذهاب بعض ما أُعْطِيَتْهُ المرأةُ أَتْبَعَهُ التصريحَ بالنَّهي عن أخْذ شيءٍ منه في غيرِ الحالة التي أُذِنَ فيها في المضارَّة وهي الفاحشة يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/226)، ((تفسير الرازي)) (10/13). ، فقال:
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ
أي: إذا أراد أحدُكم- أيُّها الأزواج- أنْ يُطلِّقَ زوجته، ويتزوَّج بأخرى يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/539)، ((تفسير ابن كثير)) (2/243)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/158). .
وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا
أي: والحال أنَّكم قد أمهرتموهنَّ مهرًا كبيرًا، فإنَّه لا يحلُّ أخْذُ شيءٍ منه عَنوةً؛ لأنَّه حقُّها، والنهي عن ذلك بالأَوْلى لو كان المهر قليلًا يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/539)، ((تفسير ابن كثير)) (2/243)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/158-159). .
أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا
أي: أتأخذون ما آتيتموهنَّ من المهور كَذِبًا، وظلمًا بغير حقٍّ، وإثمًا ظاهرًا، قد أبان أمْرَ آخِذِه أنَّه بأخْذه إيَّاه ظالمٌ لِمَن أخَذَه منه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/540)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/160). ؟
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ
أي: على أيِّ وجهٍ تأخذون من نسائكم ما أعطيتُموهنَّ من مهور؟ والحال أنَّه قد حصلت بينكم عَلاقةُ استمتاعٍ وجماعٍ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/540-541)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/160). .
وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا
أي: وقد أخذ نساؤكم منكم- أيُّها الأزواج- عهدًا شديدًا مؤكَّدًا، وذلك بعقد النكاح، والقيام بحقوقهنَّ، ومن ذلك: إمساكُهنَّ بمعروف، أو تسريحهنَّ بإحسان يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/542-547)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/160-161). .
وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)
سببُ النُّزولِ:
عن ابن عباس رضِي اللهُ عنهما قال: ((كان أهل الجاهلية يُحَرِّمون ما يَحْرُم إلَّا امرأةَ الأب والجمع بين الأختين، قال: فأنزل الله وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إلى قوله: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)) رواه الطبري في ((تفسيره)) (8/132)، وابن المنذر في ((تفسيره)) (1523). .
وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ
أي: لا تَتزوَّجوا- أيُّها المؤمنون- زوجاتِ آبائِكم مِن بَعدِهم، إلَّا ما وقَع منكم من ذلك في جاهليَّتِكم، أو قبل تحريمِه؛ فإنَّه معفوٌّ عنه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/548-553)، ((تفسير ابن كثير)) (2/245)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/165-167، 170).    قال الرازي: (أجمعوا ]أي المفسِّرون[ على أنَّ سبب نزول هذه الآية هو أنَّهم كانوا يتزوَّجون بأزواج آبائهم، وأجمع المسلمون على أنَّ سبب نزول الآية لا بدَّ وأن يكون داخلًا تحت الآية، بل اختلفوا في أنَّ غيره هل يدخل تحت الآية أم لا؟ وأما كون سبب النزول داخلًا فيها فذاك مجمعٌ عليه بين الأمَّة، فإذا ثبت بإجماع المفسِّرين، أنَّ سبب نزول هذه الآية هو العقد لا الوطء، وثبت بإجماع المسلمين أنَّ سبب النزول لا بدَّ وأن يكون مرادًا، ثبت بالإجماع أنَّ النَّهي عن العقد مرادٌ من هذه الآية) ((تفسير الرازي)) (10/18). وقال أبو السعود: (اسمُ الآباءِ ينتظِمُ الأجدادَ مجازًا فتثبُت حرمةُ ما نكحوها نصًّا وإجماعًا) ((تفسير أبي السعود)) (2/159).
إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا
أي: إنَّ تزوُّجَكم بزوجاتِ آبائِكم لَهُوَ فِعلٌ في غايةِ البَشاعة والقُبح، وهو أمرٌ يُبغِضُه اللهُ تعالى، ويُبغضه الناسُ، وقد يُبغض الابنُ أباه بسببه؛ فإنَّ من تزوَّج بامرأةٍ قد يُبغض مَن كان زوجَها قبلَه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/553)، ((تفسير ابن كثير)) (2/246)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/167-169). .
وَسَاءَ سَبِيلًا
أي: وبِئْسَ هذا الأمرُ طريقًا لِمَن سلَكه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/553)، ((تفسير ابن كثير)) (2/246)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173). .

الفوائد التربوية:

- في قوله تعالى وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا حثٌّ للأزواج أن يُمسِكوا زوجاتِهم مع الكراهية لهنَّ؛ فإنَّ في ذلك خيرًا كثيرًا؛ من ذلك امتثالُ أمر الله، وقَبولُ وصيَّته التي فيها سعادةُ الدنيا والآخرة، ومنها أنَّ إجبارَه نفسَه- مع عدم محبَّته لها- فيه مجاهدةُ النفس، والتخلُّق بالأخلاقِ الجميلة، وربَّما تزول الكراهيةُ وتخلُفُها المحبَّة، كما هو الواقع، وربما رُزِقَ منها ولدًا صالحًا نفَعَ والديه في الدنيا والآخرة، وهذا كلُّه مع الإمكان في الإمساك وعَدَمِ وقوع المحذور يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 172).

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائف:

1- قال أهلُ العِلم: (عسى) من الله واجبةٌ، فإذا قال الله: (عسى) فهي واجبة، قال تعالى: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا...؛ وقال أيضًا: فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 99] ؛ وذلك لأنَّ الرجاءَ في حقه عزَّ وجلَّ غيرُ واردٍ؛ إذ إنَّه هو المتصرِّف المدبِّر، والرجاءُ إنَّما يكون مِمَّن لا يملِكُ الشيء فيرجوه من غيره، وعلى هذا فتكون الآية وعدًا من الله أنَّ من صَبَر ابتغاءَ وجه الله على ما يكرهه، واحتسابًا لثواب الله، بأن يجعَلَ الله فيه خيرًا كثيرًا، فإنَّه يتحقَّق له هذا الوعدُ، فإنْ تخلَّفَ هذا الوعدُ فلوجودِ مانعٍ، وإلَّا فإنَّ وعْدَ الله حقٌّ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/157). .
2- في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا... الإرشاد إلى إعماقِ النَّظر وتغلغُلِ الرأي في عواقِبِ الأشياء، وعدم الاغترارِ بالبوارقِ الظَّاهرة، ولا بميلِ الشَّهوات إلى ما في الأفعال مِن ملائم، حتى يَسبُرَه بمِسْبَارِ الرأي، فيتحقَّق سلامةَ حُسْنِ الظاهرِ من سُوء خفايا الباطِن يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/287). .
3- وفي قوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا دَلالةٌ على عدم تحريمِ كثْرَةِ المهرِ، مع أنَّ الأفضلَ واللائق الاقتداءُ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تخفيفِ المَهْر؛ ووجْهُ الدَّلالة أنَّ الله أخبَرَ عن أمْرٍ يقع منهم، ولم يُنْكِرْه عليهم، فدلَّ على عدم تحريمِه يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 173). .
4- الإشارةُ إلى سترِ ما بين الزوجين؛ لقوله: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، وهذا الإفضاءُ معروفٌ أنَّه إفضاء سِرِّيٌّ؛ ولهذا فإنَّ الذي يُفشِي السرَّ فيما كان بينه وبين زوجته مِنْ شَرِّ الناسِ منزلةً عند الله يومَ القيامة يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/164). .
5- في قوله تعالى: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، كنَّى الله تعالى عن الجِماعِ بالإفضاءِ، وهو الوصولُ إلى الشَّيءِ من غير واسطةٍ؛ تعليمًا لعباده؛ لأنَّه مِمَّا يُسْتَحْيَا منه يُنظر: ((تفسير الشربيني)) (1/291). .
6- غِلَظُ عقد النِّكاح، وأنَّه عقدٌ يجب أن يُهتمَّ به؛ لقوله: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا، ويدلُّ على هذا قولُه تعالى في الطلاق: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ [الطلاق: 1] ، أي: اضبطوها بالحِسابِ، فالآيةُ الكريمةُ تُفيد خطَرَ عقْدِ النِّكاح وأهميَّتَه، وأنَّه يجب أن يُعتنَى به، ويُحتفَظ به وبشروطِه وكلِّ ما يلزم فيه؛ حتى لا يقعَ الإشكالُ بين الرجل وزوجته، وتحصُلَ أمورٌ لا تُحمَد عُقباها يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/165). .
7- أنَّ نكاحَ المحارم أشدُّ من الزِّنا؛ لقوله: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا، وفي الزِّنا قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء: 32] ، ولم يَقُل: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا؛ ولهذا ذهب كثيرٌ من العلماء إلى أنَّ من زَنَى بامرأةٍ من محارمِه أو تزوَّجها، فإنَّه يُرجَم ولو كان غير مُحصَنٍ؛ لأنَّ نكاحَ ذواتِ المحارمِ أعظمُ من الزِّنا وأشدُّ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/171). .

بلاغة الآيات:

1- قوله: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ: (لا) في قوله: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لتأكيد النَّفي، يعني: لا يحلُّ لكم أن ترِثوا النِّساءَ ولا أنْ تعضلوهنَّ، أي: ولا تمنعوهنَّ من التَّزويج، أو: ولا أن تُضَيِّقوا عليهنَّ ((تفسير الزمخشري)) (1/493)، ((تفسير البيضاوي)) (2/66)، ((تفسير أبي السعود)) (2/158). .
2- قوله: لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ: عبَّر بالذَّهابِ به لا بالأخْذِ ولا بالإذهاب؛ للمبالغةِ في تقبيحِه ببيانِ تضمُّنه لأمرينِ كلٌّ منهما محظورٌ شنيع، (الأخْذ والإذهاب) منهنَّ؛ لأنَّه عبارةٌ عن الذَّهاب مستصحبًا به يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/158). .
3- قوله: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا: علَّة للجزاءِ أُقيمتْ مقامَه؛ للإيذان بقوَّة استلزامها إيَّاه، كأنَّه قيل: (فإنْ كرهتموهنَّ، فاصبروا عليهنَّ مع الكراهة؛ فلعلَّ لكم فيما تكرهونه خيرًا كثيرًا ليس فيما تحبُّونه) يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/158). .
- وذِكْر الفِعل الأول تَكْرَهُوا مع إمكان الاستغناءِ عنه، وانحصار العِلِّيَّة في الثاني وَيَجْعَلَ... للتوسُّلِ إلى تعميمِ مفعوله؛ ليُفيدَ أنَّ ترتيبَ الخيرِ الكثيرِ مِن الله تعالى ليس مَخصوصًا بمكروهٍ دونَ مكروه، بل هو سُنَّة إلهيَّة جاريَةٌ على الإطلاقِ حَسَبَ اقتضاء الحِكمة، وفيه من المبالغةِ في الحَمْلِ على ترْك المفارقةِ وتعميمِ الإرشادِ ما لا يَخفَى يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/158). .
- وتنكير خَيْرًا وتنوينه؛ لتفخيمِه الذاتي، ووصْفُهُ بالكثرةِ بقوله: كَثِيرًا؛ لبيان فخامتِه الوصفيَّة يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/158). .
4- قوله: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا: فيه مبالغةٌ في تفخيمِ الأمْر وتأكيده؛ حيث عظَّم الأمرَ حتى يُنتهى عنه ((تفسير أبي حيان)) (3/606). .
5- قوله: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا: استئنافٌ مَسُوق لتقريرِ النهيِ والتنفيرِ عن المنهيِّ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/159). ، والاستفهامُ إنكارٌ وتوبيخ، أي: تأخذونه باهتِين وآثمِين يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/66). .
6- قوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ: استفهامُ إنكارٍ لأخْذِه إثْرَ الإنكارِ الوارد في قوله تعالى: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا، وتنفيرٌ عنه غِبَّ تنفيرٍ، على سبيلِ التعجُّب، أي: بأيِّ وجهٍ تَسْتَحِلُّون المهر وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/159)، ((تفسير القاسمي)) (3/57). ؟!
- وفيه مبالغةٌ؛ حيثُ وجَّه الإنكارَ إلى كيفيَّة الأخْذِ؛ إيذانًا بأنَّه ممَّا لا سبيلَ له إلى التحقُّق والوقوعِ أصلًا؛ لأنَّ ما يَدخُلُ تحتَ الوجود لا بدَّ أن يكونَ على حالٍ من الأحوال، فإذا لم يكُنْ لشيءٍ حالٌ أصلًا، لم يكُنْ له حظٌّ من الوجودِ قطعًا يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/159). .
7- قوله: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ: في قوله: أَفْضَى كنايةٌ حسنة وحمله على الكِناية أبلغُ وأقربُ في هذا المقام؛ لوجوه؛ منها: أنه تعالى ذكر ذلك في معرض التعجب، فقال: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، والتعجب إنما يتمُّ إذا كان هذا الإفضاء سببًا قويًّا في حصول الألفة والمحبَّة، وهو الجماع، لا مجرد الخلوة؛ فوجب حملُ الإفضاء إليه. يُنظر: ((تفسير الرازي)) (10/15)، ((تفسير القاسمي)) (3/59). ؛ لأنَّ الإفضاءَ إلى الشيءِ عبارةٌ عن المباشَرة له، وعُني بالإفضاءِ في هذا الموضِع الجماعُ ((تفسير القاسمي)) (3/59) ، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/189). .
8- قوله: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ: خُصَّ هذا النِّكاحُ بالنَّهي، ولم يُنْظَمْ في سلكِ نكاحِ المحرَّماتِ الآتيةِ بَعدَه؛ مُبالغةً في الزَّجرِ عنه؛ حيثُ كانوا مُصِرِّين على تعاطِيه مع الاستِهانةِ بذلك، فأفْرَدَه وقدَّمَه؛ تَعظيمًا لحُرمةِ أزواجِ الآباءِ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/159)، وينظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/229). .
9- قوله: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا: تعليلٌ للنهي، وبيانٌ لكون المنهيِّ عنه في غاية القُبح مبغوضًا أشدَّ البُغضِ، وأنَّه لم يَزَلْ في حُكمِ الله تعالى وعِلمه موصوفًا بذلك، ما رُخَّص فيه لأُمَّةٍ من الأمم؛ فلا يُلائِم أن يُوسط بينهما ما يُهَوِّن أمْرَه مِن ترْك المؤاخذةِ على ما سَلَف منه يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/160). .