موسوعة التفسير

سُورةُ النِّساءِ
الآية (23)

ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ

غريب الكلمات:

وَرَبَائِبُكُمُ: أي: بناتُ نِسائِكم من غيرِكم، والرَّبائب جمْع: رَبيبةٍ، وهي مأخوذةٌ من التربية، وهو إنشاءُ الشيءِ حالًا فحالًا إلى حدِّ التَّمام [391] ينظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/236)، ((المفردات)) للراغب (1/336)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/137)، الكليات (1/485). .
فِي حُجُورِكُمْ: أي: فِي ضَمانِكم وتَربيتكم، والحُجور جمْع حِجر، وحِجْرُ القميص: اسمٌ لِمَا يُجعل فيه الشيءُ فيُمنَع؛ يُقال: فلان في حَجْرِ فلان، أي: في منعٍ منه عن التصرُّف في ماله، وكثيرٍ من أحواله، وأصل الحَجْر: المنعُ، والإحاطة على الشَّيءِ [392] ينظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/138)، ((التفسير الوسيط)) للواحدي (2/33)، ((المفردات)) للراغب (1/221). .
وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ: أي: أزواجِ البنين، جمْع حَليلة؛ وسُمِّيت الزوجةُ حليلةً، والزَّوجُ حليلًا؛ لنُزولِهما معًا؛ فتَحُلُّ معه ويَحُلُّ معها، أو لحَلِّ كلِّ واحدٍ منهما إزارَه للآخَر، وإمَّا لكونِها حَلالًا له، وأصل (حلَّ): فتْحُ الشَّيء [393] ينظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (1/123)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/186)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/20)، ((المفردات)) للراغب (1/252)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (1/62)، ((التبيان)) لابن الهائم (1/137). .
أَصْلَابِكُمْ: أي: ظُهورِكم، جمْع صُلب؛ وسُمِّي الظَّهرُ صلبًا باعتبارِ الصَّلابة والشدَّة، وأصل (صلب): الشِّدَّة والقوَّة، وكلُّ شيءٍ من الظَّهر فيه فَقَارٌ، فهو صلبٌ [394] ينظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/301)، ((المفردات)) للراغب (1/489)، ((الكليات)) للكفوي (1/544). .

المَعنَى الإجمالي:

يُخبرُ تعالى أنَّه حرَّم على المؤمنين التزوُّجَ بأمَّهاتِهم، وبناتِهم، وأخواتِهم، وعمَّاتِهم، وخالاتِهم، وبناتِ إخوانهم، وبناتِ أَخواتِهم، كما أنَّه حرَّمَ عليهم الزَّواجَ من أمَّهاتهم اللاتي قُمْنَ بإرضاعهم، وأخواتهم من الرَّضاعة، كما حرَّمَ أيضًا التزوُّجَ بأمِّ الزوجة مطلقًا سواء حصَل الدخولُ بالبنتِ أمْ لم يَحصُل، وحَرَّم كذلك الزواجَ ببنات الزوجات إذا تزوَّجوا أُمَّهاتِهن وبَنَوْا بهنَّ، فإذا لم يكونوا بَنَوْا بأمهاتهنَّ فيجوزُ نكاحُ بِنتِ الزوجةِ بعدَ فِراق أمِّها، وحرَّم نِكاحَ زوجات الأبناء الذين ولدوهم، سواءٌ دخل الابنُ بزوجته أم لم يدخُلْ، كما أنَّه حرَّمَ الجمْعَ بين الأختين إلَّا ما وقَع في الجاهليَّة، أو حصَل قبلَ تحريمه، فإنَّه لا إثمَ عليكم فيه؛ إنَّ الله كان غفورًا رحيمًا.

تفسير الآية:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذكَر تحريمَ نِكاحِ ما نَكَحَ الآباءُ في الآيةِ السَّابقةِ تخلَّص إلى ذِكرِ باقي المحرَّمات في النِّكاح يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/293). .
ولَمَّا ابتدأَ بتعظيمِ الآباءِ واحترامِهم في أنْ يَنكِحَ الأبناءُ أزواجَهم على العمومِ، ثنَّى بخصوص الأمِّ بقوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي(5/228).
سببُ النُّزولِ:
عن ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما، قال: ((كان أهلُ الجاهليَّةِ يُحَرِّمون ما يَحْرُم إلَّا امرأةَ الأبِ والجمعَ بين الأختين، قال: فأنزل اللهُ: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إلى قوله: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)) رواه الطبري في ((تفسيره)) (8/132)، وابن المنذر في ((تفسيره)) (1523). صحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/479)، وقال الوادعي في ((صحيح أسباب النزول)) (75): رجالُه رجال الصحيح إلَّا محمد بن عبد الله المخرميَّ، وهو ثقة. .
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ
أي: حرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ عليكم- أيُّها المؤمنون- التزوُّجَ بأمهاتِكم، وبناتِكم، وأخواتِكم، وعمَّاتِكم، وخالاتِكم، وبناتِ إخوانِكم، وبناتِ أخَواتكم؛ فهؤلاء محرَّماتٌ على الرجُلِ من جِهة النَّسب يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/553- 555)، ((تفسير ابن كثير)) (2/247)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/172-174). .
وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ
أي: وحرَّم اللهُ تعالى أيضًا عليكم أيضًا- معشرَ الرِّجال- نِكاح أمَّهاتِكم، وأخواتِكم من جِهةِ الرَّضاعة يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/248)، ((تفسير السعدي)) (ص: 173)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/174-175). قال ابنُ جرير: (فكلُّ هؤلاء اللواتي سمَّاهنَّ الله تعالى، وبيَّن تحريمهنَّ في هذه الآية، محرَّماتٌ، غير جائزٍ نِكاحُهنَّ لمن حرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمَّة، لا اختلاف بينهم في ذلك، إلَّا في أمهات نِسائنا اللواتي لم يَدخُلْ بهن أزواجُهن) ((تفسير ابن جرير)) (6/555). .
عن عبدِ اللهِ بن عَبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ في بنتِ حمزةَ: ((لا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ، هيَ بِنتُ أخِي من الرَّضَاعَةِ )) رواه البخاري (2645) واللفظ له، ومسلم (1447). .
وعن عائشةَ رضِي اللهُ عنها أنَّ عمَّها من الرَّضاعةِ، يُسمَّى أفلحَ، استأذنَ عليها فحَجَبَتْهُ، فأخبرتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال لها: ((لا تَحْتَجِبي منهُ؛ فإنَّهُ يَحْرُمُ من الرَّضاعةِ ما يَحْرُمُ من النَّسَب )) رواه مسلم (1445). .
وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ
أي: وحرَّم عليكم أيضًا نكاحَ أمِّ الزوجة مطلقًا، سواءٌ دخلتم بابنتها أو لم تدخلوا يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/555-557)، ((تفسير ابن كثير)) (2/249)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/193). .
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ
أي: وحرَّمَ عليكم أيضًا نِكاح بناتِ زوجاتِكم اللاتي جامعتموهنَّ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/558-559)، ((تفسير ابن كثير)) (2/251)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/175-177). .
عن أمِّ حبيبةَ رملةَ بنتِ أبي سُفيانَ رضِي اللهُ عنهما، قالت: ((دخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقلتُ لهُ: هل لك في أُختي بنتِ أبي سفيانَ؟ فقال: أفعلُ ماذا؟ قلتُ: تنكِحُها، قال: أَوَ تُحِبِّينَ ذلك؟ قلتُ: لستُ لك بِمُخْلِيةٍ، وأَحَبُّ مَن شَرِكَني في الخيرِ أختي، قال: فإنَّها لا تحلُّ لي! قلتُ: فإنِّي أُخْبِرْتُ أنَّك تخطبُ دُرَّةَ بنتَ أبي سلمةَ، قال: بنتَ أمِّ سلمةَ؟ قلتُ: نعمْ، قال: لو أنَّها لم تكُنْ رَبيبتي في حِجري، ما حلَّتْ لي؛ إنَّها ابنةُ أخي مِن الرَّضاعةِ، أَرضعَتْني وأباها ثُويبةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليَّ بناتِكُنَّ ولا أخواتِكنَّ )) رواه البخاري (5101، 5372)، ومسلم (1449) واللفظ له. .
فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ
أي: فإنْ لم تكونوا دخلتُم بزوجاتِكم، فلم تُجامِعوهنَّ حتى طلَّقتموهنَّ، فلا حرجَ عليكم في نِكاح بناتِهنَّ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/560)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/177). .
وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ
أي: وحرَّم عليكم أيضًا نِكاحَ زوجات أبنائِكم، سواءٌ دخلوا بهنَّ أو لم يَدخُلوا، والمرادُ بأبنائكم: الذين ولدتموهم، دونَ أبنائِكم من جِهة الرَّضاعة، ودونَ الأدعياءِ الذين تبنَّيتموهم في الجاهليَّة يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/560-561)، ((تفسير ابن كثير)) (2/253)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/177-179). قال الجصاص: (قوله تعالى: الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ قد تناول عند الجميع تحريم حليلة ولد الولد على الجد, وهذا يدلُّ على أنَّ ولد الولد يُطلَق عليه أنَّه من صلب الجد; لأنَّ إطلاق الآية قد اقتضاه عند الجميع) ((أحكام القرآن)) (2/163). .
وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ
أي: وحرَّم عليكم أيضًا الجمْعَ بين الأختين بنكاحٍ، إلَّا ما وقَعَ منكم في جاهليَّتكم أو قبل تحريمه، فإنَّه لا إثمَ عليكم فيه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/561)، ((تفسير ابن كثير)) (2/253)، ((تفسير السعدي)) (ص: 174)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/179-180). قال ابنُ كثير: (قد أجْمَع العلماءُ من الصَّحابة والتابعين والأئمَّة قديمًا وحديثًا على أنه يحرُم الجمع بين الأُختين في النِّكاح، ومَن أسلمَ وتحته أُختان خُيِّر؛ فيُمسك إحداهما، ويُطلِّق الأخرى لا محالةَ) ((تفسير ابن كثير)) (2/253). .
وفي حديث أمِّ حَبيبةَ رضِي اللهُ عنهما، عندما عرضت على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الزواجَ من أختِها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((فإنَّها لا تحلُّ لي!)) ثم قال: ((فلا تَعْرِضْنَ عليَّ بناتِكُنَّ ولا أخواتِكنَّ )) أخرجه البخاري (5106)، ومسلم (1449) واللفظ له من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما .
إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا
أي: إنَّ الله تعالى غفورٌ، يَستُرُ ذنوبَ عِبادِه ويَتجاوزُ عنها، ومِن ذلك: عدمُ مؤاخذةِ مَن وقَع منهم في السَّابقِ في الزواجِ بِمَن حرَّمهنَّ الله تعالى عليه، وهو الرحيمُ بهم، ومن رحمتِه مغفرتُه لذنوبِهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (6/561)، ((تفسير ابن كثير)) (2/253)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/301)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/180-181). .

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائف:

1- أنَّ الأمَّ عند الإطلاقِ لا يَدخُل فيها الأمُّ مِن الرَّضاعة، ووجهُ ذلك: أنَّه لو كانتِ الأمُّ من الرَّضاع تَدخُل في الأمِّ عندَ الإطلاق، لَمَا احْتِيجَ إلى قوله: وَأُمَهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ؛ لأنَّها تدخُل في قولِه: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ، ويتفرَّع عن هذه الفائدةِ: أنَّ أمَّ الزوجةِ من الرَّضاعِ لا تَدخُل في قولِه: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ؛ لأنَّه عندَ الإطلاقِ لا تدخُلُ فيها الأمُّ من الرَّضاع يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/183). .
2- أنَّ لبنَ الفحل مُحَرِّمٌ؛ أي: إنَّ الأختَ من الأبِ من الرَّضاعة حرامٌ؛ لعمومِ قوله سبحانه: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وهذا- والله أعلم- من فائدةِ ذِكرِ الأخواتِ دون البناتِ من الرَّضاعة؛ فإنَّ البناتِ مِن الرضاعة لم يُذْكَرْن، وكذلك العمَّات لم يُذْكَرْن؛ لأنَّ الأخوات تُغنِي عن العمَّات؛ لأنَّهنَّ حَواشٍ، وهنَّ أقربُ الحواشي إلى الإنسان؛ فيُستفَاد من هذه الآية أنَّ الأخواتِ من الأب، أو الأخواتِ من الأمِّ، أو الأخواتِ من أمٍّ وأب من الرَّضاع؛ كلُّهُن حرامٌ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/193). .
3- أنَّ أمَّ الزوجة حرامٌ بدون شرْط؛ لقوله: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ، فبمجرَّد العقدِ على المرأةِ عقدًا صحيحًا تَحْرُم أمُّها، وكذلك جدَّاتها وإنْ عَلَوْنَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/193). .
4- جمهورُ الأئمَّة على أنَّ الرَّبيبةَ حرامٌ سواء كانت في حِجْر الرَّجُل أو لم تكُن في حِجره، قالوا: وهذا الخطابُ خرَج مخرجَ الغالب؛ فلا مفهومَ له يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/251). ، وفائدة التقييد في قوله: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ التنبيهُ على الحِكمة في تحريمِ الرَّبيبة، وأنَّها كانت بمنزلةِ البنت، فَمِنَ المستقبَح إباحتُها، والدلالة على جوازِ الخَلوة بالربيبة وأنَّها بمنزلةِ مَن هي في حجرِه من بناته ونحوهنَّ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (1/173). .
5- تحريمُ حلائل الأبناء من زوجاتٍ أو مملوكاتٍ؛ لقوله: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ، لكنَّ المملوكة لا تكون حليلةً إلَّا بالوطء؛ ولذلك فلو أنَّ شخصًا اشترى أَمَةً ولم يَطأْها، ثمَّ ملَكها أبوه، فإنَّها تحلُّ لأبيه، لكنْ لو عقَدَ على امرأةٍ ولم يطأْها، ثم طلَّقها، فلا تحلُّ لأبيه؛ لأنَّ المملوكةَ لا تكون حليلةً إلَّا بالوطء، وأمَّا الزوجة فتكون حليلةً بمجرَّد العقد الصحيح يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/194). .
6- أنَّ حليلةَ ابنِ الرَّضَاع لا تَحْرُم؛ لقوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (1/194). .

بلاغة الآية:

1- قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ... الآية: فيها من البلاغة: حُسْن النَّسَق حُسن النَّسق: هو مِن محاسن الكلام، وهو إتيانُ الكلماتِ مِن النَّثر والأبيات مِن الشَّعر متتالياتٍ، متلاحماتٍ تلاحمًا سليمًا مُستحسَنًا، لا مَعيبًا مُستهجنًا، والمستحسَنُ من ذلك أن يكونَ كلُّ بيت إذا أُفرد قام بنفْسِه، واستقلَّ معناه بلفظِه، وإنْ رَدِفه مجاورُه صار بمنزلةِ البيت الواحد، بحيث يَعتقدُ السَّامع أنهما إذا انفصلَا تجزَّأ حُسنُهما، ونقَص كمالهما، وتَقسَّم معناهما، وهما ليسَا كذلك، بل حالهما في كمال الحُسن وتمام المعنى مع الانفرادِ والافتراق كحالهما مع الالتئام والاجتماع. ينظر: ((تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر)) لابن أبي الأصبع (1/89)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/192). في ترتيب الجُمل، وعطْف بعضها على بعضٍ كما يَنبغي؛ حيث قدَّم تَحريمَ الأمهات، وعَطَفَ عليه باقيَ الآية ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/192). .
2- قوله: مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ: فيه كنايةٌ في قوله: دَخَلْتُمْ بِهِنَّ؛ إذ هي كنايةٌ عن الجماع، أو الخَلوة يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/68)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/192). .
3- قوله سبحانه: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، وقوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ: فيهما احتراسٌ؛ حيث احترَزَ في الأوَّل من اللَّاتي لم يُدْخَل بهنَّ ((تفسير أبي حيان)) (3/607). ، واحترز في الثَّاني عن المتَبَنَّيْنَ، لا عن أبناءِ الولدِ يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/68). .
4- قوله: إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا: تعليلٌ لِمَا أفاده الاستثناءُ في قوله: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ، فيتحتَّمُ أنْ يكونَ الاستثناءُ منقطعًا، أي: لكنْ ما قد مضَى لا تُؤاخَذُون به يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/162). ، مع ما فيه مِن تأكيدِ الخَبَر بـ(إنَّ) واسميَّةِ الجملةِ.