موسوعة التفسير

سورةُ الأنْبياءِ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَتْ هذه السُّورةُ بسُورةِ (الأنبياءِ) [1] سُمِّيَت هذه السورةُ سورةَ الأنبياءِ؛ لاشتِمالِها على قَصَصِهم. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/317). قال الطِّيبي: (هذه السورةُ مِن مفتتحِها واردةٌ في أمرِ النبوةِ وما يتَّصِلُ بها، ومِن ثَمَّ سُمِّيتْ بسورةِ الأنبياءِ). ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (10/307). وقال ابن تيمية: (سورةُ «الأنبياءِ» سورةُ «الذِّكرِ»، وسورةُ الأنبياءِ الَّذين عليهم نزل الذِّكرُ، افْتَتَحها بقولِه: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ الآيةَ [الأنبياء: 2] ، وقوله: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [الأنبياء: 7] ، وقوله: لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ [الأنبياء: 10] ، وقوله: هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي [الأنبياء: 24] ، وقوله: وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ [الأنبياء: 48] ، وقوله: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ [الأنبياء: 50]، وقوله: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ [الأنبياء: 105]). ((مجموع الفتاوى)) (15/265). .
فعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضي اللهُ عنه، أنَّه قال: (سورةُ «بني إسرائيلَ» و«الكَهفِ» و«مَريمَ» و«طه» و«الأنبياءِ»: هُنَّ مِن العِتاقِ الأُوَلِ [2] العِتاق: جمعُ عتيقٍ، وهو القديمُ، أو: هو كلُّ ما بلَغ الغايةَ في الجودةِ، والمرادُ بقولِه: (العِتَاق الأُوَل): السُّوَر الَّتِي أُنْزِلت أوَّلًا بِمَكَّةَ، وأنَّها مِنْ أوَّلِ ما تَعلَّمه مِنَ القرآنِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/179)، ((فتح الباري)) لابن حجر (8/388). ، وهُنَّ مِن تِلادي [3] تِلادي: أي: مما حُفِظ قديمًا، والتِّلادُ: قديمُ المِلكِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/388). [4] رواه البخاري (4739). .

فضائل السورة وخصائصها:

أنَّها مِن السُّوَرِ المتقدِّمِ نزولُها، ومِن قديمِ ما حفِظ الصَّحابةُ وتعلَّموه:
كما دلَّ عليه أثرُ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضي اللهُ عنه المتقدِّمُ.

بيان المكي والمدني:

سُورةُ الأنبياءِ مَكِّيَّةٌ [5] يُنظر: ((تفسير الطبري)) (16/221)، ((تفسير الزمخشري)) (3/100). ، ونَقَل الإجماعَ على ذلك غَيرُ واحدٍ مِن المفَسِّرينَ [6] ممَّن نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عطيَّة، وابنُ الجوزي، والقرطبيُّ، وأبو حيان، ومجدُ الدين الفيروزابادي، والبِقَاعيُّ. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/89)، ((تفسير ابن الجوزي)) (3/184)، ((تفسير القرطبي)) (11/266)، ((تفسير أبي حيان)) (7/406)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/317)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (2/285). وقيل: السورةُ مكيةٌ، ويُستثني منها: أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ... الآيةَ [الأنبياء: 44] ، فهي مدنيَّةٌ. يُنظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (1/61)، ((تفسير ابن عاشور)) (5/17). .

مقاصد السورة:

من أهَمِّ مقاصِدِ السُّورة:
1- بَيانُ مَعالمِ التَّوحيدِ، وإقامةُ الأدلةِ عليه، وما لقِي الأنبياءُ في سبيلِ الدعوةِ إليه [7] يُنظر: ((زهرة التفاسير)) لأبي زهرة (9/4824). .
2- إثباتُ المعادِ، وبيانُ الأدلَّةِ على وُقوعِه [8] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبِقَاعي (12/378). .

موضوعات السورة :

من أهمِّ الموضوعاتِ التي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ:
1- الإنذارُ بالبَعثِ، وتحقيقُ وُقوعِه.
2- ذِكرُ عَدَدٍ مِن الشُّبُهاتِ التي أثارها المُشرِكونَ حولَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ودَعوتِه، والرَّدُّ عليها.
3- تسليةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عمَّا قاله المُشرِكونَ في شأنِه.
4- التَّذكيرُ بما أصاب الأُمَمَ السَّالِفةَ مِن جرَّاءِ تَكذيبِهم رُسُلَهم.
5- إقامةُ الأدِلَّةِ على وَحدانيَّةِ اللهِ تعالى، وعلى شُمولِ قُدرتِه.
6- ذِكْرُ أخبارِ بَعضِ الأنبياءِ، ومنهم موسى وهارونُ، وإبراهيمُ ولُوطٌ، وإسحاقُ ويَعقوبُ، ونوحٌ، وأيُّوبُ، وداودُ، وسُلَيمانُ، وإسماعيلُ، وإدريسُ، ويُونُسُ، وزكريَّا -عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ.
7- تعقيبُ أخبارِ الأنبياءِ بالمقصودِ الأساسيِّ مِن رِسالتِهم، وهو دَعوةُ النَّاسِ جميعًا إلى إخلاصِ العبادةِ لله.
8- ذِكرُ بَعضِ أشراطِ السَّاعةِ، وشَيءٍ من أهوالِها، وأحوالِ النَّاسِ فيها.
9- خُتِمَت السُّورةُ بالحَديثِ عن سُنَّةٍ مِن سُنَنِ اللهِ التي لا تتخَلَّفُ، وهي أنَّ العاقِبةَ للمُؤمِنينَ؛ والحديثِ عن رِسالةِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعن مَوقِفِه من أعدائِه.