الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 979 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1571
تفاصيل الحدث:

ارتعدت فرائِصُ الأمم الأوروبية النصرانيةِ من الخطر الإسلاميِّ العظيم الذي هدَّد القارة الأوروبية؛ من جرَّاءِ تدفُّق الجيوش العثمانية برًّا وبحرًا, وعندما احتلَّ الأسطول العثماني بقيادة علي باشا قبرص بقرارٍ من السلطان سليم الثاني, أخذ البابا بيوس الخامس يسعى من جديدٍ لجمع شمل البلاد الأوروبية المختلفة، وتوحيد قواها برًّا وبحرًا في تحالف صليبي تحت راية البابوية، اختير لقيادة قوة هذا التحالف (دون خوان) النمساوي، وهو أخٌ غير شقيق للملك فيليب الثاني، سار (دون خوان) إلى البحر الأدرياتيك، حتى وصل إلى الجزء الضيق من خليج كورنث بالقرب من باتراس، وليس ببعيد عن ليبانتو اليونانية، والذي أعطى اسمها للمعركة، ونظَّم علي باشا قواتِه فوضع سفُنَه على نسق واحد من الشمال إلى الجنوب، بحيث كانت ميمنتُها تستند إلى مرفأ ليبانتو، ومسيرتُها في عُرض البحر، وقد قسَّمها علي باشا إلى جناحين وقلب, فكان هو في القلب, وشيروكو في الجناح الأيمن، وبقي الجناح الأيسر بقيادة قلج علي، ومقابل ذلك نظَّمَ دون خوان قواتِه، فوضع سفنه على نسق يقابل النسق الإسلامي، ووضع جناحه الأيمن بقيادة دوريا مقابل قلج علي، وأسند قيادة جناحه الأيسر إلى بربريجو مقابل شيروكو، وجعل (دون) نفسَه لقيادة القلب، وترك أسطولًا احتياطيًّا بقيادة سانت كروز. احتدمت المعركة في 17 جمادي الأولى من هذه السنة, أحاط الأسطول الإسلامي بالأسطول الأوروبي وأوغل العثمانيون بين سفن العدو، ودارت معركة قاسية أظهر فيها الفريقان بطولةً كبيرة وشجاعة نادرة، وشاءت إرادة الله هزيمة المسلمين، ففقدوا ثلاثين ألف مقاتل، وقيل عشرين ألفًا، وخسروا 200 سفينة حربية، منها 93 غرقت، والباقي غنمه العدو وتقاسمته الأساطيل النصرانية المتحدة، وأُسِرَ لهم عشرة آلاف رجل! واستطاع قلج علي إنقاذ سفنه، واستطاع كذلك المحافظة على بعض السفن التي غَنِمَها، ومن بينها السفينة التي تحمل علم البابا، رجع بها إستانبول التي استقبلته استقبال الفاتحين، رغم الشعور بمرارة الهزيمة, وكان لهذه الهزيمة أثرُها الكبير في تراجع الهيمنة العثمانية على غرب البحر المتوسط، ونهاية التمدد العثماني في شرق ووسط أوروبا, ومن أسباب هذه الهزيمة الكارثية على الدولة العثمانية قرارُ سليم الثاني بفتح قبرص، فلم يكن صائبًا؛ لأن قبرص لم تكن مزعجةً للدولة العثمانية، بينما ترتب على فتحها قيامُ هذا التحالف الصليبي الذي أدى إلى هزيمة الدولة في هذه المعركة, فضلًا عن أن قائد الأسطول العثماني علي باشا لم يكن على مستوى قيادة معركة بهذا الحجم، الذي شكله التحالف النصراني, وفي المقابل احتفلت القارة الأوربية بنصر ليبانتو؛ فلأول مرة منذ قرون تحلُّ الهزيمة بالعثمانيين!