موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّادسُ: مِن عوامِلِ انتِشارِ مذهَبِ المُعتَزِلةِ: اغتِنامُهم فُرصةَ وُجودِ الخِلافِ العَقَديِّ بَينَ المُسلِمينَ


فالمُلاحَظُ على المُعتَزِلةِ أنَّهم كانوا يغتنِمونَ وُجودَ الخِلافِ العَقَديِّ بَينَ المُسلِمينَ، ويستثمِرونه لإظهارِ فِكرِهم وآرائِهم الاعتِزاليَّةِ، كما حصَل في قصَّةِ واصِلِ بنِ عطاءٍ في مجلِسِ الحَسنِ البَصريِّ، وكذلك في النِّزاعِ على الخلافةِ وغَيرِها؛ فقد تعاظَم الخِلافُ بَينَ الفِرَقِ الإسلاميَّةِ، واحتدَم الجَدلُ، وصارت تُعقَدُ في مساجِدِ البَصرةِ وغَيرِها حَلَقاتُ المُناظَرةِ، وفي تلك الأجواءِ ظهَر المُعتَزِلةُ [91] يُنظر: ((المُعتزِلة)) لجار الله (ص: 16)، ((المُعتزِلة وأصولهم الخمسة)) لعوَّاد المُعتق (ص: 31). .
فالمُعتَزِلةُ حاولوا الظُّهورَ بإبداءِ آرائِهم في الخِلافاتِ الحاصِلةِ، وتقديمِ حُلولٍ لها، وحَسِبوها ستَلقَى قَبولًا، إلَّا أنَّ المسألةَ بالعكسِ؛ إذ إنَّهم زادوا المُشكِلاتِ إشكالًا، فأحدَثوا البِدَعَ والأقوالَ المُخالِفةَ لكتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا جعَل المُسلِمينَ ينشغِلونَ عن حلِّ مُشكِلاتِهم بالقضاءِ على هذه البِدَعِ والأقوالِ المُخالِفةِ، والرَّدِّ عليها.
وعلى كُلٍّ فإنَّ وُجودَ بعضِ المُشكِلاتِ الخِلافيَّةِ ممَّا هيَّأ لظُهورِ هذه الفِرقةِ، ومِن ثَمَّ ساعَد على انتِشارِها واشتِهارِها، خاصَّةً عندَما دُوِّنَت آراؤُها، وأُثبِتَت كأيِّ فِرقةٍ أُخرى [92] يُنظر: ((المُعتزِلة وأصولهم الخمسة)) لعوَّاد المُعتق (ص: 33). .

انظر أيضا: