موسوعة الفرق

المَطلَبُ الخامِسُ: مَوقِفُ المَدرَسةِ العقلانيَّةِ الاعتِزاليَّةِ المُعاصِرةِ من الاجتماعِ والأُسرةِ


ظهَر أوَّلُ كتابٍ في مِصرَ يدعو إلى "تحريرِها" من النِّظامِ الإسلاميِّ سَنةَ 1894م، عُنوانُه (المرأةُ في الشَّرقِ) لمؤلِّفِه مُرقُص فهمي المحامي، وبَعدَه بسَنَواتٍ خمسٍ أصدَرَ قاسِم أمين كتابَه الأوَّلَ (تحريرُ المرأةِ) دعا فيه إلى:
1- القضاءِ على الحِجابِ الإسلاميِّ المعروفِ.
2- إباحةِ الاختلاطِ للمرأةِ المُسلِمةِ بالأجانِبِ عنها.
3- تقييدِ الطَّلاقِ ووُجوبِ وقوعِه أمامَ القاضي.
4- مَنعِ الزَّواجِ بأكثَرَ من واحدةٍ [1804] يُنظر: ((الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار)) لخميس (ص: 14). .
وصِلةُ محمَّد عَبدُه بهذا الكتابِ لا تخفى، وأقلُّ ما قيل في هذه الصِّلةِ أنَّ هذا الكتابَ (وَضَعه قاسِم أمين بإيعازٍ من الأميرةِ نازلي، وبتشجيعٍ من المغفورِ له الشَّيخِ محمَّد عَبدُه) [1805] ((الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار)) لخميس (ص: 74). !
وقد حقَّق الأستاذُ محمَّد عمارة في (الأعمال الكاملة للإمامِ محمَّد عَبدُه) أنَّ هذا الكتابَ إنَّما جاء ثَمرةً لعَمَلٍ مُشتَرَكٍ بَينَ كُلٍّ من محمَّد عَبدُه وقاسِم أمين. وإنَّ في هذا الكتابِ عِدَّةَ فصولٍ قد كتبها محمَّد عَبدُه وَحدَه، وعدَّةَ فُصولٍ أخرى كتبَها قاسِم أمين، ثمَّ صاغ عَبدُه الكتابَ صياغتَه النِّهائيَّةَ بحيثُ جاء أسلوبُه على نمطٍ واحدٍ هو أقرَبُ إلى أُسلوب محمَّد عَبدُه منه إلى أُسلوبِ قاسِم أمين [1806] ((الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)) (1/252). .
وقد أحدَث صُدورُ هذا الكتابِ ضَجَّةً في المجتَمَعِ المصريِّ دونَها الضَّجَّةُ التي أحدَثها علي عبد الرَّازِق في كتابِه (الإسلامُ وأصولُ الحُكم)، أو طه حُسَين في (في الشِّعرِ الجاهِليِّ)، أو محمَّد أحمد خلف الله في (الفَنُّ القَصَصيُّ في القرآنِ الكريمِ)؛ ذلك أنَّ هذه الكُتُبَ إنَّما يُعنى بها رجالُ السِّياسةِ والأدَبِ وعُلومِ القرآنِ، أي: الطَّبقةُ المُثَقَّفةُ بوَجهٍ خاصٍّ.
أمَّا (تحريرُ المرأةِ) فيَمَسُّ عُمومَ الطَّبقاتِ؛ لارتباطهِ بحياةِ كُلِّ أسرةٍ، وتناوُلِه المباشِرِ لأحَدِ أركانِها؛ ولهذا كان له من الأثَرِ والصَّدى في المجتَمَعِ وردودِ الفِعلِ ما لم يكُنْ لتلك.
قالوا عن الكتابِ فيما قالوا: (إنَّنا نَظُنُّ أن يكونَ ظُهورُ هذا الكتابِ مَصدَرَ تَغيُّرٍ عظيمٍ في أفكارِ الأمَّةِ ينشَأُ عنه فيما بَعدُ تغيُّرٌ أعظَمُ في أخلاقِها) [1807] ((الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده)) لعمارة (1/245). !

انظر أيضا: