الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: أن يكون الخفُّ ساترًا لما يجب غسلُه


اختلف أهل العلم في اشتراطِ أن يكون الخفُّ ساترًا لِما يَجِبُ غَسلُه على قولين:
القول الأوّل: يُشتَرطُ أن يكون الخُفُّ ساترًا لمحلِّ الفَرضِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/98)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10) ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 236)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/324)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/432). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/496)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/49). ، والحنابلة ((المبدع)) لابن مفلح (1/107)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/214)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/160).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الرُّخصةَ في المسحِ على الخفَّين جاءت في الخِفاف التي تستُر محلَّ الفَرضِ؛ فيجب الاقتصارُ على محلِّ الرُّخصةِ ((المغني)) لابن قدامة (1/215).
ثانيًا: أنَّه لو لم يستُر محلَّ الفَرضِ، فإنَّه يكون حُكمُ ما ظهر مِن القَدَم الغَسلَ، وحُكمُ ما استَتَر المسحَ، ولا سبيلَ إلى الجمعِ بين الغَسلِ والمسحِ مِن غير ضرورةٍ؛ فغلب الغَسلُ كما لو ظَهَرت إحدى الرِّجلينِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/160).
ثالثًا: أنَّ ما لا يستُرُ محلَّ الفَرضِ أشبَهَ النَّعلينِ؛ فلا تتعلَّق به الرُّخصةُ ((المغني)) لابن قدامة (1/214).
القول الثاني: لا يُشتَرَطُ أن يكون الخُفَّان ساترينِ لمحلِّ الفَرضِ، واختاره ابنُ حزم قال ابنُ حزم: (إن كان الخفَّانِ مَقطوعينِ تحت الكَعبينِ، فالمسحُ جائزٌ عليهما). ((المحلى)) (1/336). ، وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (المسحُ على الخفَّين قدِ اشتَرَط فيه طائفةٌ من الفُقَهاءِ شَرطينِ: هذا أحدُهما: وهو أن يكونَ ساترًا لمحلِّ الفَرضِ، وقد تبيَّن ضَعْفُ هذا الشَّرْطِ). ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (21/183). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (المسحُ على الخفِّ؛ الصَّحيحُ أنَّه لا يُشتَرَطُ فيه ما يَشتَرِطُه الفقهاء مِن كَونِه ساترًا لمحلِّ الفَرض،ِ بحيث لا يتبيَّن فيه ولا موضِع الخَرز، وما سُمِّي خفًّا فهو خفٌّ، سواء كان مخرَّقًا، أو رقيقًا، أو ثخينًا، أو سليمًا) ((الشرح الممتع)) (4/379) (بتصرف يسير).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الرُّخصةَ في النُّصوصِ جاءت عامَّةً في المسحِ على الخِفافِ، وليس فيها اشتراطُ أن تكون الخفافُ ساترةً لمحلِّ الفَرضِ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/166).
ثانيًا: أنَّه لو كان ثَمَّة حدٌّ محدودٌ، لَما أهمَلَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ولا أغفَلَه؛ فوجب أنَّ كلَّ ما يقَعُ عليه اسم خفٍّ أو جوربٍ، أو لُبِس على الرِّجلينِ، فالمسحُ عليه جائِزٌ ((المحلى)) لابن حزم (1/336).

انظر أيضا: