الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: أن يثبُت الخفُّ بنفسه


اختلف أهلُ العلم في اشتراطِ ثُبوتِ الخفِّ بنَفسِه، وذلك على قَولينِ:
القول الأوّل: يُشتَرطُ في الخفِّ أن يثبُتَ بِنَفسِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/52)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص83). ، والمالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/142)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/179). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/501)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/66). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/135)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/161).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الرُّخْصةَ إنَّما وردتْ في الخفِّ المعتادِ، الذي يُمكنُ متابعةُ المشيِ عليه، وليس مثلَه ما لا يمكِنُ متابعةُ المشيِ عليه ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 130), ((المغني)) لابن قدامة (1/215)، ((المجموع)) للنووي (1/500).
ثانيًا: أنَّ الذي تدعو الحاجةُ إلى لُبسِه هو الذي يُمكِنُ مُتابعةُ المشي فيه، فأمَّا ما يسقُطُ إذا مشى فيه، فلا يشقُّ نزْعُه، ولا يُحتاجُ إلى المسحِ عليه ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/161).
القول الثاني: لا يُشتَرطُ أن يثبُتَ الخفُّ بنَفسِه، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/501). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أمر أمَّتَه بالمسحِ على الخفَّين... ولم يقيِّد ذلك بكونِ الخفِّ يثبُت بنفسه أو لا يثبُت بنفسه، وسليمًا من الخَرقِ والفَتق أو غيرَ سليم، فما كان يُسمَّى خفًّا ولَبِسه النَّاسُ ومشَوا فيه، مَسَحوا عليه المسحَ الذي أذِنَ اللهُ فيه ورسولُه، وكلُّ ما كان بمعناه مُسِح عليه، فليس لكونِه يُسمَّى خفًّا معنًى مؤثِّرٌ، بل الحُكمُ يتعلَّق بما يُلبَس ويُمشى فيه). ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (19/242). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (لو فُرض أنَّ هذا الرَّجُل قَدَمه صغيرةٌ، وليس عنده إلَّا هذا الخفُّ الكبيرُ الواسع، وقال: أنا إذا لبِستُه وشدَّدته مَشيتُ، وإن لم أشددْه سقَطَ عن قدمي؛ ماذا نقولُ له؟ نقول: على المذهَبِ لا يجوز، وعلى القَولِ الرَّاجِح يجوز، ووجه رُجحانِه: أنَّه لا دليلَ على هذا الشَّرْط). ((الشرح الممتع)) (1/234). ؛ وذلك لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أمر أمَّتَه بالمسح على الخفَّين، ولم يقيِّد ذلك بكون الخفِّ يثبُتُ بنفْسه أو لا يثبُتُ بنفْسه ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (19/242).

انظر أيضا: