موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: ما فيه عِلَّةٌ واحِدةٌ


يمتَنِعُ الاسمُ من الصَّرفِ إذا حَوى عِلةً واحدةً تقومُ مَقام عِلَّتينِ، وذلك في صورتَينِ:
1- ألِفُ التأنيثِ: سواءٌ كانت مَقْصورةً، كحُبْلى، وتقْوى، وسَكْرى، وكُبْرى، وصُغْرى...، أو كانت ممدودةً، مِثلُ: خضْراء، وحمْراء، وصحْراء، وزَهْراء، وزكَرِيَّاء، في المفردِ كانت أو في الجَمعِ، كجَرْحَى وسُكارَى، وأصدِقاء. فهذه تُمنَعُ من الصَّرفِ كيفما وقَعَت، سواءٌ في اسمٍ مَعرِفةٍ، كزكَرِيَّاء وتقْوى، أو في اسمٍ نَكِرةٍ، كصَحْراء، أو في وَصْفٍ، كحُبْلى وكُبْرى وخَضْراء يُنظَر: ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 852)، ((شرح ألفية ابن مالك)) للأشموني (3/ 135). .
وهذا النوعُ إذا تجَرَّد من (أل) والإضافةِ فإنَّه يُجَرُّ بالفتحةِ نيابةً عن الكسرةِ؛ تَقولُ: تَرَك إبراهيمُ عليه السَّلامُ هاجرَ وابْنها في صَحْراءَ جَرْداءَ؛ (صحراء): اسمٌ مَجرورٌ بـ(في)، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، جَرْداء: نعتٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
فإذا اقترنت تلك الأسماءُ أو الصِّفاتُ بـ(أل)، أو أُضِيفت، جُرَّت بالكَسرةِ؛ تَقولُ: امتنعتُ عن أصدقاءِ السُّوء، يعيشُ العقربُ في الصَّحراءِ الحارَّةِ.
فكَلِمَتا (أصدقاء) و(الصَّحراء) كلٌّ منهما اسمٌ مَجرورٌ بحرفِ الجَرِّ قَبْلَه، لكنَّه مجرورٌ بالكَسرةِ؛ لأنَّه أُضيف في المثالِ الأوَّلِ، واقترن بـ(أل) في الثَّاني.
2- صِيغةُ مُنْتهى الجُموعِ: وهو جمعُ التكسيرِ الذي بعْد ألِفه حرفانِ أوَّلُهما مكْسور، أو ثلاثةُ أحرُفٍ أوسَطُها ساكِنٌ، أو هو ما كان على الوَزنِ العَرُوضي  (مَفاعِل، ومفاعِيل)؛ لأنَّه ليس له من المفرَدِ شَبيهٌ. مثل: دراهِم، ومَساجِد، وصوامِع، وكنائِس؛ ومحاريب، وتماثيل، ودنانير، ومصابيح. فإن كان أوسَطُه متحرِّكًا -كصَياقِلَة، صَيارِفة، ملائِكَة، عَباقِرَة، أباطِرَة- لم يُمنَعْ؛ لأنَّ له شَبيهًا في المفرَدِ، وهو طَواعِيَة وكَراهِيَة يُنظَر: ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 852)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1197). .
وهذا النوعُ كالذي قَبْلَه في أنَّه يُجرُّ بالفتحةِ عند التجرُّد من (أل) والإضافة؛ قال تعالى: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ [سبأ: 13] ؛ فـ(محاريب): اسمٌ مَجرورٌ بـ(مِن)، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، وتماثيل: معطوفٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
فإذا اقترن بـ(أل) أو أُضيف جُرَّ بالكَسرةِ، كقَولِه تعالى: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187] ؛ (المساجد): اسمٌ مَجرورٌ بـ(في)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ، وتَقولُ: اشتريتُ بالدنانيرِ التي معي وبدراهمِ أخي ذَهَبًا؛ فالدنانيرُ هنا مقترنةٌ بـ(أل)، والدَّراهِم مُضافةٌ إلى (أخي)، فجُرَّتا بالكَسرةِ.
ويختَلِفُ الأمرُ فيما كان من تلك الأوزانِ وآخِرُه حرْفُ عِلَّةٍ، وذلك على نوعينِ:
الأوَّلُ: أن يكونَ آخِرُه ياءً قبْلها مكسورٌ، مِثلُ جواري، فهذا حكمُه في الرَّفعِ والجَرِّ حُكمُ المنقوصِ؛ فتُحذَف ياؤه ويُعوَّض عنها بالتنوينِ قبْلها؛ تَقولُ: هؤلاء جَوارٍ، ومرَرْتُ بجوارٍ؛ فـ(جَوارٍ) في المثال الأوَّلُ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المُقَدَّرةُ على الياءِ المحذوفةِ، وفي الثاني: اسمٌ مَجرورٌ بالباءِ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ المقدَّرةُ على الياءِ المحذوفةِ. وقال تعالى: ‌ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر: 2] .
أمَّا في حالةِ النَّصبِ فتَثبُت الياءُ ويُنصَبُ الاسمُ بالفتحة بدونِ تنوينٍ؛ تَقولُ: رأيتُ جواريَ؛ مفعولٌ به منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ. وقال تعالى: سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ [سبأ: 18] .
الثاني: أن تُقلَب ياؤه ألفًا؛ تَقولُ: هؤلاء عَذارَى، ومررتُ بعَذارَى، ورأيت عَذارَى. فهذا يُعرَب بالحركاتِ المقدَّرةِ ولا يُنَوَّنُ بحالٍ يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1198). .
من الكَلِمات الممنوعةِ من الصَّرفِ أيضًا كَلِمةُ (سراويل) قال في ((مختار الصحاح)) (ص 147): ((السَّراويل: معروف، يُذكَّر ويُؤنَّث، والجمع السَّراويلات. قال سيبويه: (سراويل) واحدةٌ، وهي أعجمية، أُعرِبت، فأشْبَهت من كلامِهم ما لا ينصَرِفُ في معرفةٍ ولا نكرةٍ، فهي مصروفةٌ في النَّكِرةِ. قال: وإن سمَّيتَ بها رجلًا لم تصْرِفها، وكذا إن حقَّرْتَها اسمَ رجُلٍ؛ لأنها مؤنَّثة على أكثَرَ من ثلاثةِ أحرُفٍ، نحوُ: عَنَاقَ. ومن النحويِّين مَن لا يصرِفُه أيضًا في النَّكرةِ، ويزعم أنَّه جمع سِرْوالٍ وسِرْوالةٍ). ؛ فإنها اسمٌ مُفْرَدٌ أعجميٌّ، لكنَّها لَمَّا جاءت على الوزنِ العروضي (مفاعيل) مُنِعت من الصَّرفِ وإن لم تكُنْ جمعًا. تَقولُ: هذه سراويلُ، رأيتُ سَراويلَ، قابلت بائعَ سَراويلَ يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1201). .

انظر أيضا: