موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثاني: ما فيه عِلَّتانِ


إحداهما معنويَّةٌ، وهي إمَّا العَلَميَّةُ وإمَّا الوَصفيَّةُ، والأخرى لَفْظيَّةٌ.
أوَّلًا: العَلَمِيَّةُ
ويمتَنِعُ من الصَّرفِ ما كان عَلَمًا، وزاد على ذلك أن حَوى بعضَ تلك الصِّفاتِ:
1- العَلَمُ المُؤَنَّثُ: سواءٌ كان حقيقيًّا، مِثلُ: سُعاد، وزينب، وخديجة، وفاطمة؛ أو كان مجازيًّا، وهو العَلَمُ المُذَكَّرُ المقترنُ بتاءِ التأنيثِ، مِثلُ: طلحة، ومعاوية، وعنترة، وعلقمة، وحمزة.
وهذا النوعُ يُمنَعُ من الصَّرفِ إلَّا ما كان ثلاثيًّا ساكِنَ الوَسَطِ، كهِند ودعْد ومصْر، فيجوز فيه الأمرانِ: الصَّرفُ؛ نظرًا لخِفَّةِ اللَّفظ، والمنعُ من الصَّرفِ؛ نظرًا لأنَّه عَلَمٌ مُؤَنَّث، فإن كان متحرِّكَ الوَسَطِ مُنع من الصَّرفِ كذلك، مِثلُ: سَقَر، ولَظَى.
تَقولُ: ذهبتُ إلى عائشةَ وسعادَ بِنْتَيْ حمزةَ.
ذهبت: ذهب: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِلِ، والتاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
إلى: حرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا محَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
عائشةَ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(إلى)، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
وسعاد: الواوُ حَرفُ عَطفٍ، (سعاد) معطوفٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
بِنْتَي: نعتٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الياءُ؛ لأنَّه مُثَنًّى، وحُذِفَت النُّونُ للإضافةِ.
حمزةَ: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
وتَقولُ: التقيتُ بهندٍ أو بهنْدَ، وسافرتُ إلى مِصْرَ أو مِصْرٍ.
إذا صرَفْتَها كانت اسمًا مجرورًا، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ، وإذا منَعْتَها من الصَّرفِ كانت اسمًا مجرورًا، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ.
وقد ورد بيتٌ شعري جمَع اللُّغَتين في (دَعْد)، وهو قَولُ الشَّاعِر:
لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا
دَعْدٌ وَلَمْ تُسْقَ دَعْدُ فِي العُلَبِ
حيث نوَّن الشَّاعِر (دعْد) في المرَّةِ الأولى دليلًا على صَرْفِها، ثمَّ لم يُنَوِّنها في المرَّةِ الثانيةِ دليلًا على المنعِ مِنَ الصَّرفِ يُنظَر: ((اللمحة في شرح الملحة)) لابن الصائغ (2/ 758)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (2/ 331). .
كذلك وردت كَلِمةُ (مِصْر) في القرآنِ ممنوعةً من الصَّرفِ في أربعةِ مواضِعَ، وهي قَولُه تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا [يونس: 87] ، وقَولُه تعالى: وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ [يوسف: 21] ، وقَولُه تعالى: وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ [يوسف: 99] ، وقال تعالى: وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ [الزخرف: 51] .
ووردت مرةً مُنَوَّنةً مصروفةً، وهي قَولُه تعالى: اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ [البقرة: 61] ، وقد اختلف المفَسِّرون فيها؛ فذهب بعضُهم إلى أنَّ المرادَ: اهبِطوا مِصرًا من الأمصارِ، وليست (مِصْر) البلدَ المعروفَ، وذهب الآخَرون إلى أنَّها (مِصْر) المعروفةُ، وقد نُوِّنت هنا على الوَجهِ القائلِ بجوازِ صَرْفِها يُنظَر: ((جامع البيان)) للطبري (2/ 21)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (1/ 144). .
ويدخُلُ فيه العَلَمُ المَزيدُ بألِفِ الإلحاقِ المقصورةِ؛ نحْو: أرطى شَجَرٌ له وَرَقٌ أحمر يُدبغ به، واحِدتُه أَرطاة. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (14/ 13)، ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (3/ 1114). وحَبَنْطَى هو: العظيمُ البطْنِ المنتَفِخُ القصيرُ. يُنظَر: ((شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم)) لنشوان الحميري (3/ 1321)، ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/ 331). ؛ فإنَّ الألفَ فيهما تُشبِهُ ألِفَ التأنيثِ؛ فلهذا إذا سُمِّي بهما رجلٌ أو امرأة مُنِعَ من الصَّرفِ؛ لشَبَهِه بالعَلَمِ المُؤَنَّث؛ تَقولُ: هذه أرطى، ومررتُ بأرطى، ورأيتُ أرطى. أما إذا لم يُسمَّ به، فينصَرِفُ ويُنوَّن تنوينَ التمكينِ؛ تَقولُ: هذا أرطًى، ومررتُ بأرطًى، ورأيت أرطًى؛ فتنوينُه تنوينُ التمكينِ مِن الصَّرفِ، كتنوينِ (هُدًى).
بخلافِ الألِفِ الممدودةِ للإلحاقِ، مِثلُ: عِلْبَاء وحِرباء؛ فإنها لا تمنَعُ من الصَّرفِ إن صارت علمًا؛ وذلك لأنَّها لا تُشبِهُ ألِفَ التأنيثِ الممدودةَ مِن جِهةِ الوَزنِ؛ فألِفُ التأنيثِ تكونُ مع (فَعْلاء) بفَتحِ الفاءِ لا بكَسْرِها يُنظَر: ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 864)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (2/ 752). .
2- العَلَمُ الأعجَمِيُّ الزَّائِدُ عن ثلاثةِ أحرُفٍ:
مِثلُ: إبراهيمَ، وإسحاقَ، وإسماعيلَ، ويعقوبَ، ويوسُفَ. فهذا يُمنَعُ من الصَّرفِ، فلا يُنوَّن، ويُرفَعُ بالضَّمَّةِ، ويُنصَبُ ويُجَرُّ بالفتحةِ.
تَقولُ: يُصَلِّي الحاجُّ بعد الطَّوافِ ركعتَين خلْفَ مقامِ إبراهيمَ؛ فإبراهيمُ: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ مِنَ الصَّرفِ.
ومنه قَولُه تعالى: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ [يوسف: 38] ؛ فإبراهيمَ: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، وكلٌّ من (إسحاقَ ويعقوبَ) معطوفٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
أمَّا إن كان العَلَمُ الأعجميُّ ثُلاثيًّا وجَب صَرفُه، سواءٌ كان ساكنَ الوَسَطِ، مِثلُ: نُوح ولُوط وهُود وعادٍ، كقَولِه تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ [النساء: 163] ، وقَولِه تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء: 160] ، وقَولِه تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا [الأعراف: 65] ، أو كان متحَرِّكَ الوَسَطِ، مِثلُ: شِتَر؛ اسمٌ لقلعةٍ، ولَمَك وتَتَل؛ اسمانِ لرجُلَينِ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 463)، ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 876). .
3- العَلَمِيَّةُ مع التركيبِ:
المرادُ هنا العَلَمُ المركَّبُ تركيبًا مَزْجِيًّا؛ كبَعْلَبَكَّ، ومَعْدِيكَرِبَ، ورامَهُرْمُزَ، وحَضْرَمَوت.
وهذه الأسماءُ كُلُّها الْتَزموا فيها فتحَ الصَّدرِ الأوَّلِ منها؛ كفَتحِ اللَّامِ في (بَعْلَبَكَّ)، والرَّاءِ في (حَضْرَمَوتَ)، إلَّا أن يكونَ حَرفَ عِلَّةِ، فألْزموه التسكينَ كـ(مَعْدِيكَرِبَ).
تَقولُ: هذه حَضْرَموتُ، زُرتُ حضْرَموتَ، ذهبتُ إلى حضْرَموتَ. فتُرفَعُ بالضَّمَّةِ، وتُنصَبُ بالفتحةِ، وتُجَرُّ بالفتحةِ نيابةً عن الكَسرةِ.
على أنَّه يجوزُ اعتبارُ ذلك التركيبِ المزجيِّ إضافيًّا، أي: كأنَّ الصَّدرَ أُضيفَ إلى العَجُزِ تشبيهًا بـ(عبْدِ الله)، فتُعرَبُ إعرابًا عاديًّا ولا تُمنَعُ من الصَّرفِ؛ إلَّا أن تكونَ أعجَمِيَّةً، مِثل:َ (رامَهُرْمُزَ)، ويَصرِفونَ غيرها؛ يقولون: هذه حَضْرُموتٍ، زرتُ حَضْرَمَوتٍ، ذهبْتُ إلى حَضْرِمَوتٍ، فيُعرَبُ الشَّطرُ الأوَّلُ من الجملةِ حَسَبَ مَوضِعِه، ويُرفَعُ بالضَّمَّةِ، ويُنصَبُ بالفَتحةِ، ويُجَرُّ بالكَسرةِ، ويكونُ الشَّطرُ الثَّاني من الكَلِمة مضافًا إليه مجرورًا، وعَلامةُ جَرِّه الكَسرةُ مُنَوَّنًا يُنظَر: ((اللمحة في شرح الملحة)) لابن الصائغ (2/ 768)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1204). وقال ابن يَعيش في ((شرح المفصل)) (1/ 184، 185): ((وأمَّا "مَعْدِيكرِبُ" ففيه الوجهانِ؛ التركيبُ والإضافةُ. فإن ركَّبْتهما جعلتهما اسمًا واحدًا، وأعربتَهما إعرابَ ما لا ينصَرِفُ، فتقول: هذا مَعْدِيكَرِبُ، ورأيتُ مَعْدِيكَرِبَ، ومَررتُ بمَعْدِيكرِبَ... وإذا أضفْتَ كان لك في الثاني منْعُ الصرفِ وصرْفُه... فتقولُ في المنصَرِفِ: هذا مَعْدِي كَرِبٍ، ورأيت مَعْدِي كَرِبٍ، ومررتُ بمَعْدِي كَرِبٍ... وتقول في غيرِ المنصرِفِ: هذا مَعْدِي كَرِبَ، ورأيتُ مَعْدِي كَرِبَ، ومررتُ بمَعْدِي كَرِبَ)). .
4- العَلَمِيَّةُ مع زيادةِ الأَلِفِ والنُّونِ:
وهما يُشْبِهان ألِفَ التأنيثِ الممدودةَ؛ لهذا يُمنَعُ الاسمُ العَلَمُ إذا كانتا فيه؛ كرَمَضان وشَعْبان، ومرْوانَ وعُثْمانَ، وغَطَفانَ وعِمْرانَ، وغَيرِها.
تَقولُ: ذهَبَتِ الخِلافةُ بعد استشهادِ الفارُوقِ إلى عُثمانَ بنِ عَفَّانَ؛ عُثمانُ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(إلى)، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، عَفَّان: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
ومنه قَولُه تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة: 185] ، وقَولُه تعالى: إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا [آل عمران: 35] ؛ فـ(رَمَضان وعِمْران) كلاهما مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
ولا فرْقَ في هذا بين أسماءِ الأشخاصِ كمَرْوانَ، أو أسماءِ البُلدانِ، كأصْبَهان، أو القبائِلِ، كغَطَفانَ يُنظَر: ((توجيه اللمع)) لابن الخباز (ص: 417)، ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (1/ 157). .
أمَّا إن كانت النُّون أصليَّةً -كطَحَّان وسَمَّان، من الطَّحنِ والسَّمنِ؛ أسماءً لأشخاصٍ- فإنَّها تَنصَرِفُ.
يُوجَدُ بَعضُ الكَلِماتِ اختُلِف في أصلِ النُّونِ: أهي أصليَّةٌ أم زائدةٌ، فجاز فيها الصَّرفُ والمنعُ منه؛ كما في شَيْطان وحَسَّان ورُمَّان ودهْقان؛ فإنْ منَعْتَها من الصَّرفِ فباعتبارِ أنَّ أصلَها: شاط، وحَسَّ -أي: قَتَل-، ورمم، ودَهقَ، فتكونُ الألِفُ والنُّونُ فيها زائدةً. وإن اعتَبَرْنا أصلَها: شَطَن، حَسُن، رمن، دهْقَن؛ صَرَفْناها يُنظَر: ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (2/ 331). .
5- العَلَمِيَّةُ مع وزنِ الفِعْلِ:
إذا كان وزنُ اسمِ العَلَمِ على وزْنِ الفِعْلِ الذي يَغلِبُ على الفِعْلِ ويَندُرُ مَجيءُ الأسماءِ منه، كأحْمَد وأكْرَم، على وزن (أفْعَل)، ويَزيدَ ويَشْكُرَ على وزن (يَفْعل)، وتغْلِبَ على وزنِ (تَفْعِل)، وإثْمد وإصْبَع -لو سَمَّيتَ بهما رجُلًا- على وَزنِ (إفْعَل) مع النُّطقِ بالهمزةِ؛ فهذا يُمنَع من الصَّرفِ.
أمَّا إن كان على وَزنِ الفِعْلِ الذي يَكثُرُ مَجيءُ الأسماءِ عليه؛ مِثْلُ: فَعَل، ومنه: حَجَر وجَبَل ووَلَد، وغيرُ ذلك، أو فَعِل، ومنه: كَتِف ونَمِر، أو فَعُل، ومنه: رَجُل وعَضُد... فلا يُمنَعُ من الصَّرفِ.
فالذي يمتَنِعُ من الصَّرفِ إذنْ ما كان على وزْنٍ خاصٍّ بالفِعْل، كفُعِلَ، أو يَغلِبُ اختصاصُه بالفِعْل، مِثلُ أفْعَلَ ونَفْعَل، وتَفْعَل، ويَفْعَل.
تَقولُ: مررتُ بأحمدَ بنِ يزيدَ.
مررتُ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِلِ، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
بأحمد: الباءُ حَرفُ جَرٍّ، أحمد: اسمٌ مَجرورٌ بالباءِ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
بْنِ: نعتٌ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
يزيدَ: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ يُنظَر: ((الأصول في النحو)) لابن السراج (2/ 80)، ((شرح المفصل)) لابن يعيش (1/ 171). .
ملحوظة: جاءت التَّسميةُ بالفعلِ في اللَّهجاتِ الجنوبيَّةِ للدَّلالةِ على الثُّبوتِ، مثل: يَعرُب، ويَشجُب، ويَحصُب، ويَثرِب، وتَبُوك.
6- العَلَمَيَّةُ مع العَدلِ:
يُمنَعُ من الصَّرفِ ما كان عَلَمًا معْدولًا عن وزنٍ آخَر، والعَدْلُ: اشتقاقُ اسمٍ عن اسمٍ على طريقِ التغييرِ له؛ مِثلُ: عُمَرَ، فإنَّه معْدولٌ عن (عامر)، وزُفَر؛ فإنَّه معدولٌ عن (زافِر)، وزُحَل معدولٌ عن (زاحِل).
تَقولُ: فُتِحَت مِصْرُ في خِلافة عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.
فُتِح: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والتاءُ تاءُ التأنيثِ حَرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
مِصرُ: نائِبُ فاعِلٍ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ، ولم تُنَوَّن؛ لأنَّها ممنوعةٌ من الصَّرفِ.
في: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
خلافةِ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(في)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
عُمَر: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفَتحةُ نِيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
ومَعرِفةُ العدْلِ تكونُ عن طريقِ السَّماعِ مِنَ العَرَبِ، وليس القياسِ، فلا يُدرَكُ إلا بالنَّصِّ؛ فإنَّ بَعْضَ الكَلِمات على وزن (فُعَل) وليست معْدولةً؛ كرُطَب وأُدَد، فإذا سَمَّيتَ بهما شخصًا تكونُ مَصْروفةً يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (1/ 174، 175)، ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (3/ 1473). .
كذلك من العدْل كَلِمةُ (سَحَر)؛ فإنَّها من المعدول، وذلك إذا أرَدْنا بها سَحَرَ يومٍ بعَينِه؛ فإذا قلتُ: جئتُ يومَ الجُمُعةِ سَحَرَ؛ فـ(سَحَر): ظرفُ زَمانٍ مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ، ولم يُنوَّن كما يُنَوَّن: صَباحًا، مساءًا، ظُهرًا ...؛ لأنَّها معْدولةٌ، وإنما اعتُبِرت عَلَمًا؛ لأنَّها دلَّت بالعَلَميَّةِ على هذا الجُزءِ مِنَ اللَّيلِ.
أمَّا إذا أرَدْتَ سَحَرَ أيِّ يومٍ لا يومٍ بعَينِه، فتصْرِفُها، تَقولُ: أُحِبُّ أن تأتيَني سَحَرًا عن أن تأتيَني ظُهرًا يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1217)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (2/ 754). .
بعضُ تلك الأنواعِ مِنَ الممنوعِ من الصَّرفِ إن أتت نَكِرةً غيرَ مَعرِفةٍ صُرِفَت، وهي العَلَمُ الأعجَمِيُّ، والعَلَمُ المزيدُ بالألِفِ والنُّونِ، والعَلَمُ المُؤَنَّثُ الحقيقيُّ أو المجازيُّ بالتاءِ، والعَلَمُ المركَّبُ، والعَلَمُ الذي على وَزنِ الفِعْلِ، وما فيه ألِفُ الإلحاقِ، والعَلَمُ المعدولُ.
فتَقولُ: رُبَّ (رُبَّ) لا تدخُلُ على المعْرِفةِ، بل على النَّكِرةِ. مَعْديكربٍ وعِمرانٍ وطَلحةٍ وسُعادٍ وإبراهيمٍ وأحمَدٍ وأرطًى وعُمَرٍ لَقِيتُهم، تريدُ أيَّ رَجُلٍ اسمُه مَعْدِيكَرِب أو عِمْران أو طَلحة ... لا تريدُ رجلًا بعَينِه، فذهَبَت العَلَمِيَّةُ حينئذٍ، فاقتضى ذلك صَرْفَها يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 469)، ((شرح ألفية ابن مالك)) للأشموني (3/ 169). .
ثانيًا: الوَصفِيَّةُ
الوَصفِيَّةُ ثانِيَةُ العِلَلِ المعنويَّةِ المَشروطةِ في المنْعِ مِنَ الصَّرفِ إضافةً إلى العَلَمِيَّةِ، على أنَّه ليس المرادُ بالوَصفِيَّةِ هنا النعْتَ؛ لأنَّه صِفةٌ، بل المرادُ منها الأسماءُ المشتقَّةُ التي ليست أعلامًا.
فكلُّ ما فيه عِلَّةُ الوَصفِيَّةِ مع إحدى العِلَلِ الآتية يُمنَعُ مِنَ الصَّرفِ:
1- ما كان على فَعْلَان ومُؤَنَّثه فَعلى:
كُلُّ وَصفٍ كان على وَزنِ (فَعلانَ) ومُؤَنَّثُه (فَعْلى) يُعرَفُ ذلك بالرُّجوعِ إلى معاجِمِ اللُّغةِ. ، مُنع من الصَّرفِ؛ مثل: سَكْران وغَضْبان وعَطْشان، فمُؤَنَّثُها: سَكرى وغَضبى وعَطْشى.
تَقولُ: قَبَض الشُّرطيُّ على رجلٍ سكرانَ، وعلى امرأةٍ سَكْرى.
قبَضَ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
الشُّرطيُّ: فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
على رجلٍ: (على) حَرفُ جَرٍّ، ورجُلٍ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(على)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
سَكرانَ: نعتٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، والمانع له عِلَّتانِ: العَلَميةُ، وزِيادةُ الألِفِ والنُّونِ.
وعلى امرأةٍ: الواو حرفُ عطفٍ، و(على) حَرفُ جَرٍّ، امرأةٍ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(على)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
سَكْرى: نعتٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ المُقَدَّرة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ، والمانعُ له عِلَّةٌ واحدةٌ: ألِفُ التَّأنيثِ المقصورةُ.
ويظهرُ المنعُ مِنَ الصَّرفِ في «سَكْرانَ» في الجَرِّ بالفتحةِ وعَدَمِ قَبولِه التنوينَ، وفي «سَكْرى» بعدمِ تنوينِها تنوينَ التمكينِ، مِثلُ (هُدًى).
أمَّا إن كان (فعلان) مُؤَنَّثُه (فَعْلانة) فإنَّه لا يُمنَعُ من الصَّرفِ، نَحْوُ: نَدْمان ومُؤَنَّثُه نَدْمانة، وسَيْفان ومُؤَنَّثه سَيْفانة، وعُرْيان ومُؤَنَّثُه عُرْيانة.
تَقولُ: هذا الرَّجُلُ نَدْمانٌ، مررتُ برجلٍ نَدْمانٍ.
هذا: اسمُ إشارةٍ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
الرَّجُلُ: بَدَلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ.
نَدْمانٌ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
وقد ظهر أثَرُ الصَّرفِ في تنوينِه تنوينَ التمكينِ.
ومنه قَولُه تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا [البقرة: 264] فصَفْوانٌ واحِدُه: صَفْوانةٌ؛ فلِذا صُرِفَ ولم يُمنَعْ.
أمَّا إن كانت الصِّفةُ على (فَعْلان) ولا مُؤَنَّث له، مِثلُ: (لحْيَان) أي: كبيرُ اللِّحْيةِ، و(رحْمَن) وهو خاصٌّ باللهِ تعالى، فقد اختُلِف في صرْفِه ومنْعِه؛ فذهب البعضُ إلى صَرْفِه؛ لأنَّه ليس مُذَكَّر (فَعْلى)، وذهب آخَرون إلى مَنعِه مِنَ الصَّرفِ؛ لأنَّ الاستثناءَ هو ما كان مُذَكَّر (فعْلانة) فحَسْبُ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 452)، ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (1/ 157). .
وهذا النوعُ إنِ اقترن بـ(أل) أو أُضيف جُرَّ بالكَسرةِ؛ تَقولُ: مررتُ بالرَّجُلِ السَّكرانِ فنَهَرْتُه.
2- الوَصفُ مع وَزنِ الفِعْلِ:
وهو ما كان على وزْنِ (أفعل)، مِثلُ: أحمَر وأكْرَمَ وأحْسَنَ وأفضَلَ، بشَرطِ ألَّا تلحَقَه تاءُ التأنيثِ.
تَقولُ: فُوجِئتُ بوردٍ أحمرَ على مَكتَبي.
فوجئتُ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِه بتاءِ الفاعِلِ، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
بوَردٍ: الباءُ حَرفُ جَرٍّ، وَرْد: اسمٌ مَجرورٌ بالباء، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
أحمرَ: نعْتٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
ومنه قَولُه تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا [النساء: 86] ؛ فجُرَّ (أحسَنَ) بالفتحةِ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
فإن أُضِيف أو اقتَرَن بـ(أل) جُرَّ بالكَسرةِ؛ قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء: 145] ، وقال تعالى: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: 96] .
فإن كان (أفعَلُ) صفةً تلحَقُها التاءُ، مِثلُ: أرْمَل لم يُمنَعْ من الصَّرفِ؛ تَقولُ: رجلٌ أرمَلٌ وامرأةٌ أرملةٌ.
ويُشترَطُ أن تكونَ الصِّفةُ أصليَّةً، فإن كانت الوَصفِيَّةُ عارضةً لم تُمنَعِ الصِّفةُ من الصَّرفِ، وذلك مِثْلُ (أَرْبَع) و(أَرْنَب) في قَولِك: مررتُ بنساءٍ أربَعٍ، ورجُلٍ أرنْبٍ. فـ(أربع) في الأصلِ اسمٌ للعَدَدِ، ثم وُصِفَ به، فكأنَّك قُلتَ: بنساءٍ مَعدوداتٍ بأربَعٍ. و(أَرْنَب) اسمٌ للحيوانِ المعروفِ، ثمَّ أُريدَ به معْنى الجَبانِ والذَّليلِ، فالوَصفُ بهما عارِضٌ، والعارِضُ طارئٌ لا حُكمَ له، ومِن ثَمَّ لم يؤثِّرْ في منْعِهما مِنَ الصَّرفِ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 453)، ((شرح ألفية ابن مالك)) للأشموني (3/ 140). .
3- الوَصفُ مع العَدْلِ:
ذكَرْنا تعريفَ العدْلِ عند الحديثِ عن العَلَمِ المعدولِ الممنوعِ من الصَّرفِ.
والعَدْلُ كما يدخُلُ في العَلَميَّةِ يدخُلُ في الوَصفِيَّةِ، وذلك في أسماءِ العَدَدِ التي على وَزنِ (فُعَالَ) و(مَفْعَل)، مِثلُ: أُحادَ مَوْحَد، ثُناءَ مَثْنَى، وثُلَاثَ مَثْلَث، ورُباَع مَرْبَع؛ فإنَّها معدولةٌ عن: واحِد واحِد، اثنتَين اثنتينِ، وثلاثةٍ ثلاثةٍ، وأربعةٍ أربعةٍ.
وهذه الأوصافُ ممنوعةٌ مِنَ الصَّرفِ؛ قال تعالى: جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [فاطر: 1] ؛ فإنَّ (مَثْنَى) نعتٌ لـ(أَجْنِحَة) مجرورةٌ، وعَلامةُ جَرِّها الفتحةُ المقدَّرةُ، ولو كانت مصروفةً لنُوِّنَت، وثُلَاث: معطوفٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّها ممنوعةٌ من الصَّرفِ، وكذلك (رُبَاع).
وكذلك من المعدولِ كَلِمةُ (أُخَر) المعدولةُ عن (آخَر)، وهي جمعُ (أُخرى) أُنثى (آخَر)، لا جمعُ (أُخرى) التي بمعنى (آخِرة).
فهذه الكَلِمةُ أيضًا ممنوعةٌ من الصَّرفِ للوَصفِ والعَدْلِ؛ قال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184] ؛ فكَلِمةُ (أُخَر): نعتٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحةُ نيابةً عن الكَسرةِ؛ لأنَّها ممنوعةٌ من الصَّرفِ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 456)، ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 855). .
فائدةٌ في صَرفِ الممنوعِ للضَّرورةِ الشِّعْريَّةِ:
قد يُصرَفُ الممنوعُ من الصَّرفِ للضَّرورةِ الشِّعريَّةِ، كما يُمنَعُ المصروفُ كذلك، ومِثالُ صَرفِ ما لا يَنصَرِفُ قَولُ الشَّاعِرِ:
إنِّي مقَسِّمُ ما ملَكْتُ فجاعِلٌ
جَرْمًا لآخِرَتي ودنيًا تنفَعُ
بتنوينِ "دُنيًا"، وهي ممنوعةٌ من الصَّرفِ لِما فيها من ألفِ التأنيثِ.
ومنه قَولُ امرئِ القَيسِ:
ويَومَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزةٍ
فقَالَتْ لك الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي
فصَرَفَ "عُنَيزة" وهي عَلَمٌ مُؤَنَّثٌ.
وقال النَّابغةُ الذُّبيَاني:
فلتَأْتِيَنْكَ قَصائِدٌ وليركَبَنْ
جَيشٌ إليك قَوادِمَ الأكوارِ
فصَرَف "قصائِد" وهي ممنوعةٌ من الصَّرفِ؛ لأنَّها صيغةُ مُنتهى الجُموعِ.
وقد يكونُ صَرفُ الممنوعِ في غيرِ الشِّعرِ؛ كالتناسُبِ مثلًا، وذلك كقراءةِ نافعٍ وأبي بكرٍ والكِسائيِّ يُنظَر: ((السبعة في القراءات)) لابن مجاهد (ص: 663)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 737). : إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا [الإنسان: 4] ؛ حيث قُرِئَت: «سَلاسِلًا» بالتنوينِ، وهي ممنوعةٌ من الصَّرفِ؛ لأنَّها صيغةُ منتهى الجُموعِ، وجاز هنا صَرْفُها لتجاوُرِها مع (أغلالًا وسعيرًا)، ومِثلُ قِراءةِ ابنِ مَسعودٍ والأعمَشِ يُنظَر: ((إعراب القراءات السبع وعللها)) لابن خالويه (2/ 396). : وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح: 23] ؛ قرَآَها: (يَغُوثًا ويَعُوقًا) للتَّناسُبِ مع ما قبلها وما بَعْدَها.
وأمَّا مَنعُ ما ينصَرِفُ للضرَّورةِ فجائِزٌ أيضًا، ومنه قَولُ عَبَّاسِ بنِ مِرداسٍ الصَّحابيِّ رَضِيَ اللهُ عنه:
وما كان حِصنٌ ولا حابِسٌ
يَفوقانِ مِرداسَ في مَجمَعِ
والأصلُ: "مِرْداسًا" فحَذَف التنوينَ لضَرورةِ الشِّعرِ يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك = المقاصد الشافية)) للشاطبي (5/ 687)، ((شرح الألفية في علمي الصرف والنحو)) للمكودي (ص: 276). .


انظر أيضا: