الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّامِنُ: إبراءُ المرضى

ومن ذلك: إبراؤه عَينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ يَومَ خَيْبَرَ: ((لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَه، ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، قالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ [1008] قال النووي: (أي: يخوضون ويتحدَّثون في ذلك) ((شرح مسلم)) (15/ 178). لَيْلَتَهُمْ: أيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا، فَقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ؟ فقِيلَ: هو -يا رَسولَ اللَّهِ- يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قالَ: فأَرْسِلُوا إلَيْهِ. فَأُتِيَ به فَبَصَقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عَيْنَيْهِ ودَعَا له، فَبَرَأَ حتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وجَعٌ، فأعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حتَّى يَكونُوا مِثْلَنَا؟ فَقالَ: انْفُذْ علَى رِسْلِكَ [1009] قال عياض: (قولُه: "انفُذْ على رِسْلِك": أي: سِرْ على تُؤَدَتِك، وليِّن سَيرَك). ((إكمال المعلم)) (7/ 418). حتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ؛ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ [1010] قال عياض: (حُمْرُ النَّعَمِ هي الإبِلُ، والحُمْرُ من الألوانِ أشرَفُها، والإبِلُ أفضَلُ أموالِ العَرَبِ). ((إكمال المعلم)) (7/ 418). ) [1011] رواه البخاري (4210) واللَّفظُ له، ومسلم (2406). .
قال عِياضٌ: (في هذا الخبرِ علامتانِ مِن علاماتِ نبُوَّتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: قوليَّةٌ وفِعليَّةٌ، فالقوليَّةُ: إعلامُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ اللهَ يفتحُ على يَدَيْ عليٍّ، فكان كذلك. والفِعليَّةُ: بُصاقُ النَّبِيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في عينيه، وكان أرمَدَ، فبَرَأ) [1012] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (7/ 416). .
ومن ذلك: إبراءُ ساقِ سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه.
عن يزيدَ بنِ أبي عبيدٍ قال: ((رَأَيْتُ أثَرَ ضَرْبَةٍ في سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلتُ: يا أبَا مُسْلِمٍ، ما هذِه الضَّرْبَةُ؟ فَقَالَ: هذِه ضَرْبَةٌ أصَابَتْنِي يَومَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَنَفَثَ فيه ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ، فَما اشْتَكَيْتُهَا حتَّى السَّاعَةِ )) [1013] رواه البخاري (4206). .
ومن ذلك: إبراؤه ساقَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَتِيكٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
عن البراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((بَعَثَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أبِي رَافِعٍ اليَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ الأنْصَارِ، فأمَّرَ عليهم عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَتِيكٍ، وكانَ أبو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُعِينُ عليه، وكانَ في حِصْنٍ له بأَرْضِ الحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا منه وقدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ورَاحَ النَّاسُ بسَرْحِهِمْ، فَقالَ عبدُ اللَّهِ لأصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فإنِّي مُنْطَلِقٌ، ومُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ؛ لَعَلِّي أنْ أدْخُلَ... ثُمَّ وضَعْتُ ظُبَةَ السَّيْفِ [1014] قال ابن الأثير: (هو طَرَفُه). ((النهاية)) (3/ 155). في بَطْنِهِ حتَّى أخَذَ في ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أنِّي قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أفْتَحُ الأبْوَابَ بَابًا بَابًا، حتَّى انْتَهَيْتُ إلى دَرَجَةٍ له، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وأَنَا أُرَى أنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إلى الأرْضِ، فَوَقَعْتُ في لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي فَعَصَبْتُهَا بعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حتَّى جَلَسْتُ علَى البَابِ، فَقُلتُ: لا أخْرُجُ اللَّيْلَةَ حتَّى أعْلَمَ: أقَتَلْتُهُ؟ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي علَى السُّورِ، فَقالَ: أنْعَى أبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أهْلِ الحِجَازِ، فَانْطَلَقْتُ إلى أصْحَابِي، فَقُلتُ: النَّجَاءَ [1015] أي: أسرِعوا. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (7/ 345). ؛ فقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَحَدَّثْتُهُ، فَقالَ: ابْسُطْ رِجْلَكَ، فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا، فَكَأنَّهَا لَمْ أشْتَكِهَا قَطُّ [1016] قال الطيبي: (أي: كأنها لم تتوجَّعْ قطُّ). ((شرح المشكاة)) (12/3762). ) [1017] رواه البخاري (4039). .

انظر أيضا: