الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّالِثُ: حَنينُ الجِذْعِ إليه

عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَقُومُ يَومَ الجُمُعَةِ إلى شَجَرَةٍ -أَوْ نَخْلَةٍ- فَقالتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ -أَوْ رَجُلٌ-: يا رَسولَ اللَّهِ، أَلَا نَجْعَلُ لكَ مِنْبَرًا؟ قالَ: إنْ شِئْتُمْ. فَجَعَلُوا له مِنْبَرًا، فَلَمَّا كانَ يَومُ الجُمُعَةِ دُفِعَ إلى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَضَمَّهُ إلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الذي يُسَكَّنُ. قالَ: كَانَتْ تَبْكِي علَى ما كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا )) [944] رواه البخاري (3584). .
وفي روايةٍ قال جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه: ((كانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا علَى جُذُوعٍ مِن نَخْلٍ، فَكانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذَا خَطَبَ يَقُومُ إلى جِذْعٍ منها، فَلَمَّا صُنِعَ له المِنْبَرُ وكانَ عليه، فَسَمِعْنَا لِذلكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ [945] قال العيني: (هو جمع: عشراء، وهي الناقة التي أتت عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر). ((عمدة القاري)) (16/ 129). ، حتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ )) [946] رواها البخاري (3585). .
قال عَمرُو بنُ سوادٍ السَّرحيُّ: قال لي الشَّافعيُّ: (ما أعطى اللهُ نَبِيًّا ما أعطى مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).
فقلتُ: أعطى عيسى إحياءَ الموتى، فقال: (أعطى مُحَمَّدًا حنينَ الجِذْعِ الذي كان يَقِفُ يخطُبُ إلى جَنْبِه، حتى هُيِّئَ له المِنبَرُ، فلما هُيِّئَ له المِنبَرُ حَنَّ الجِذعُ حتى سُمِعَ صَوتُه، فهذا أكبَرُ من ذلك) [947] يُنظر: ((آداب الشافعي ومناقبه)) لابن أبي حاتم (ص: 62). .
وبوَّب البيهقيُّ في كِتابه (دلائل النُّبُوَّة): (بابُ ما جاء في حنينِ الجِذْعِ الذي كان يخطُبُ عنده رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين جاوزه إلى المِنبَرِ، وقد مضى بعضُ طُرُقِه عند ذِكرِ اتخاذِ المِنبَرِ، وفي ذلك دَلالةٌ ظاهِرةٌ مِن دَلالاتِ النُّبُوَّةِ) [948] (6/ 66). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ الجماداتِ قد يخلُقُ اللهُ لها إدراكًا كالحيوانِ، بل كأشرَفِ الحيوانِ، وفيه تأييدٌ لِقَولِ من يَحمِلُ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ على ظاهِرِه) [949] يُنظر: ((فتح الباري)) (6/ 603). .

انظر أيضا: