موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشِرًا: حُكمُ النَّميمةِ وما يباحُ منها


النَّميمةُ مُحَرَّمةٌ بالكِتابِ، والسُّنَّةِ، والإجماعِ، وهي من كبائِرِ الذُّنوبِ.
وممَّن نقل الإجماعَ على حُرمةِ النَّميمةِ ابنُ حَزمٍ والنَّوويُّ:
قال ابنُ حَزمٍ: (واتَّفَقوا على تحريمِ الغِيبةِ والنَّميمةِ في غيرِ النَّصيحةِ الواجِبةِ) [7054] ((مراتب الإجماع)) (ص: 156). .
وقال النَّوويُّ: (وأمَّا حُكمُهما أي: الغِيبةِ والنَّميمةِ، فهما محرَّمتانِ بإجماعِ المُسلِمين، وقد تظاهَرَ على تحريمِهما الدَّلائلُ الصَّريحةُ من الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأمَّةِ) [7055] ((الأذكار)) (ص: 336). .
وقال ابنُ بازٍ: (هي من الكبائِرِ ومِن أسبابِ البَغْضاءِ والشَّحناءِ بَيْنَ المُسلِمين؛ فالواجِبُ الحَذَرُ منها) [7056] ((فتاوى نور على الدرب لابن باز)) جمع: محمد الشويعر (14/125). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (النَّميمةُ من كبائِرِ الذُّنوبِ، وهي سبَبٌ لعذابِ القَبرِ، ومن أسبابِ حِرمانِ دُخولِ الجنَّةِ) [7057] ((مجموع فتاوى ورسائل بن عثيمين)) جمع وترتيب: فهد السليمان (9/524). .
لكن إن دَعَت إليها حاجةٌ فلا تحرُمُ، وذلك كتحذيرِ إنسانٍ ممَّن يريدُ قَتْلَه أو الإضرارَ به أو بأهلِه أو بمالِه، أو دلالةِ أصحابٍ على من يسعى بما فيه مفسَدةٌ، وقد يكونُ بعضُ ذلك واجبًا وبعضُه مُستحَبًّا [7058] ((شرح النووي على مسلم)) (2/ 113). .
قال ابنُ كثيرٍ: (النَّميمةُ على قِسمَينِ، تارةً تكونُ على وَجهِ التَّحريشِ بَيْنَ النَّاسِ وتفريقِ قُلوبِ المُؤمِنين، فهذا حرامٌ متَّفَقٌ عليه. فأمَّا إذا كانت على وَجهِ الإصلاحِ بَيْنَ النَّاسِ وائتلافِ كَلِمةِ المُسلِمين... أو يكونُ على وَجهِ التَّخذيلِ والتَّفريقِ بَيْنَ جموعِ الكَفَرةِ، فهذا أمرٌ مطلوبٌ، كما جاء في الحديثِ: ((الحَربُ خَدْعةٌ)) [7059] رواه البخاري (3030)، ومسلم (1739) من حديثِ جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما. . وكما فَعَل نعيمُ بنُ مَسعودٍ في تفريقِه بَيْنَ كَلِمةِ الأحزابِ وبَينَ قُرَيظةَ، وجاء إلى هؤلاء فنَمى إليهم عن هؤلاء كَلامًا، ونَقَل من هؤلاءِ إلى أولئك شَيئًا آخَرَ، ثمَّ لأَمَ بَيْنَ ذلك، فتناكَرَت النُّفوسُ وافتَرَقَت. وإنَّما يحذو على مِثلِ هذا الذَّكاءِ والبصيرةِ النَّافذةِ. واللَّهُ المستعانُ) [7060] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 371). .

انظر أيضا: