موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذجُ من مَكرِ اليهودِ


منها ما جاء في قَولِه تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [آل عمران: 54] ، قال الشِّنقيطيُّ: (لم يُبَيِّنْ هنا مَكرَ اليهودِ بعيسى، ولا مَكرَ اللَّهِ باليهودِ، ولكِنَّه بَيَّنَ في موضِعٍ آخَرَ أنَّ مَكْرَهم به محاوَلتُهم قَتْلَه، وذلك في قولِه: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ [النساء: 157] ، وبيَّن أنَّ مَكْرَه بهم إلقاؤه الشَّبَهَ على غيرِ عيسى وإنجاؤُه عيسى عليه وعلى نبيِّنا الصَّلاةُ والسَّلامُ، وذلك في قَولِه: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء: 157] ، وقَولِه: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ الآية [النساء: 157 - 158] ) [6712] ((أضواء البيان)) (1/ 201). .
ومنها محاولةُ تشكيكِ المُسلِمين في دينِهم؛ قال اللَّهُ تعالى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران: 72] .
قال ابنُ كثيرٍ: (هذه مَكيدةٌ أرادوها ليَلبِسوا على الضُّعفاءِ من النَّاسِ أمرَ دِينِهم، وهو أنَّهم اشتَوَروا بَيْنَهم أن يُظهِروا الإيمانَ أوَّلَ النَّهارِ ويُصَلُّوا مع المُسلِمين صلاةَ الصُّبحِ، فإذا جاء آخِرُ النَّهارِ ارتَدُّوا إلى دينِهم؛ ليَقولَ الجَهَلةُ من النَّاسِ: إنَّما رَدَّهم إلى دينِهم اطِّلاعُهم على نقيصةٍ وعَيبٍ في دينِ المُسلِمين! ولهذا قالوا: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
قال ابنُ أبي نجيحٍ، عن مجاهِدٍ، في قَولِه تعالى إخبارًا عن اليهودِ بهذه الآيةِ: يعني يهودَ، صَلَّت مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفَجرِ وكَفَروا آخِرَ النَّهارِ، مَكرًا منهم، ليُروا النَّاسَ أنْ قد بَدَت لهم منه الضَّلالةُ، بعد أن كانوا اتَّبَعوه) [6713] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 59). .
ومنها تفضيلُ المُشرِكين على المُؤمِنين؛ قال اللَّهُ تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا قال الرَّازيُّ: (اعلَمْ أنَّه تعالى حكى عن اليهودِ نوعًا آخَرَ من المَكْرِ، وهو أنَّهم كانوا يُفَضِّلون عَبَدةَ الأصنامِ على المُؤمِنين، ولا شَكَّ أنَّهم كانوا عالِمين بأنَّ ذلك باطِلٌ، فكان إقدامُهم على هذا القَولِ لمحضِ العِنادِ والتَّعصُّبِ) [6714] ((مفاتيح الغيب)) للرازي (10/ 101). .

انظر أيضا: