موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ المَكْرِ والكَيدِ


أقسامُ المَكْرِ:
قال الرَّاغِبُ: (المَكْرُ: صَرفُ الغَيرِ عمَّا يقصِدُه بحيلةٍ، وذلك ضربانِ: مَكرٌ محمودٌ، وذلك أن يتحرَّى بذلك فِعلَ جَميلٍ... ومذمومٌ، وهو أن يتحَرَّى به فِعلَ قَبيحٍ) [6692] ((المفردات في غريب القرآن)) (ص: 772). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (المَكْرُ ينقَسِمُ إلى محمودٍ ومذمومٍ؛ فإنَّ حقيقتَه إظهارُ أمرٍ وإخفاءُ خلافِه؛ ليتوصَّلَ به إلى مرادِه.
فمِن المحمودِ: مَكرُه تعالى بأهلِ المَكْرِ؛ مقابلةً لهم بفِعلِهم، وجزاءً لهم بجِنسِ عَمَلِهم.
قال تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال: 30] ، وقال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [النمل: 50] ) [6693] ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) (1/388). .
وقال الرَّاغِبُ الأصفَهانيُّ: (المَكْرُ والخديعةُ متقاربانِ، وهما اسمانِ لكُلِّ فِعلٍ يَقصِدُ فاعِلُه في باطِنِه خِلافَ ما يقتَضيه ظاهِرُه، وذلك ضربانِ:
1- أحَدُهما مذمومٌ: وهو الأشهَرُ عِندَ النَّاسِ والأكثَرُ، وذلك أن يَقصِدَ فاعِلُه إنزالَ مَكروهٍ بالمخدوعِ، وهو الذي قصَدَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِه: ((المَكْرُ والخديعةُ في النَّارِ)) [6694] أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (2/161)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (11106)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (49/423) من حديثِ قيسِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، بلفظِ: (لولا أنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: المكرُ والخديعةُ في النَّارِ، لكُنتُ مِن أمكَرِ النَّاسِ). صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6725)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (3/107)، وقال ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (4/417): (إسنادُه لا بأسَ به). وأخرجه ابن حبان (5559)، والطبراني (10/169) (10234)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/189) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: ((مَن غَشَّنا فليس منَّا، والمكرُ والخِداعُ في النَّارِ)). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6408)، وحسَّن إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5559). ، والمعنى: أنَّهما يؤدِّيان بقاصِدِهما إلى النَّارِ.
2- والثَّاني: على عَكسِ ذلك، وهو أن يقصِدَ فاعِلُهما إلى استجرارِ المخدوعِ والممكورِ به إلى مَصلحةٍ لهما، كما يُفعَلُ بالصَّبيِّ إذا امتَنَع من تعَلُّمِ خيرٍ) [6695] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص: 255). .

انظر أيضا: