موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشرًا: مسائِلُ مُتفرِّقةٌ


بَشاشتُك وطَلاقةُ وَجهِك أقوى سَهمٍ لصيدِ القُلوبِ:
اعلَمْ أنَّ بَشاشتَك وابتِسامتَك وطَلاقةَ وَجهِك هي مِفتاحُك لكسبِ القُلوبِ، واستِمالةِ النُّفوسِ، وجَلبِ المودَّةِ والمحبَّةِ؛ قال ابنُ عُيَينةَ: (البَشاشةُ مَصيَدةُ المودَّةِ) [1357] ((فيض القدير)) للمناوي (3/226). . وقيل: البَشاشةُ فخُّ المودَّةِ [1358] يُنظر: ((نثر الدر في المحاضرات)) للآبي (1/194). .
كيف كانت بَشاشةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتبسُّمُه؟
يقولُ ابنُ القيِّمِ: (كان جُلَّ ضحِكِه التَّبسمُّ، بل كُلُّه التَّبسُّمُ، فكان نهايةَ ضحِكِه أن تبدوَ نواجِذُه، وكان يضحَكُ ممَّا يُضحَكُ منه، وهو ممَّا يُتعجَّبُ مِن مِثلِه، ويُستغرَبُ وُقوعُه ويُستندَرُ، وللضَّحِكِ أسبابٌ عديدةٌ هذا أحدُها. والثَّاني: ضحِكُ الفَرحِ، وهو أن يرى ما يسُرُّه أو يُبَشِّرُه. والثَّالثُ: ضحِكُ الغَضبِ، وهو كثيرًا ما يَعتري الغَضبانَ إذا اشتدَّ غَضبُه، وسَببُه تعجُّبُ الغَضبانِ ممَّا أَورَدَ عليه الغَضَبَ، وشُعورُ نَفسِه بالقُدرةِ على خَصمِه وأنَّه في قَبضتِه، وقد يكونُ ضحِكُه لمَلكِه نَفسَه عندَ الغَضبِ، وإعراضِه عمَّن أغضَبه، وعَدمِ اكتِراثِه به) [1359] ((زاد المعاد)) (1/176). .
بَشاشةُ السُّلطانِ:
قال ابنُ حِبَّانَ: (لا يجِبُ للسُّلطانِ أن يُفرِطَ البَشاشةَ والهَشاشةَ للنَّاسِ، ولا أن يُقِلَّ منهما؛ فإنَّ الإكثارَ منهما يُؤدِّي إلى الخِفَّةِ والسُّخْفِ، والإقلالُ منهما يُؤدِّي إلى العُجبِ والكِبرِ) [1360] ((روضة العقلاء)) (ص: 269). .
التَّوسُّطُ في البَشاشةِ:
قال ابنُ القيِّمِ: (طَلاقةُ الوَجهِ والبِشرُ المحمودُ وسَطٌ بَينَ التَّعبيسِ والتَّقطيبِ وتصعيرِ [1361] التَّصعيرُ: إمالةُ الخَدِّ عن النَّظَرِ إلى النَّاسِ تهاوُنًا من كِبرٍ كأنَّه مُعرِضٌ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/356). الخدِّ وطيِّ البِشْرِ عن البَشَرِ، وبَينَ الاستِرسالِ معَ كُلِّ أحدٍ؛ بحيثُ يُذهِبُ الهَيبةَ، ويُزيلُ الوَقارَ، ويُطمِعُ في الجانِبِ، كما أنَّ الانحِرافَ الأوَّلَ يوقِعُ الوَحشةَ والبِغْضةَ والنُّفرةَ في قُلوبِ الخَلقِ، وصاحِبُ الخُلقِ الوَسطِ مَهيبٌ محبوبٌ، عزيزٌ جانِبُه، حبيبٌ لِقاؤُه. وفي صفةِ نبيِّنا: مَن رآه بديهةً [1362] البديهةُ: أوَّلُ كُلِّ شيءٍ وما يَفجَأُ منه. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (13/475). هابه، ومَن خالَطه عِشرةً أحبَّه) [1363] ((مدارج السالكين)) (2/311). .

انظر أيضا: