موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: دَرَجاتُ الكِبْرِ


يقولُ ابنُ قُدامةَ المَقدِسيُّ: (واعلَمْ‏‏ أنَّ العُلَماءَ والعُبَّادَ في آفةِ الكِبْرِ على ثلاثِ دَرَجاتٍ‏:‏
- الأولى‏:‏ أن يكونَ الكِبْرُ مُستقرًّا في قلبِ الإنسانِ منهم، فهو يرى نفسَه خيرًا من غيرِه، إلَّا أنَّه يجتَهِدُ ويتواضَعُ، فهذا في قَلبِه شجرةُ الكِبْرِ مغروسةٌ، إلَّا أنَّه قد قطَع أغصانَها‏.‏
- الثَّانيةُ‏:‏ أن يُظهِرَ لك بأفعالِه من التَّرفُّعِ في المجالِسِ، والتَّقدُّمِ على الأقرانِ، والإنكارِ على من يُقصِّرُ في حقِّه، فترى العالمَ يُصَعِّرُ [5945] صَعَّر خَدَّه: أماله من الكِبرِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/456). خَدَّه للنَّاسِ، كأنَّه مُعرِضٌ عنهم، والعابِدُ يعيشُ ووجهُه كأنَّه مستقذِرٌ لهم، وهذان قد جَهِلا ما أدَّب اللهُ به نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم، حينَ قال‏: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: ‏215].
- الدَّرجةُ الثَّالثةُ‏:‏ أن يُظهِرَ الكِبْرَ بلسانِه، كالدَّعاوى والمفاخِرِ، وتزكيةِ النَّفسِ، وحكاياتِ الأحوالِ في مَعرِضِ المفاخرةِ لغيرِه، وكذلك التَّكبُّرُ بالنَّسَبِ؛ فالذي له نَسَبٌ شريفٌ يستحقِرُ من ليس له ذلك النَّسَبُ وإن كان أرفَعَ منه عملًا‏.‏ قال ابنُ عبَّاسٍ‏:‏ يقولُ الرَّجُلُ للرَّجُلِ‏:‏ أنا أكرَمُ منك، وليس أحدٌ أكرَمَ من أحدٍ إلَّا بالتَّقوى‏.‏ قال اللهُ تعالى‏:‏ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [‏الحجرات‏: ‏13]، ‏وكذلك التَّكبُّرُ بالمالِ، والجَمالِ، والقُوَّةِ، وكثرةِ الأتباعِ، ونحوِ ذلك) [5946] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (292، 293). .

انظر أيضا: