موسوعة الأخلاق والسلوك

ثامنًا: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


من علاماتِ الفاجِرِ:
من علاماتِ الفاجِرِ: الحِرصُ، وكان يقالُ: (اثنانِ لا يجتَمِعانِ: القُنوعُ والحَسَدُ، واثنانِ لا يفتَرِقانِ أبدًا: الحِرصُ والفُجورُ) [5754] يُنظر: ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان (9/132). .
ومنها: أنَّه يظهَرُ عِندَ نزولِ البلايا، قال شُمَيطُ بنُ عَجلانَ: (إنَّ العافيةَ سَتَرَت البَرَّ والفاجِرَ، فإذا جاءت البلايا استبان عندَها الرَّجلانِ؛ فجاءت البلايا إلى المُؤمِنِ فأذهبت مالَه وخادِمَه ودابَّتَه حتى جاع بعدَ الشِّبَعِ، ومشى بعدَ الرُّكوبِ، وخَدَم نفسَه بعدَ أن كان مخدومًا، فصَبَر ورَضِيَ بقضاءِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وقال: هذا نَظَرٌ من اللهِ عزَّ وجَلَّ لي، هذا أهوَنُ لحسابي غدًا. وجاءت البلايا إلى الفاجِرِ فأذهبت مالَه وخادِمَه ودابَّتَه، فجَزِع وهَلَع، وقال: واللَّهِ ما لي بهذا طاقةٌ، واللَّهِ لقد عوَّدْتُ نفسي عادةً ما لي عنها صبرٌ من الحُلوِ والحامِضِ، والحارِّ والبارِدِ، ولينِ العَيشِ، فإنْ هو أصابه من الحلالِ وإلَّا طَلَبه من الحرامِ والظُّلمِ؛ ليعودَ إليه ذلك العَيشُ!) [5755] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/ 205). .
وقال أبو سعيدٍ الخَرَّازُ: (العافيةُ ستَرَت البَرَّ والفاجِرَ، فإذا جاءت البلوى يتبيَّنُ عندها الرِّجالُ) [5756] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (1/ 529). .
ومنها: أنَّه يُعَيِّرُ ويَهتِكُ الأستارَ؛ قال الفُضيلُ بنُ عِياضٍ: (الغِبطةُ من الإيمانِ، والحسَدُ من النِّفاقِ، والمُؤمِنُ يَغبِطُ ولا يَحسُدُ، والمُنافِقُ يَحسُدُ ولا يَغبِطُ، والمُؤمِنُ يَستُرُ ويَعِظُ ويَنصَحُ، والفاجِرُ يَهتِكُ ويُعَيِّرُ ويُفشي) [5757] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 95). .
ومنها: أنَّه يُطلِقُ لسانَه ويسترسِلُ في كلامِه متهاوِنًا. عن إبراهيمَ التَّيميِّ، قال: (المُؤمِنُ إذا أراد أن يتكَلَّمُ نَظَر، فإن كان كلامُه له تكَلَّم، وإن كان عليه أمسَك عنه، والفاجِرُ إنَّما لسانُه رِسْلًا رِسْلًا) [5758] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (88، 421). .
غِيبةُ الفاجِرِ المُعلِنِ بفُجورِه:
قيل للحَسَنِ: الفاجِرُ المُعلِنُ بفُجورِه، ذكري له بما فيه، غِيبةٌ؟ قال: لا، ولا كرامةَ [5759] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (231). .
شيطانُ الفاجِرِ:
- وفي أثَرٍ عن بعضِ السَّلَفِ: أنَّ المُؤمِنَ يُنضي [5760] يُنْضي شيطانَه: أي: يهزِلُه. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/330). شيطانَه كما يُنضي الرَّجُلُ بعيرَه في السَّفرِ؛ لأنَّه كُلَّما اعتَرَضه صَبَّ عليه سِياطَ الذِّكرِ والتَّوجُّهِ والاستغفارِ والطَّاعةِ، فشَيطانُه معه في عذابٍ شديدٍ، ليس بمنزلةِ شَيطانِ الفاجِرِ الذي هو معه في راحةٍ ودَعةٍ؛ ولهذا يكونُ قَويًّا عاتيًا شديدًا [5761] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (2/479). .
متَّى يُقَدَّمُ الفاجِرُ:
- قال ابنُ تَيميَّةَ: (...الواجِبُ في كُلِّ ولايةٍ الأصلَحُ بحسَبِها، فإذا تعيَّن رجلانِ أحَدُهما أعظَمُ أمانةً، والآخَرُ أعظَمُ قُوَّةً؛ قُدِّم أنفَعُهما لتلك الولايةِ وأقَلُّهما ضررًا فيها، فيُقَدَّمُ في إمارةِ الحُروبِ الرَّجُلُ القَويُّ الشُّجاعُ وإن كان فيه فُجورٌ، على الرَّجُلِ الضَّعيفِ العاجِزِ وإن كان أمينًا، كما سُئِل الإمامُ أحمدُ عن الرَّجُلينِ يكونانِ أميرَينِ في الغَزْوِ، وأحَدُهما قويٌّ فاجِرٌ، والآخَرُ صالحٌ ضعيفٌ، مع أيِّهما يُغزى؟ فقال: أمَّا الفاجِرُ القَويُّ فقُوَّتُه للمُسلِمين، وفجورُه على نَفسِه، وأمَّا الصَّالحُ الضَّعيفُ فصلاحُه لنَفسِه، وضَعفُه على المُسلِمين، فيُغزى مع القَويِّ الفاجِرِ، وقد قال النَّبيُّ: ((إنَّ اللهَ يؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ)) [5762] رواه البخاري (3062)، ومسلم (111) مِن حديث أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ...، وإنْ لم يكُنْ فاجِرًا كان أَولى بإمارةِ الحَربِ ممَّن هو أصلَحُ منه في الدِّينِ، إذا لم يَسُدَّ مسَدَّه) [5763] ((مجموع الفتاوى)) (28/254). .
معرفةُ الفاجِرِ مِن وَجهِه:
 قال محمَّدُ بنُ واسِعٍ: (إنَّه ليُعرَفُ فُجورُ الفاجِرِ في وَجْهِه) [5764] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (3/ 175)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 350). .
وقال سَلمُ بنُ عَمرٍو:
لا تسألِ المرءَ عن خلائِقِه
في وَجهِه شاهِدٌ مِن الخَبَرِ [5765] ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص: 77)، ((لباب الآداب)) للثعالبي (ص: 176). .
أقوالٌ مُتفَرِّقةٌ عن الفاجِرِ:
- قال أبو حازمٍ سَلَمةُ بنُ دينارٍ: (أن يُبغِضَك عَدُوُّك المُسلِمُ خيرٌ لك من أن يحِبَّك خليلُك الفاجِرُ) [5766] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (3/ 245). .
- قال ابنُ المقَفَّعِ: (كان يقالُ: الرِّجالُ أربعةٌ: اثنانِ يُختَبَرُ ما عندهما بالتَّجرِبةِ، واثنانِ قد كُفِيتَ تَجرِبتَهما.
فأمَّا اللَّذانِ يُحتاجُ إلى تجربتِهما: فإنَّ أحَدَهما بَرٌّ كان مع أبرارٍ، والآخَرَ فاجِرٌ كان مع فُجَّارٍ؛ فإنَّك لا تدري لعَلَّ البَرَّ منهما إذا خالط الفُجَّارَ أن يتبَدَّلَ فيصيرَ فاجِرًا، ولعَلَّ الفاجِرَ منهما إذا خالَط الأبرارَ أن يتبَدَّلَ بَرًّا، فيتبَدَّلَ البَرُّ فاجِرًا، والفاجِرُ بَرًّا.
وأمَّا اللَّذانِ قد كُفِيتَ تَجربتَهما وتبَيَّنَ لك ضوءُ أمرِهما: فإنَّ أحَدَهما فاجِرٌ كان في أبرارٍ، والآخَرُ بَرٌّ كان في فُجَّارٍ) [5767] ((الأدب الصغير)) (ص: 54). .
- قال خالِدُ بنُ مَعدانَ: (إنَّ أدنى حالاتِ المُؤمِنِ أن يكونَ قائِمًا، وخيرَ حالاتِ الفاجِرِ أن يكونَ نائِمًا) [5768] ((الزهد)) لابن أبي عاصم (51)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (5/ 211). .
- وقال ابنُ المقَفَّعِ: (النَّاسُ على دينِ السُّلطانِ إلَّا القليلَ؛ فلْيَكُنْ للبَرِّ والمروءةِ عندَه نِفاقٌ، فسيَكسُدُ بذلك الفُجورُ والدَّناءةُ) [5769] يُنظر: ((نثر الدر في المحاضرات)) للآبي (4/171)، ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/587). .

انظر أيضا: