موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


الغِيبةُ لا تقتَصِرُ على اللِّسانِ:
إنَّ الشَّرعَ حَرَّم الغِيبةَ باعتبارِها تصريحًا باللِّسانِ يُفهَمُ منه استِنقاصُ الآخَرين وذِكرُ عُيوبِهم، وكذلك فإنَّ كُلَّ فِعلٍ أو حَرَكةٍ أو كتابةٍ تُوحي بالمقصودِ فهي غِيبةٌ.
قال النَّوويُّ: (الغِيبةُ: ذِكْرُك الإنسانَ بما يَكرَهُ؛ سواءٌ ذكَرْتَه بلفظِك أو في كتابِك، أو رمَزْتَ أو أشَرْتَ إليه بعينِك أو يَدِك أو رأسِك. وضابطُه: كُلُّ ما أفهَمْتَ به غيرَك نُقصانَ مُسلِمٍ فهو غِيبةٌ مُحرَّمةٌ) [5679] ((الأذكار)) (ص: 338). .
غِيبةُ العُلَماءِ ومَن لهم شأنٌ في الإسلامِ:
لا شَكَّ أنَّ الوقيعةَ في المُؤمِنين حرامٌ، وأنَّ أشَدَّ أنواعِها (غِيبةُ العُلَماءِ، والوقيعةُ في العُلَماءِ، والكلامُ على العُلَماءِ بما يَجرَحُهم...؛ لأنَّه يترَتَّبُ عليه فصلُ الأمَّةِ عن عُلَمائِها، ويترَتَّبُ عليه عدَمُ الثِّقةِ بأهلِ العِلمِ، وإذا حصَل هذا حصَل الشَّرُّ العظيمُ) [5680] ((ما يجب في التعامل مع العلماء)) صالح الفوزان (ص: 17). .
غِيبةُ الكافِرِ:
قولُ اللهِ تعالى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات: 12] استُدِلَّ به على أنَّ الاغتيابَ الممنوعَ اغتيابُ المُؤمِنِ، لا ذِكرُ الكافِرِ؛ وذلك لأنَّه شبَّهه بأكلِ لَحمِ الأخِ، وقال مِن قَبلُ: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] ، فلا أُخُوَّةَ إلَّا بَيْنَ المُؤمِنين، ولا مَنْعَ إلَّا من شيءٍ يُشبِهُ أكلَ لَحمِ الأخِ؛ ففي هذه الآيةِ نهيٌ عن اغتيابِ المُؤمِنِ دونَ الكافِرِ [5681] يُنظَر: ((تفسير الرازي)) (28/110). .
ومن أهلِ العِلمِ مَن فَصَّل فقال: أمَّا الحَربيُّ فلا تحرُمُ غِيبتُه، لكِنْ تُكرَهُ إذا اشتمَلَت على تنقيصِ خِلقتِه، وأمَّا الذِّمِّيُّ فكالمُسلِمِ فيما يرجِعُ إلى المنعِ من الإيذاءِ؛ لأنَّ الشَّرعَ عَصَم عِرضَه ودَمَه ومالَه [5682] يُنظَر: ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) للهيتمي (2/27)، ((تفسير الألوسي)) (13/311). .

انظر أيضا: