موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ من البِرِّ عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


- بِرُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّه وسَعيُه في إيصالِ الخَيرِ لها بعدَ مَوتِها.
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((استأذَنْتُ رَبِّي أن أستغفِرَ لأمِّي فلم يأذَنْ لي، واستأذَنْتُه أن أزورَ قَبْرَها فأَذِنَ لي)) [1220] أخرجه مسلم (976). .
- بِرُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَمِّه العبَّاسِ وإنزالُه مَنزِلةَ الوالِدِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُمَرَ على الصَّدقةِ فقيل: منَع ابنُ جَميلٍ، وخالِدُ بنُ الوليدِ، والعبَّاسُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَنقِمُ ابنُ جميلٍ إلَّا أنَّه كان فقيرًا فأغناه اللهُ، وأمَّا خالِدٌ فإنَّكم تَظلِمون خالِدًا، قد احتَبس أدراعَه وأعتادَه في سبيلِ اللهِ، وأمَّا العبَّاسُ فهي عَلَيَّ ومِثلُها معها [1221] قولُه: (فهي) أي: صَدَقةُ العبَّاسِ للسَّنةِ الذَّاهبةِ (عليَّ ومِثلُها معها) أي: مِثلُ تلك الصَّدَقةِ في كونِها فريضةَ عامٍ آخَرَ، لا في السِّنينَ والقَدْرِ، قيل: أخَّر عنه زكاةَ عامينِ لحاجةِ بالعبَّاسِ، وتكفَّل بها عنه، وقيل: تأويلُه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخذ منه الزكاةَ سنتَينِ تقديمًا عامَ شكا العامِلُ. يُنظَر: ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (4/ 1269). ، ثمَّ قال: يا عُمَرُ، أمَا شَعَرْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيه؟!)) [1222] أخرجه البخاري (1468)، ومسلم (983) واللفظ له. .
قال القاضي عياضٌ: (قَولُه: ((فإنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيه)): أراد أنَّ أصلَه وأصلَ أبيه واحِدٌ. قال: ابنُ الأعرابيِّ: الصِّنْوُ: المِثْلُ، أراد مِثْلَ أبيه. وفيه: تعظيمُ حَقِّ العَمِّ، وقد أنزله العُلَماءُ مَنزلةَ الأبِ في كثيرٍ من الحُقوقِ) [1223] يُنظَر ((إكمال المعلم)) (3/475). .
- بِرُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بزوجتِه خَديجةَ وحِفْظُه لعَهْدِها بعدَ مَوتِها:
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((ما غِرْتُ على أحَدٍ مِن نساءِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما غِرْتُ على خديجةَ، وما رأيتُها، ولكِنْ كان النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثِرُ ذِكْرَها، وربَّما ذبح الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُها أعضاءً ثُمَّ يبعَثُها في صدائِقِ خديجةَ، فرُبَّما قُلتُ له: كأنَّه لم يكُنْ في الدُّنيا امرأةٌ إلَّا خديجةُ؟! فيقولُ: إنَّها كانت وكانت، وكان لي منها وَلَدٌ)) [1224] أخرجه البخاري (3818) واللفظ له، ومسلم (2435). .
- بِرُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَمِّه أبي طالِبٍ وسَعْيُه لهدايتِه حتى آخِرِ لحَظاتِ حياتِه:
عن ابنِ شِهابٍ قال: ((أخبرني سعيدُ بنُ المُسَيِّبِ، عن أبيه أنَّه أخبره: أنَّه لمَّا حضَرت أبا طالبٍ الوفاةُ جاءه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوجد عنده أبا جَهلِ بنَ هِشامٍ، وعبدَ اللهِ بنَ أبي أُمَيَّةَ بنِ المغيرةِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي طالبٍ: يا عَمِّ، قُلْ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، كَلِمةً أشهَدُ لك بها عندَ اللَّهِ. فقال أبو جهلٍ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي أُمَيَّةَ: يا أبا طالبٍ، أترغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فلم يَزَلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعرِضُها عليه، ويعودانِ بتلك المقالةِ حتَّى قال أبو طالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهم: هو على مِلَّةِ عبدِ المطَّلِبِ، وأبى أن يقولَ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَا واللهِ لأستَغفِرَنَّ لك ما لم أُنْهَ عنك، فأنزل اللهُ تعالى فيه: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ [التوبة: 113] الآية)) [1225] أخرجه البخاري (1360) واللفظ له، ومسلم (24). .

انظر أيضا: