موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ البِرِّ


قال الماوَرْديُّ: (والبِرُّ نوعانِ: صِلةٌ، ومعروفٌ.
فأمَّا الصِّلةُ: فهي التَّبرُّعُ ببَذلِ المالِ في الجهاتِ المحدودةِ لغيرِ عِوَضٍ مطلوبٍ، وهذا يبعَثُ عليه سماحةُ النَّفسِ وسَخاؤها، ويمنَعُ منه شُحُّها وإباؤها. قال اللهُ تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9] .
وأمَّا النَّوعُ الثَّاني من البِرِّ فهو: المعروفُ، ويتنوَّعُ أيضًا نوعينِ: قولًا وعمَلًا؛ فأمَّا القولُ: فهو طِيبُ الكلامِ، وحُسنُ البِشْرِ، والتَّودُّدُ بجميلِ القولِ، وهذا يبعَثُ عليه حُسنُ الخُلُقِ، ورِقَّةُ الطَّبعِ، ويجِبُ أن يكونَ محدودًا، كالسَّخاءِ؛ فإنَّه إن أسرَفَ فيه كان مَلَقًا مذمومًا، وإن توسَّط واقتَصَد فيه كان معروفًا وبِرًّا محمودًا.
وأمَّا العَمَلُ: فهو بَذلُ الجاهِ والمساعدةُ بالنَّفسِ، والمعونةُ في النَّائبةِ، وهذا يبعَثُ عليه حُبُّ الخيرِ للنَّاسِ، وإيثارُ الصَّلاحِ لهم، وليس في هذه الأمورِ سَرَفٌ، ولا لغايتِها حَدٌّ، بخلافِ النَّوعِ الأوَّلِ؛ لأنَّها وإن كَثُرت فهي أفعالُ خيرِ تعودُ بنفعينِ: نفعٌ على فاعِلِها في اكتسابِ الأجرِ، وجميلِ الذِّكرِ، ونفعٌ على المُعانِ بها في التَّخفيفِ عنه والمساعدةِ له) [1200] ((أدب الدنيا والدين)) (183، 201). .

انظر أيضا: