موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشرَ: مسائِلُ مُتفرِّقةٌ


- هل يجوزُ القِصاصُ في السَّبِّ والشَّتمِ؟
قال النَّوَويُّ: (لا يجوزُ للمسبوبِ أن ينتصِرَ إلَّا بمِثلِ ما سبَّه ما لم يكنْ كذِبًا أو قَذفًا أو سبًّا لأسلافِه، فمِن صُورِ المُباحِ أن ينتصِرَ: بـ «يا ظالِمُ، يا أحمَقُ، أو جافي»، أو نَحوِ ذلك؛ لأنَّه لا يكادُ أحدٌ ينفَكُّ مِن هذه الأوصافِ، قالوا: وإذا انتصَر المسبوبُ استوفى ظُلامتَه، وبرِئ الأوَّلُ مِن حقِّه، وبقِي عليه إثمُ الابتِداءِ أو الإثمُ المُستحَقُّ للهِ تعالى، وقيل: يرتفِعُ عنه جميعُ الإثمِ بالانتِصارِ منه، ويكونُ معنى «على البادِئِ»، أي: عليه اللَّومُ والذَّمُّ لا الإثمُ) [3744] ((شرح النووي على مسلم)) (16/141). .
وقال أبو حامِدٍ الغَزاليُّ: (اعلَمْ أنَّ كُلَّ ظُلمٍ صدَر مِن شخصٍ فلا يجوزُ مُقابَلتُه بمِثلِه، فلا تجوزُ مُقابَلةُ الغِيبةِ بالغِيبةِ، ولا مُقابَلةُ التَّجسُّسِ بالتَّجسُّسِ، ولا السَّبِّ بالسَّبِّ، وكذلك سائِرُ المعاصي، وإنَّما القِصاصُ والغَرامةُ على قَدرِ ما ورَد الشَّرعُ به...، وأمَّا السَّبُّ فلا يُقابَلُ بمِثلِه، وقال قومٌ: تجوزُ المُقابَلةُ بما لا كذِبَ فيه، وإنَّما نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن مُقابَلةِ التَّعييرِ بمِثلِه نَهيَ تنزيهٍ، والأفضَلُ تَركُه، ولكنَّه لا يُعصى به) [3745] يُنظر: ((إحياء علوم الدين)) (3/179-180). .
- قولُ: هذا يومُ نَحسٍ، وأمثالِ ذلك
إضافةُ النَّحسِ إلى الأيَّامِ ونَحوِ ذلك فيه تفصيلٌ؛ فإذا كان المُرادُ به مُجرَّدَ الخبرِ فلا بأسَ بذلك، ولا يدخُلُ في سبِّ الدَّهرِ المَنهيِّ عنه، كما في قولِه تعالى: فِي أيَّامٍ نَحِسَاتٍ [فصلت: 16] ، وقولِه: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ [القمر: 19]، وكما قال تعالى حِكايةً عن لوطٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [هود: والتَّقبيحِ، لا بأسَ به؛ لأنَّ هذا خبرٌ، والخبرُ عن الواقِعِ حقٌّ، وأمَّا إذا كان المُرادُ العَيبَ والسَّبَّ فإنَّ ذلك لا يجوزُ.]
ونظيرُ ذلك: إخبارُ المريضِ بما يجِدُ؛ فأحيانًا يسألُه الصاحِبُ: كيف أنت البارِحةَ؟ فيتشكَّى ويقولُ: واللهِ ما نِمْتُ البارِحةَ؛ آلامٌ في الرَّأسِ، في الرَّقبةِ، في الظَّهرِ، في البَطنِ، في الرِّجلَينِ، هذا إذا قاله على سبيلِ التَّشكِّي فلا يجوزُ؛ لأنَّه يُنافي الصَّبرَ، وإذا قاله على سبيلِ الإخبارِ فلا بأسَ به [3746] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين: سورة فصلت)) (ص: 101)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (1/682). .
- فائِدةٌ في سبِّ الكلبِ:
قال التَّاجُ السُّبكيُّ: (كنْتُ جالِسًا بدِهليزِ دارِنا، فأقبَل كلبٌ، فقلْتُ له: اخسَأْ، كلبٌ ابنُ كلبٍ، فزجَرني والِدي، فقلْتُ له: أليس هو كلبٌ ابنُ كلبٍ؟ قال: شَرطُ الجوازِ عَدمُ قَصدِ التَّحقيرِ، فقلْتُ: هذه فائِدةٌ) [3747] نقلًا عن ((فيض القدير)) للمناوي (1/ 116). .

انظر أيضا: