موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعًا: أسبابُ الحِقْدِ


1- المُماراةُ والمنافَسةُ:
قال الغَزاليُّ: (وأشَدُّ الأسبابِ لإثارةِ نارِ الحِقْدِ بَيْنَ الإخوانِ: المُماراةُ والمنافَسةُ؛ فإنَّها عَينُ التَّدابُرِ والتَّقاطُعِ، فإنَّ التَّقاطُعَ يَقَعُ أوَّلًا بالآراءِ، ثمَّ بالأقوالِ، ثمَّ بالأبدانِ) [2838] ((إحياء علوم الدين)) (2/179). .
2- كثرةُ المُزاحِ:
المُزاحُ الذي يخرُجُ عن حَدِّه يَغرِسُ الحِقْدَ في القلوبِ؛ قال الأبشيهيُّ: (المُزاحُ يَخرِقُ الهَيبةَ، ويَذهَبُ بماءِ الوَجهِ، ويُعقِبُ الحِقْدَ، ويَذهَبُ بحلاوةِ الإيمانِ، والوُدِّ) [2839] ((المستطرف)) (ص: 133). . فمَن كَثُر مُزاحُه تنازَعَه الحِقْدُ والهوانُ، فلم يَسلَمْ من استخفافٍ به، أو حِقدٍ عليه [2840] يُنظَر: ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص: 449). .
ويُروى عن سعيدِ بنِ العاصِ أنَّه قال لابنِه: (يا بُنَيَّ، لا تمازِحِ الشَّريفَ فيَحقِدَ عليك، ولا تمازِحِ الدَّنيءَ فيَجتَرِئَ عليك) [2841] ((الأمثال)) لابن سلام (ص: 85، 86)، ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (395)، ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) للخطيب البغدادي (1/ 404). .
3- الخُصومةُ:
قال النَّوويُّ: (والخُصومةُ تُوغِرُ [2842] توغِرُ الصُّدورَ: تملَؤُها غَيظًا وحقدًا. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (5/286). الصُّدورَ، وتُهيِّجُ الغضَبَ، وإذا هاج الغَضَبُ حَصَل الحِقْدُ بَيْنَهما، حتَّى يفرَحَ كُلُّ واحدٍ بمَساءةِ الآخَرِ، ويَحزَنَ بمَسَرَّتِه، ويُطلِقَ اللِّسانَ في عِرْضِه) [2843] ((الأذكار)) للنووي (ص: 371). .
4- الكَراهيةُ الشَّديدةُ.
5- الرَّغبةُ في الانتِقامِ، وإنزالِ السُّوءِ بمن يَكرَهُه الحاقِدُ [2844] ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (1/723). .
6- إذا فات الشَّخصَ ما يتمَنَّاه لنَفسِه وحَصَل لغَيرِه:
فـ (المُسلِمُ يجِبُ أن يكونَ أوسَعَ فِكرةً، وأكرَمَ عاطِفةً، فينظُرَ إلى الأمورِ من خلالِ الصَّالحِ العامِّ، لا من خِلالِ شَهَواتِه الخاصَّةِ.
وجمهورُ الحاقِدين تَغلي مَراجِلُ الحِقْدِ في أنفُسِهم؛ لأنَّهم ينظُرون إلى الدُّنيا فيَجِدون ما يتمَنَّونه لأنفُسِهم قد فاتهم، وامتلأَت به أكُفٌّ أُخرى، وهذه هي الطَّامَّةُ التي لا تَدَعُ لهم قرارًا!
وقديمًا رأى إبليسُ أنَّ الحُظْوةَ التي يتشَهَّاها قد ذهبَت إلى آدَمَ، فآل ألَّا يترُكَ أحَدًا يستَمتِعُ بها بعدَ ما حرِمَها! قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف: 16-17] .
هذا الغَلَيانُ الشَّيطانيُّ هو الذي يضطَرِمُ في نُفوسِ الحاقِدين، ويُفسِدُ قُلوبَهم. وقد أهاب الإسلامُ بالنَّاسِ أن يبتَعِدوا عن هذا المُنكَرِ، وأن يَسلُكوا في الحياةِ نَهجًا أرقى وأهدَأَ) [2845] ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (ص: 80). .

انظر أيضا: