موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: (كَرَمُ المُؤمِنِ تقواه، ودينُه حسَبُه، ومروءتُه خُلُقُه، والجرأةُ والجُبْنُ غرائزُ يضَعُها اللهُ حيثُ شاء، فالجبانُ يَفِرُّ عن أبيه وأمِّه، والجريءُ يقاتِلُ عمَّا لا يؤوبُ به إلى رَحلِه، والقَتلُ حَتفٌ [2189] الحتفُ: الموتُ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (9/ 38). من الحتوفِ، والشَّهيدُ من احتَسَب نفسَه على اللَّهِ) [2190] رواه مالك (2/463). .
- وقالت عائشةُ رَضِيَ الله عنها: (إنَّ للهِ خَلقًا قلوبُهم كقُلوبِ الطَّيرِ، كلَّما خفَقَت الرِّيحُ خفَقَت معها، فأفٍّ للجُبَناءِ، أفٍّ للجُبناءِ!) [2191] ذكره ابنُ عبد ربه في ((العقد الفريد)) (1/124)، وأبو إسحاق الوطواط في ((غرر الخصائص الواضحة)) (ص: 444)، والنويري في ((نهاية الأرب)) (3/318). .
- وقال خالِدُ بنُ الوليدِ: (لقد لَقِيتُ كذا وكذا زَحفًا، وما في جَسَدي شِبرٌ إلَّا وفيه ضربةٌ بسَيفٍ أو رميةٌ بسَهمٍ أو طعنةٌ برُمحٍ؛ فها أنا أموتُ على فِراشي حَتْفَ أنفي [2192] هو أن يموتَ على فراشِه كأنَّه سقَط لأنفِه فمات. تقولُ العَرَبُ: مات فلانٌ حَتفَ أنفِه، أي: بلا ضربٍ ولا قتلٍ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/ 337(، ((لسان العرب)) لابن منظور (9/ 38). كما يموتُ العِيرُ! فلا نامت أعيُنُ الجُبَناءِ) [2193] رواه الواقدي في ((المغازي)) (3/884)، وأبو بكر الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (836)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (16/273). .
- وقال طَلحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه: (لا تشاوِرْ بخيلًا في صِلةٍ، ولا جبانًا في حَربٍ، ولا شابًّا في جاريةٍ) [2194] ((مكارم الأخلاق)) للخرائطي (ص: 252)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (25/ 104). .
- وقال معاويةُ رَضِيَ الله عنه: (لا ينبغي للمَلِكِ أن يكون كذَّابًا؛ لأنَّه إن وَعَد خيرًا لم يُرْجَ، وإن أوعَد شرًّا لم يُخَفْ. ولا غاشًّا؛ لأنَّه لم ينصَحْ، ولا تَصِحُّ الوِلايةُ إلَّا بالمناصحةِ. ولا حديدًا؛ لأنَّه إذا احتَدَّ هلَكَت رعيَّتُه. ولا حسودًا؛ لأنَّه لا يَشرُفُ أحدٌ فيه حَسَدٌ، ولا يَصلُحُ النَّاسُ إلَّا بأشرافِهم. ولا جبانًا؛ لأنَّه يجترئُ عليه عدُوُّه، وتضيعُ ثُغورُه) [2195] ((محاضرات الأدباء)) للراغب (1/ 199)، ((لباب الآداب)) لأسامة بن منقذ (ص: 70، 71)، ((غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص: 28). .
- (وقيل: كتب زيادٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ: أنْ صِفْ لي الشَّجاعةَ والجُبْنَ والجُودَ والبُخلَ، فكَتَب إليه: كتَبتَ تسألُني عن طبائِعَ رُكِّبَت في الإنسانِ تركيبَ الجوارحِ، اعلَمْ أنَّ الشُّجاعَ يقاتِلُ عمَّن لا يَعرِفُه، والجبانَ يَفِرُّ عن عِرسِه، وأنَّ الجوادَ يعطي من لا يلزَمُه، وأنَّ البخيلَ يمسِكُ عن نفسِه، وقال الشَّاعرُ:
يفرُّ جبانُ القومِ عن عِرسِ نَفسِه
ويحمي شُجاعُ القومِ من لا يناسِبُه [2196] ذكره النويري في ((نهاية الأرب)) (3/318، 319).
- وقال هانئٌ الشَّيبانيُّ لقومِه يومَ ذي قارٍ يحَرِّضُهم على القتالِ: (يا بني بَكرٍ، هالكٌ معذورٌ خيرٌ من ناجٍ فَرورٍ، المنيَّةُ ولا الدَّنيَّةُ، استقبالُ الموتِ خيرٌ من استدبارِه، الطَّعنُ في ثُغورِ النُّحورِ خيرٌ منه في الأعجازِ والظُّهورِ، يا بني بكرٍ، قاتِلوا؛ فما من المنايا بُدٌّ، الجبانُ مُبغَضٌ حتَّى لأمِّه، والشُّجاعُ محَبَّبٌ حتَّى لعَدُوِّه) [2197] ((نهاية الأرب)) للنويري (3/320). .
- وقال ابنُ حبَّانَ: (الواجبُ على العاقِلِ إذا لم يُعرَفْ بالسَّماحةِ ألَّا يُعرَفَ بالبُخلِ، كما لا يجِبُ إذا لم يُعرَفْ بالشَّجاعةِ أن يُعرَفَ بالجُبْنِ، ولا إذا لم يُعرَفْ بالشَّهامةِ أن يُعرَفَ بالمهانةِ، ولا إذا لم يُعرَفْ بالأمانةِ أن يُعرَفَ بالخيانةِ) [2198] ((روضة العقلاء)) (ص: 242). .
- وقال عَمرُو بنُ مَعدِ يكَرِبَ: (الفَزَعاتُ ثلاثةٌ: فمن كانت فزعتُه في رِجلَيه فذاك الذي لا تُقِلُّه رجلاه، ومن كانت فزعتُه في رأسِه فذاك الذي يَفِرُّ عن أبويه، ومن كانت فزعتُه في قَلبِه فذاك الذي لا يقاتِلُ) [2199] ((الفروسية)) لابن القيم (ص: 498). .
- وقال ابنُ المقَفَّعِ: (الجُبْنُ مَقتلةٌ، والحِرصُ مَحرَمةٌ؛ فانظُرْ فيما رأيتَ وسَمِعتَ: من قُتِل في الحَربِ مقبِلًا أكثَرُ أم من قُتِل مُدبِرًا؟ وانظُرْ من يَطلُبُ إليك بالإجمالِ والتَّكرُّمِ أحَقُّ أن تسخوَ نفسُك له بالعطيَّةِ أم من يَطلُبُ إليك بالشَّرَهِ والحِرصِ؟) [2200] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 258). .
- وقال ابنُ تَيميَّةَ: (... إنَّ الجميعَ يتمادحون بالشَّجاعةِ والكَرَمِ، حتى إنَّ ذلك عامَّةُ ما يَمدَحُ به الشُّعراءُ ممدوحيهم في شِعرِهم، وكذلك يتذامُّون بالبُخلِ والجُبْنِ) [2201] ((الاستقامة)) بتصرف (2/263). .

انظر أيضا: