موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشرًا: حُكمُ الإنصاتِ


يختلِفُ حُكمُ الإنصاتِ باختِلافِ المسموعِ؛ فإذا كان الكلامُ ممَّا يُحبُّه اللهُ ويرضاه فسماعُه مُستحَبٌّ أو واجِبٌ، مِثلُ وُجوبِ الإنصاتِ في أثناءِ الخُطبةِ، واستماعِ المأمومِ لقراءةِ الإمامِ في الصَّلاةِ؛ قال تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204] ، قال الإمامُ أحمَدُ: (أجمَع النَّاسُ أنَّ هذه الآيةَ في الصَّلاةِ والخُطبةِ) [999] ((مسائل أحمد)) لأبي داود (ص: 48) رقم (223)، ((فتح الباري)) لابن رجب الحنبلي (5/ 499). ، وما سِوى ذلك فالاستماعُ للقرآنِ مُستحَبٌّ، قال العُثَيمينُ: (وأمَّا الذي يقرأُ إلى جَنبِك فلا يلزَمُك أن تستمِعَ إليه) [1000] ((فتاوى نور على الدرب)) للعثيمين (2/147). .
ولا يجوزُ الاستماعُ إلى ما يُبغِضُه اللهُ تعالى، فيحرُمُ سماعُ الغِيبةِ، والمعازِفِ، والفاحِشِ مِن القولِ؛ يقولُ الشَّاعِرُ ينعى على قومٍ ينتصِتونَ عند الغِيبةِ:
صُمٌّ إذا سمِعوا خيرًا ذُكِرْتُ به
وإن ذُكِرْتُ بسوءٍ عندَهم أذِنوا [1001] ((معاني القرآن)) للزجاج (5/ 303).
وبالجملةِ يحرُمُ سماعُ كُلِّ ما يضُرُّ العَبدَ في دينِه؛ كسماعِ الباطِلِ كلِّه، إلَّا إذا تضمَّن ردَّه وإبطالَه والاعتبارَ به، وقصَد أن يعلَمَ به حُسنَ ضدِّه؛ فإنَّ الضِّدَّ يُظهِرُ حُسنَه الضِّدُّ، كما قيل:
وإذا سمعْتُ إلى حديثِك زادني
حبًّا له سمعي حديثَ سِواكا
 وبَينَ هذا وذاك نوعٌ مُباحٌ، وهو سماعُ ما لم يمدَحِ اللهُ تعالى صاحِبَه ولم يذُمَّه [1002] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (1/ 479 - 483). .

انظر أيضا: