موسوعة الأخلاق والسلوك

حاديَ عشَرَ: أخطاءٌ شائِعةٌ حولَ الإنصاتِ


مِن الخطأِ أن يظُنَّ المرءُ أنَّه مَعفوٌّ مِن الإثمِ إن حضَر مجالِسَ الباطِلِ مُنصتًا لِما يُقالُ فيها دونَ إنكارٍ أو اعتِزالٍ؛ كحضورِ المجالِسِ التي تُنتهَكُ فيها حُرُماتُ الدِّينِ، أو يُستهزَأُ فيها بالمُؤمِنينَ؛ فالمُستمِعُ شريكُ القائِلِ إذا لم يُنكِرْ عليه، قال اللهُ تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء: 140] ، (يعني: وقد نزَّل عليكم أنَّكم إن جالَسْتُم مَن يكفُرُ بآياتِ اللهِ ويستهزِئُ بها وأنتم تسمعونَ فأنتم مِثلُه، يعني: فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحالِ مِثلُهم في فِعلِهم؛ لأنَّكم قد عصَيْتُم اللهَ بجُلوسِكم معَهم، وأنتم تسمَعونَ آياتِ اللهِ يُكفَرُ بها ويُستهزَأُ بها، كما عصَوه باستهزائِهم بآياتِ اللهِ؛ فقد أتَيتُم مِن معصيةِ اللهِ نَحوَ الذي أتَوه منها؛ فأنتم إذًا مِثلُهم في رُكوبِكم معصيةَ اللهِ، وإتيانِكم ما نهاكم اللهُ عنه) [1003] ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (7/ 602). ، وقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 68] ، فيجبُ أن يُنزِّهَ الإنسانُ سمعَه كما يُنزِّهُ لسانَه، وقد أنشَد بعضُهم:
فسمعَك صُنْ عن سماعِ القبيحِ
كصونِ اللِّسانِ عن النُّطقِ بهْ
فإنَّك عندَ سماعِ القبيحِ
شريكٌ لقائِلِه فانتبِهْ [1004] يُنظر: ((آداب الصحبة)) لأبي عبد الرحمن السلمي (ص: 105) رقم (159)، ((شرح مقامات الحريري)) للشريشي (2/ 474).
قال أحمَدُ بنُ يحيى الوزيرُ: (خرج الشَّافعيُّ يومًا مِن سوقِ القناديلِ مُتوجِّهًا إلى حُجرتِه، فتبِعناه، فإذا رجُلٌ يُسفِّهُ على رجُلٍ مِن أهلِ العِلمِ، فالتفَت إلينا الشَّافِعيُّ، فقال: نزِّهوا أسماعَكم عن استماعِ الخنا [1005] الخنا من الكلامِ: أفحَشُه. ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/ 222). كما تُنزِّهونَ ألسِنتَكم عن النُّطقِ به؛ فإنَّ المُستمِعَ شريكُ القائِلِ) [1006] ((الحلية)) لأبي نعيم الأصبهاني (9/ 123). .

انظر أيضا: