موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعاً: أخطاءٌ شائعةٌ


- من الأخطاءِ الشَّائعةِ التَّجاوُزُ في الانتِقامِ، كما يفعَلُ بعضُ النَّاسِ في الثَّأرِ بقَتلِهم غيرَ القاتِلِ، أو التَّعدِّي في ذلك، وقد قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [الإسراء: 33] .
قال ابنُ جريرٍ: (فلا تَقتُلْ بالمقتولِ ظُلمًا غيرَ قاتِلِه، وذلك أنَّ أهلَ الجاهليَّةِ كانوا يفعلون ذلك؛ إذا قَتَل رجلٌ رَجُلًا عَمَد وليُّ القتيلِ إلى الشَّريفِ من قبيلةِ القاتِلِ فقَتَله بوَليِّه، وترَك القاتِلَ! فنهى اللهُ عزَّ وجَلَّ عن ذلك عبادَه، وقال لرَسولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: قَتْلُ غيرِ القاتِلِ بالمقتولِ مَعصيةٌ وسَرَفٌ، فلا تَقتُلْ به غيرَ قاتِلِه، وإن قتَلْتَ القاتِلَ بالمقتولِ فلا تُمَثِّلْ به) [960] ((جامع البيان)) (14/ 584). .
وقال السَّعديُّ: (فَلَا يُسْرِفْ الوليُّ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا، والإسرافُ مجاوَزةُ الحَدِّ؛ إمَّا أن يمَثِّلَ بالقاتِلِ، أو يَقتُلَه بغيرِ ما قَتَل به، أو يَقتُلَ غيرَ القاتِلِ.
وفي هذه الآيةِ دليلٌ إلى أنَّ الحَقَّ في القتلِ للوَليِّ، فلا يُقتَصَّ إلَّا بإذنِه، وإن عفا سقَط القِصاصُ) [961] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 457). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قال الهيثَمُ بنُ عَدِيٍّ: جاء رجلٌ إلى الحَجَّاجِ، فقال: إنَّ أخي خرجَ مع ابنِ الأشعَثِ، فضُرِبَ على اسمي في الدِّيوانِ، ومُنِعْتُ العَطاءَ، وقد هُدِمَت داري! فقال الحجَّاجُ: أمَا سَمِعتَ قولَ الشَّاعِرِ:
جانيك من يجني عليك وقد
تُعْدي الصِّحاحَ مَبارِكُ الجُرْبِ
ولرُبَّ مأخوذٍ بذَنبِ قَريبِه
ونجا المُقارِفُ صاحِبُ الذَّنبِ
فقال الرَّجُلُ: أيُّها الأميرُ، إنِّي سَمِعتُ اللهَ يقولُ غيرَ هذا، وقولُ اللهِ أصدَقُ من هذا. قال: وما قال؟ قال: قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ [يوسف: 78-79] . قال: يا غلامُ، أعِدِ اسمَه في الدِّيوانِ، وابنِ دارَه، وأعطِه عَطاءَه، ومُرْ مناديًا ينادي: صَدَق اللهُ، وكَذَب الشَّاعِرُ!) [962] يُنظَر: ((البداية والنهاية)) (12/ 523). .
ومن ذلك إلحاقُ أنواعِ الأذى في الانتِقامِ: الأذى البَدَنيِّ والنَّفسيِّ، ومن ذلك إلباسُ الشَّخصِ الذي يريدون الانتِقامَ منه ملابِسَ النِّساءِ، والطَّوافُ به بَيْنَ النَّاسِ مُقَيَّدًا؛ إمعانًا في إذلالِه والتَّشهيرِ به انتِقامًا منه.

انظر أيضا: