موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسِعًا: حُكمُ الوفاءِ


(يجِبُ الوفاءُ بالعَهدِ، ولا يجوزُ نَقضُه إلَّا إذا نَقضَ العَدوُّ العَهدَ، أو لم يستَقيموا لنا، أو خِفْنا منهم خيانةً، فهنا انتَقَضَ العَهدُ، ولا يلزَمُنا البَقاءُ عليه.
 ولنا إذا خِفْنا منهم خيانةً أن نُقاتِلَهم بَعدَ إعلامِهم بنَبذِ العَهدِ.
قال اللهُ تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34] .
وقال اللهُ تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال: 58] ) [9665] ((مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة)) للتويجري (ص: 1051). .
قال النَّوويُّ: (واتَّفقَ العُلماءُ على جَوازِ خِداعِ الكُفَّارِ في الحَربِ، وكيف أمكنَ الخِداعُ، إلَّا أن يكونَ فيه نَقضُ عَهدٍ أو أمانٍ، فلا يحِلُّ) [9666] ((شرح النووي على مسلم)) (12/45). .
وأمَّا الوفاءُ بالوعدِ، فقال النَّوويُّ فيه: (قد أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ من وعَدَ إنسانًا شَيئًا ليس بمَنهيٍّ عنه، فينبَغي أن يفيَ بوَعدِه) [9667] ((الأذكار)) (ص: 317). ويُنظَر: ((التماس السعد في الوفاء بالوعد)) للسخاوي (ص: 53). .
(وهَل ذلك واجِبٌ أم مُستَحَبٌّ؟ فيه خِلافٌ بَينَهم. ذَهَبَ الشَّافِعيُّ وأبو حَنيفةَ والجُمهورُ إلى أنَّه مُستَحَبٌّ، فلو تَركه فاتَه الفضلُ وارتَكبَ المَكروهَ كراهةَ تَنزيهٍ شَديدةً، ولكِنْ لا يأثَمُ. وذَهَبَ جَماعةٌ إلى أنَّه واجِبٌ) [9668] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 326). .
قال ابنُ عُثَيمينَ: (وأمَّا إخلافُ الوَعْدِ فحَرامٌ. يَجِبُ الوفاءُ بالوَعْدِ سواءٌ وعَدْتَه مالًا أو وعَدْتَه إعانةً تُعينُه في شيءٍ أو أيِّ أمرٍ من الأمورِ، إذا وعَدْتَ فيَجِبُ عليك أن تَفيَ بالوَعْدِ، وفي هذا ينبغي للإنسانِ أن يحَدِّدَ المواعيدَ ويَضبِطَها، فإذا قال لأحَدِ إخوانِه: أواعِدُك في المكانِ الفُلانيِّ فلْيُحَدِّدِ السَّاعةَ الفُلانيَّةَ، حتى إذا تأخَّر الموعودُ وانصرف الواعِدُ يكونُ له عُذرٌ حتَّى لا يَربطَه في المكانِ كثيرًا) [9669] ((شرح رياض الصالحين)) (4/47، 48). .
(وذَهَبَت المالكيَّةُ مَذهَبًا ثالثًا: أنَّه إن ارتَبَطَ الوعدُ بسَبَبٍ، كقَوله: تَزَوَّجْ ولك كذا، أو احلِفْ أنَّك لا تَشتُمُني، ولك كذا، أو نَحوَ ذلك؛ وجَبَ الوفاءُ، وإن كان وعدًا مُطلقًا لم يجِبْ. هذا، وإنَّ مَن وعَدَ وفي نيَّتِه الإخلافُ فهو آثِمٌ قَطعًا) [9670] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 326). .

انظر أيضا: