موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ النَّظافةِ والطَّهارةِ


تشتَرِكُ الطَّهارةُ مع النَّظافةِ في التَّعريفِ اللُّغويِّ؛ فالطَّهارةُ لُغةً تعني النَّظافةَ، وأمَّا في الاصطلاحِ فالطَّهارةُ عبارةٌ عن غَسلِ أعضاءٍ مخصوصةٍ بصِفةٍ مخصوصةٍ، أو هي رفعُ ما يمنَعُ الصَّلاةَ وما في معناه من حَدَثٍ أو نجاسةٍ بالماءِ، أو رَفعُ حُكمِه بالتُّرابِ، وهي نوعانِ: طهارةٌ كُبرى، وهي الغَسلُ، أو نائبُه، وهو التَّيمُّمُ عن الجنابةِ، وطهارةٌ صُغرى، وهو الوضوءُ، أو نائبُه، وهو التَّيمُّمُ عن الحدَثِ.
وبذلك يتبيَّنُ أنَّ مفهومَ النَّظافةِ أشملُ من مفهومِ الطَّهارةِ وأوسَعُ؛ لأنَّه يُطلَقُ على مطلَقِ النَّقاوةِ وإزالةِ الوَسَخِ والقَذَرِ دونَ التَّقيُّدِ بغَسلِ عُضوٍ مخصوصٍ بصفةٍ مخصوصةٍ، وتفتَرِقُ الطَّهارةُ عن النَّظافةِ في المعنى الاصطلاحيِّ بأنَّ المتيمِّمَ وإن لم يُزِلِ النَّجاسةَ إزالةً حِسِّيَّةً يعتَبَرُ مُتطَهِّرًا، وإن لم يكُنْ متنَظِّفًا، كذلك تقترِنُ الطَّهارةُ بنيَّةٍ مخصوصةٍ، ولا يُشتَرَطُ في النَّظافةِ ذلك [9282] ينظر ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 142)، ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص: 228)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (14/49، 50). .
وقصَرَ أبو هلالٍ العَسكريُّ النَّظافةَ على المعنى الحِسِّيِّ فقط، فقال: (الطَّهارةُ تكونُ في الخِلقةِ والمعاني؛ لأنَّها تقتضي منافاةَ العيبِ؛ يُقالُ: فلانٌ طاهِرُ الأخلاقِ، وتقولُ: المُؤمِنُ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ، يعني أنَّه جامِعٌ للخِصالِ المحمودةِ، والكافِرُ خبيثٌ؛ لأنَّه خلافُ المُؤمِنِ، وتقولُ: هو طاهِرُ الثَّوبِ والجسَدِ، والنَّظافةُ لا تكونُ إلَّا في الخَلْقِ واللِّباسِ، وهي تفيدُ مُنافاةَ الدَّنَسِ، ولا تستعمَلُ في المعاني، وتقولُ: هو نظيفُ الصُّورةِ أي: حَسَنُها، ونظيفُ الثَّوبِ والجَسَدِ، ولا تقولُ: نظيفُ الخُلُقِ) [9283] ((الفروق اللغوية)) (1/264). .

انظر أيضا: