موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


- قال سُبحانَه: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا [النساء: 75] .
قال الحافِظُ ابنُ كثيرٍ في هذه الآيةِ: (يُحَرِّضُ تعالى عبادَه المُؤمِنين على الجهادِ في سبيلِه، وعلى السَّعيِ في استنقاذِ المُستضعَفينَ بمكَّةَ من الرِّجالِ والنِّساءِ والصِّبيانِ، المُتبَرِّمين بالمُقامِ بها؛ ولهذا قال تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ [النساء: 75] يعني: مكَّةَ، كقولِه تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [محمد: 13] [9045] ((تفسير ابن كثير)) (2/358). .
- وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال: 72] .
قال الطَّبريُّ: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ يقولُ: إنِ استنصَركم هؤلاء الذين آمَنوا ولم يهاجِروا فِي الدِّينِ يعني بأنَّهم من أهلِ دينِكم- على أعدائِكم وأعدائِهم من المُشرِكين، فعليكم أيُّها المُؤمِنون -من المهاجِرين والأنصارِ- النَّصرُ، إلَّا أن يَستنصِروكم عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ، يعني: عَهدٌ قد وَثَّقَ به بعضُكم على بعضٍ ألَّا يحارِبَه) [9046] ((تفسير الطبري)) (11/294). .
وقال ابنُ العَرَبيِّ في هذه الآية وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ: (يريدُ: إن دَعَوا من أرضِ الحَربِ عَونَكم بنفيرٍ أو مالٍ لاستنقاذِهم فأعينوهم، فذلك عليكم فَرضٌ، إلَّا على قومٍ بينكم وبَيْنَهم عهدٌ، فلا تقاتِلوهم عليهم حتَّى يَتِمَّ العَهدُ، أو يُنبَذَ على سواءٍ. إلَّا أن يكونوا أُسَراءَ مُستضعَفين؛ فإنَّ الولايةَ معهم قائمةٌ، والنُّصْرةَ لهم واجبةٌ بالبَدَنِ، بألَّا يبقى منَّا عينٌ تَطرِفُ حتَّى نخرُجَ إلى استنقاذِهم إن كان عدَدُنا يحتَمِلُ ذلك، أو نبذُلَ جميعَ أموالِنا في استخراجِهم حتَّى لا يبقى لأحَدٍ دِرهَمٌ، كذلك قال مالِكٌ وجميعُ العُلَماءِ، فإنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعونَ على ما حَلَّ بالخَلقِ في تَركِهم إخوانَهم في أسْرِ العَدُوِّ، وبأيديهم خزائِنُ الأموالِ، وفضولُ الأحوالِ، والعُدَّةُ والعَدَدُ، والقُوَّةُ والجَلَدُ!) [9047] ((أحكام القرآن)) (8/132)، ونقله عنه القرطبي ((الجامع لأحكام القرآن)) (8/57). .

انظر أيضا: