موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: حُكمُ المَحَبَّةِ وما يباحُ منها


أمَّا مَحَبَّةُ اللهِ سُبحانَه وتعالى ومَحَبَّةُ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهي على قِسمَينِ: فَرضٌ ونَدبٌ؛ فالفَرضُ المَحَبَّةُ التي تبعَثُ على امتثالِ أوامِرِ اللهِ سُبحانَه، والانتهاءِ عن معاصيه، والرِّضا بما يُقَدِّرُه، فمن وقع في معصيةٍ مِن فِعلِ محَرَّمٍ أو تَركِ واجِبٍ، فلتقصيرِه في مَحَبَّةِ اللهِ؛ حيث قَدَّم هوى نفسِه، والنَّدبُ: أن يُواظِبَ على النَّوافِلِ ويتجنَّبَ الوقوعَ في الشُّبُهاتِ.
 وكذلك مَحَبَّةُ الرَّسولِ على قِسمَينِ: فَرضٌ، وهي ما اقتضى طاعتَه في امتثالِ ما أمَرَ به من الواجباتِ، والانتهاءِ عمَّا نهى عنه من المحرَّماتِ، والرِّضا بذلك، وألَّا يجِدَ في نفسِه حَرَجًا ممَّا جاء به ويُسَلِّمَ له تسليمًا، وألَّا يتلقَّى الهُدى من غيرِ مِشكاتِه، ولا يَطلُبَ شيئًا من الخيرِ إلَّا ممَّا جاء به، وفَضلٌ مندوبٌ إليه، وهو: ما ارتقى بعدَ ذلك إلى اتِّباعِ سُنَّتِه وآدابِه وأخلاقِه، والاقتداءِ به في هَدْيِه وسمتِه، وحُسنِ معاشرتِه لأهلِه وإخوانِه، وفي التَّخلُّقِ بأخلاقِه.
كما أنَّ حُبَّ العُلَماءِ والصَّالحين وأهلِ العَدلِ والخَيرِ من أفضَلِ الأعمالِ التي تُقرِّبُ إلى اللهِ سُبحانَه.
وأمَّا مَحَبَّةُ الأبناءِ والأقاربِ والعشيرةِ، فهذه وإن كانت مَغروزةً في النَّفسِ فلا ينبغي أن تُقَدَّمَ على حُبِّ اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ إذ إنَّه سُبحانَه جعَل من مقتضى الإيمانِ إيثارَ حُبِّه سُبحانَه وحُبِّ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ما سِواهما.
 أمَّا المَحَبَّةُ المؤدِّيةُ إلى الوقوعِ في المحرَّمِ، أو مَحَبَّةُ أهلِ الجَورِ والخيانةِ والفُسوقِ، فحَرامٌ، بل يجِبُ على المُؤمِنِ أن يُبغِضَ هؤلاء في اللهِ؛ لأنَّ بغضَهم من مَحَبَّةِ اللهِ؛ فإنَّ على المحِبِّ أن يحِبَّ ما يحِبُّ محبوبُه، ويُبغِضَ ما يُبغِضُ محبوبُه [8198] يُنظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (16/186)، ((فتح الباري)) لابن رجب (1/54)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/61)، ((عمدة القاري)) للعيني (22/197)، ((فتح المنعم)) لموسى لاشين (1/158)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (36/187-188)، ((المحبة صورها وأحكامها)) لعبد القادر دهمان (ص: 259). .

انظر أيضا: