موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرقُ بَينَ كَظمِ الغَيظِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرقُ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ:
قيل: (الغَيظُ فوقَ الغَضَبِ، وقد فصَّلَ قَومٌ مِن أهلِ اللُّغةِ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ فقالوا: الغَيظُ أشَدُّ مِن الغَضَبِ، وقال قَومٌ: الغَيظُ سَورةُ الغَضَبِ وأوَّلُه) [7986] ((جمهرة اللغة)) (2/ 932). .
وقيل: الغَيظُ أشَدُّ الغَضَبِ، وعلى ذلك فهو أخَصُّ مِن الغَضَبِ؛ فكُلُّ غَيظٍ غَضَبٌ، وليس كُلُّ غَضَبٍ غَيظًا [7987] ((عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ)) للسمين (3/ 189). .
وقيل: الفَرقُ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ: أنَّ الغَضَبَ يتبَعُه إرادةُ الانتِقامِ البَتَّةَ، ولا كذلك الغَيظُ [7988] ((تفسير الألوسي)) (2/ 272). .
قال ابنُ عَطيَّةَ: (الغَيظُ: أصلُ الغَضَبِ، وكَثيرًا ما يتَلازَمانِ؛ ولذلك فسَّرَ بَعضُ النَّاسِ الغَيظَ بالغَضَبِ، وليس تحريرُ الأمرِ كذلك، بل الغَيظُ: فِعلُ النَّفسِ، لا يظهَرُ على الجَوارِحِ، والغَضَبُ: حالٌ لها معه ظُهورٌ في الجَوارِحِ، وفِعلٌ ما، ولا بُدَّ) [7989] ((المحرر الوجيز)) (1/509). .
وقال أبو هِلالٍ العَسكَريُّ: (الفَرقُ بَينَ الغَيظِ والغَضَبِ: أنَّ الإنسانَ يجوزُ أن يغتاظَ مِن نفسِه، ولا يجوزُ أن يَغضَبَ عليها، وذلك أنَّ الغَضَبَ: إرادةُ الضَّرَرِ للمَغضوبِ عليه، ولا يجوزُ أن يُريدَ الإنسانُ الضَّرَرَ لنَفسِه، والغَيظُ يقرُبُ مِن بابِ الغَمِّ) [7990] ((معجم الفروق اللغوية)) (ص: 130). .
الفَرقُ بَينَ العَفوِ وكَظمِ الغَيظِ:
العَفوُ أبلَغُ مِن كَظمِ الغَيظِ؛ لأنَّ العَفوَ تركُ المُؤاخَذةِ على الإساءةِ مع السَّماحةِ عن المُسيءِ، بخِلافِ كَظمِ الغَيظِ الذي يصحَبُه تَغيُّظٌ على من أساءَ إليه، لكِنَّه يمنَعُ نفسَه ويَحبِسُها عن إيقاعِ العُقوبةِ به، ويصبِرُ عن مُقابلةِ الإساءةِ بمِثلِها [7991] ((كظم الغيظ في القرآن الكريم)) لنوال بنت محمد (ص: 29). .
الفَرقُ بَينَ الحِلمِ وكَظمِ الغَيظِ:
- أنَّ الحِلمَ مِن غَيظٍ ومِن غَيرِ غَيظٍ، أمَّا الكَظمُ فهو مِن غَيظٍ.
- أنَّ الحِلمَ أفضَلُ مِن كَظمِ الغَيظِ؛ فالحِلمُ دَليلُ كمالِ العَقلِ وانكِسارِ قوَّةِ الغَضَبِ وخُضوعِه للعَقلِ، أمَّا كَظمُ الغَيظِ فيكونُ لمَن هاجَ غَيظُه، فاحتاجَ إلى مُجاهدةٍ شَديدةٍ لحَبسِ نفسِه، والتَّدَرُّبِ على ذلك، خاصَّةً مع تهَيُّؤِ أسبابِ الأخذِ بالحَقِّ للنَّفسِ.
- أنَّ كَظمَ الغَيظِ أوَّلُ الطَّريقِ إلى الحِلمِ، ويكونُ بالتَّحلُّمِ، أي: تكَلُّفِ الحِلمِ [7992] ((كظم الغيظ في القرآن الكريم)) لنوال بنت محمد (ص: 30). .

انظر أيضا: