موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


هل الأمرُ بالإعراضِ عن الجاهِلينَ منسوخٌ بآيةِ السَّيفِ؟
قال ابنُ الجَوزيِّ: (وفي قَولِه: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ قولانِ: أحدُهما: أنَّهم المُشرِكون، أَمَر بالإعراضِ عنهم، ثمَّ نُسِخ ذلك بآيةِ السَّيفِ. والثَّاني: أنَّه عامٌّ فيمن جَهِل، أَمَرَ بصيانةِ النَّفسِ عن مقابلتِهم على سَفَهِهم، وإن وَجَب عليه الإنكارُ عليهم، وهذه الآيةُ عندَ الأكثَرينَ كُلُّها مُحكَمةٌ) [621] ((زاد المسير)) (2/181). .
هل الجاهِلُ هو الأُمِّيُّ؟
الجاهِلُ الذي حثَّ الشَّرعُ على الإعراضِ عنه ليس هو الأُمِّيَّ؛ فالأُمِّيُّ هو الذي لا يَقرَأُ ولا يكتُبُ.
بل المرادُ بالجاهِلِ هنا من قال خلافَ الحَقِّ، وعَمِل خِلافَ الحَقِّ.
قال ابنُ تيميَّةَ بعدَ أن ذَكَر أنَّ الجَهلَ هو عَدَمُ العِلمِ، أو عَدَمُ اتِّباعِ العِلمِ: (مَن لم يَعلَمِ الحَقَّ فهو جاهِلٌ جَهلًا بسيطًا، فإن اعتَقَد خلافَه فهو جاهِلٌ جَهلًا مُرَكَّبًا، فإن قال خِلافَ الحَقِّ عالِمًا بالحَقِّ أو غيرَ عالمٍ فهو جاهِلٌ أيضًا... وكذلك مَن عَمِل بخِلافِ الحَقِّ فهو جاهِلٌ وإن عَلِم أنَّه مخالِفٌ للحَقِّ... وسَبَبُ ذلك أنَّ العِلمَ الحقيقيَّ الرَّاسِخَ في القَلبِ يمتَنِعُ أن يَصدُرَ معه ما يخالِفُه من قولٍ أو فعلٍ، فمتى صدَرَ خِلافُه فلا بُدَّ مِن غفلةِ القَلبِ عنه، أو ضَعْفِه في القَلبِ بمقاومةِ ما يعارِضُه، وتلك أحوالٌ تُناقِضُ حقيقةَ العِلمِ، فيصيرُ جَهلًا بهذا الاعتبارِ) [622] ((اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم)) (1/ 256). .

انظر أيضا: