موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعًا: مَظاهرُ وصُوَرُ الفِراسةِ


1- فِراسةُ تَحسينِ الألفاظِ: وهو جُزءٌ مِنَ الفِراسةِ اعتَنى به العُلماءُ وغَيرُهم، ومِن أمثِلتِه: أنَّ الرَّشيدَ رَأى في دارِه حُزمةَ خَيزُرانٍ، فقال لوزيرِه الفَضلِ بنِ الرَّبيعِ: ما هذه؟ قال: عُروقُ الرِّماحِ يا أميرَ المُؤمِنينَ، ولم يَقُلْ: الخَيزُرانَ؛ لموافقَتِه لاسمِ أُمِّه.
ونَظيرُ هذا أنَّ بَعضَ الخُلفاءِ سَأل ولدَه -وفي يدِه مِسواكٌ- ما جَمعُ هذا؟ قال: ضِدُّ مَحاسِنِك، يا أميرَ المُؤمِنينَ؛ خَشيةُ أن يقولَ: مَساويك!
وخَرَجَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه يعُسُّ المَدينةَ باللَّيلِ، فرَأى نارًا موقَدةً في خِباءٍ، فوقَف وقال: (يا أهلَ الضَّوءِ). وكرِهَ أن يقولَ: يا أهلَ النَّارِ [7219] ذكره الخطابي في ((غريب الحديث)) (2/52). .
قيل للعَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ: أيُّما أكبَرُ، أنتَ أم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقال: هو أكبَرُ منِّي، وأنا وُلِدتُ قَبلَه [7220] رواه الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (9/273)، والحاكم (5398) واللفظ له قال الهيثمي: رجالُه رجالُ الصَّحيحِ. .
2- التَّأمُّلُ والنَّظَرُ في عَواقِبِ الأُمورِ ومآلاتِها، سَواءٌ في الفِعلِ أوِ التَّركِ، وهو أعظَمُ مَقصودٍ في هذا البابِ.
3- ومنها تَوسُّمُ المُعلِّمِ في طُلَّابِه لمَعرِفةِ قُدُراتِهمُ الذِّهنيَّةِ والعِلميَّةِ؛ ليُعطيَ كُلَّ شَخصٍ مِنَ الاهتِمامِ بحَسَبِه.
4- مِنَ الفِراسةِ: مَعرِفةُ حِيَلِ المُجرِمينَ وطَرائِقِهم ودَسائِسِهم في تَدميرِ عَقائِدِ النَّاسِ وأخلاقِهم.
5- ومِن صُوَرِها: فِراسةُ القاضي في الخُصومِ؛ قال ابنُ فَرحونَ: (يُستَحَبُّ للقاضي أن يستَعمِلَ الفِراسةَ، ويُراقِبَ أحوالَ الخَصمَينِ عِندَ الإدلاءِ بالحُجَجِ ودَعوى الحُقوقِ؛ فإن تَوسَّمَ في أحَدِ الخَصمَينِ أنَّه أبطَنَ شُبهةً فليتَلطَّفْ في الكشفِ والفحصِ عن حَقيقةِ ما تَوهَّمَ فيه) [7221] ((تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام)) لابن فرحون (2/216). .

انظر أيضا: