موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعًا: أسبابُ ضَعفِ الغَيْرةِ


لضَعفِ الغَيْرةِ أسبابٌ عديدةٌ، نقتَصِرُ على ذِكرِ بَعضِها فيما يلي:
1- ضَعفُ الإيمانِ:
يشيرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أنَّ الغَيْرةَ لا تكونُ إلَّا من مُؤمِنٍ، بقَولِه: ((إنَّ اللهَ يَغارُ، وإنَّ المُؤمِنَ يَغارُ)) [7139] رواه مطوَّلًا: البخاري (5223)، ومسلم (2761) واللفظ له من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. . فحياةُ القلبِ بالإيمانِ تجعَلُ الإنسانَ غَيورًا، وبقَدرِ إيمانِه تكونُ غَيرتُه، وإذا ضَعُف الإيمانُ ضَعُفت الغَيْرةُ.
2- كثرةُ الذُّنوبِ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (ومِن عُقوباتِ الذُّنوبِ: أنَّها تُطفِئُ من القلبِ نارَ الغَيْرةِ، التي هي لحياتِه وصلاحِه كالحرارةِ الغريزيَّةِ لحياةِ جميعِ البَدَنِ؛ فالغَيْرةُ حرارتُه ونارُه التي تخرِجُ ما فيه من الخَبَثِ والصِّفاتِ المذمومةِ) [7140] ((الجواب الكافي)) (ص: 66). .
3- الجَهلُ:
فمن أسبابِ ضَعفِ الغَيْرةِ الجَهلُ بأهميَّةِ الغَيْرةِ، وخُطورةِ غِيابِها؛ فضِدُّ الغَيْرةِ الدِّياثةُ، وضِدُّ الغَيُورِ الدَّيُّوثُ، كذلك الجَهلُ بعِظَمِ المسؤوليَّةِ تجاهَ الأهلِ؛ فالرَّجُلُ محاسَبٌ ومسؤولٌ يومَ القيامةِ عن رعيَّتِه.
4- التَّقليدُ للكُفَّارِ والمُفسِدين:
فالغَيْرةُ من الأخلاقِ الفاضِلةِ التي يرادُ لها أن تُقلَعَ من بلادِ المُسلِمين، بفِعلِ دُعاةِ تقليدِ الغَربِ الذين انعدَمَت لديهم الغَيْرةُ؛ لذا يريدون إماتةَ خُلُقِ الغَيْرةِ في نفوسِ المُسلِمين، وقد حذَّر الإسلامُ من تقليدِ الكُفَّارِ والتَّشبُّهِ بهم؛ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تشَبَّه بقومٍ فهو منهم)) [7141] أخرجه أبو داود (4031) واللفظ له، وأحمد (5114) مطوَّلًا من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما. صحَّحه ابنُ حبان كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (437)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (4/358)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4031)، وجوَّده ابن تَيميَّةَ في ((مجموع الفتاوى)) (25/331). .
5- وسائِلُ الإعلامِ الفاسِدةُ:
إنَّ لوسائِلِ الإعلامِ دَورًا كبيرًا في إفسادِ النَّاسِ -كالإذاعةِ والتِّلفازِ، والصُّحُفِ، والشَّبَكةِ العَنكبوتيَّةِ، وغيرِها؛ فالكثيرُ من هذه الوسائِلِ مليءٌ بالأغاني الفاحِشةِ، والصُّوَرِ الخليعةِ، والمُسلسَلاتِ الماجِنةِ التي اعتاد النَّاسُ مُشاهدتَها- وغَرْسِ أخلاقٍ وسُلوكيَّاتٍ لا تَمُتُّ للإسلامِ ولا للمُسلِمين بصِلةٍ، فأخَذ خُلُقُ الغَيْرةِ يَضعُفُ شيئًا فشيئًا.
6- انتِشارُ المُنكَراتِ:
إنَّ انتشارَ المُنكَراتِ في المجتَمَعاتِ الإسلاميَّةِ بلا نكيرٍ ولا تغييرٍ، يجعَلُها مألوفةً لدى النَّاسِ، فتَضعُفُ الغَيْرةُ في القُلوبِ؛ يقولُ ابنُ القَيِّمِ في أثرِ المعاصي في الإنسانِ: و(كلَّما اشتدَّت مُلابَستُه للذُّنوبِ، أخرَجَت مِن قَلبِه الغَيْرةَ على نفسِه وأهلِه وعُمومِ النَّاسِ، وقد تَضعُفُ في القلبِ جِدًّا حتَّى لا يَستقبِحَ بَعدَ ذلك القَبيحَ لا من نَفسِه ولا مِن غيرِه) [7142] (الجواب الكافي)) لابن القيم (67). .

انظر أيضا: