موسوعة الأخلاق والسلوك

ثامنًا: موانِعُ العِفَّةِ


1- ضَعفُ الإيمانِ.
2- وسائِلُ الإعلامِ المنحَرِفةُ:
فكثيرٌ من وسائِلِ الإعلامِ الموجودةِ في البلادِ الإسلاميَّةِ -فضلًا عن غيرِها- قد انحرفَت عن الجادَّةِ وسلكَت طريقَ الفسادِ والإفسادِ، سواءٌ القنواتُ الفضائيَّةُ، أو الشَّبكةُ العنكبوتيَّةُ، أو الإذاعاتُ والمجلَّاتُ والصُّحُفُ، فتجِدُها تبثُّ السُّمومَ وتنشُرُ الرَّذيلةَ، وتدعو إلى خلافِ العِفَّةِ.
3- الاختِلاطُ والخَلوةُ:
(إنَّ العِفَّةَ حِجابٌ يمزِّقُه الاختلاطُ؛ ولهذا صار طريقُ الإسلامِ التَّفريقَ والمباعدةَ بينَ المرأةِ والرَّجُلِ الأجنبيِّ عنها، فالمجتمَعُ الإسلاميُّ مجتمعٌ فرديٌّ لا زوجيٌّ؛ فللرِّجالِ مجتمعاتُهم، وللنِّساءِ مجتمعاتُهنَّ، ولا تخرجُ المرأةُ إلى مجتمَعِ الرِّجالِ إلَّا لضرورةٍ أو حاجةٍ بضوابطِ الخروجِ الشَّرعيَّةِ.
كلُّ هذا لحفظِ الأعراضِ والأنسابِ، وحراسةِ الفضائلِ، والبُعدِ عن الرَّيبِ والرَّذائلِ، وعدَمِ إشغالِ المرأةِ عن وظائفِها الأساسِ في بيتِها، ولذا حُرِّم الاختلاطُ، سواءٌ في التَّعليمِ، أم في العمَلِ، والمؤتمراتِ، والنَّدواتِ، والاجتماعاتِ العامَّةِ والخاصَّةِ وغيرِها؛ لما يترتَّبُ عليه من هتكِ الأعراضِ ومرَضِ القلوبِ، وخطَراتِ النَّفسِ، وخنوثةِ الرِّجالِ، واسترجالِ النِّساءِ، وزوالِ الحياءِ، وتقلُّصِ العِفَّةِ والحِشمةِ، وانعدامِ الغيرةِ) [6825] ((حراسة الفضيلة)) لبكر أبو زيد (97، 98). .
قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب: 53] .
وعن عُقبةَ بنِ عامرٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إيَّاكم والدُّخولَ على النِّساءِ، فقال رجلٌ من الأنصارِ: يا رسولَ اللهِ، أفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: الحَموُ الموتُ [6826] الحَمْوُ الموتُ: معناه أنَّ الخوفَ منه أكثَرُ من غيرِه والشَّرَّ يُتوقَّعُ منه والفتنةُ أكثَرُ؛ لتمكُّنِه من الوصولِ إلى المرأةِ والخَلوةِ من غيرِ أن يُنكَرَ عليه، بخلافِ الأجنبيِّ، والمرادُ بالحَموِ هنا أقارِبُ الزَّوجِ غيرَ آبائِه وأبنائِه. يُنظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (14/154). ) [6827] رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172). .
وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يخلوَنَّ رجُلٌ بامرأةٍ ، ولا تُسافِرَنَّ امرأةٌ إلَّا ومعها مَحرَمٌ)) [6828] رواه مطوَّلًا البخاري (3006) واللفظ له، ومسلم (1341) من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. .
4- تبَرُّجُ النِّساءِ:
فتَبَرُّجُ النِّساءِ من الأسبابِ التي تحولُ دونَ العِفَّةِ؛ لذا أُمِرَت المرأةُ بالقرارِ في البيتِ، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33] ، فإذا خرجَت التَزمَت بالضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ، ومنها الالتزامُ بالحجابِ الشَّرعيِّ، ومن ذلك ما جاء في قولِه تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31] ، قال السَّعديُّ في تفسيرِه لهذه الآيةِ: (أي: لا يضرِبْنَ الأرضَ بأرجُلِهنَّ، ليصوتَ ما عليهنَّ من حُليٍّ، كخلاخِلَ وغيرِها، فتُعلَمَ زينتُها بسببِه، فيكونَ وسيلةً إلى الفتنةِ. ويؤخَذُ من هذا ونحوِه قاعِدةُ سَدِّ الوسائلِ، وأنَّ الأمرَ إذا كان مباحًا ولكنَّه يُفضي إلى محرَّمٍ، أو يُخافُ من وقوعِه، فإنَّه يُمنَعُ منه، فالضَّربُ بالرِّجلِ في الأرضِ الأصلُ أنَّه مباحٌ، ولكِنْ لَمَّا كان وسيلةً لعِلمِ الزِّينةِ، مُنِع منه) [6829] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (566). .
5- استماعُ الأغاني والمعازفِ:
فقد روى البخاريُّ في صحيحِه من حديثِ أبي عامرٍ أو أبي مالكٍ الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه: ((سَمعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ليَكونَنَّ من أمَّتي أقوامٌ يَستحِلُّون الحِرَ [6830] الحِرُ: فَرجُ المرأةِ. يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/104). ، والحريرَ، والخمرَ، والمعازفَ)) [6831] رواه البخاري موصولًا وصورته معلَّق بصيغة الجزم (5590). .
(والحِكمةُ في التَّحريمِ ظاهرةٌ: حيثُ إنَّ المتتَبِّعَ لمجالسِ الغِناءِ الفاسِقِ، ومسارحِ الطَّربِ، وأماكنِ اللَّهوِ، وما يصاحِبُها من معازفَ وآلاتٍ في ذلك يجدُ الرَّقصَ الخليعَ الفاجرَ، من نساءٍ امتَهَنَّ الرَّذيلةَ والفاحِشةَ، ويجِدُ العربدةَ والصِّياحَ المتعاليَ من أفواهِ السُّكارى، ويجِدُ الكلِماتِ البذيئةَ الفاحشةَ العاريةَ من الحياءِ والخَجَلِ، والمُتخَمةَ بالوقاحةِ وسوءِ الأدبِ، يجِدُ الاختلاطَ الشَّائنَ بينَ عوائلَ متحَلِّلةٍ؛ حيث التَّخلُّعُ والمراقَصةُ وهَدرُ النَّخوةِ والشَّرَفِ... وباختصارٍ يجِدُ التَّحلُّلَ والإباحيَّةَ في أسوأِ تبذُّلِها ومظاهِرِها) [6832] ((تربية الأولاد في الإسلام)) لعبد الله العلوان (2/921، 922). .
قال الفُضَيلُ بنُ عياضٍ: الغِناءُ رُقيةُ الزِّنا [6833] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((ذم الملاهي)) (55). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (فإنَّه رُقيةُ الزِّنا ومَنبِتُ النِّفاقِ وشَرَكُ الشَّيطانِ، وخمرةُ العقلِ، وصَدُّه عن القرآنِ أعظمُ من صَدِّ غيرِه من الكلامِ الباطِلِ؛ لشِدَّةِ مَيلِ النُّفوسِ ورغبتِها فيه) [6834] ((إغاثة اللهفان)) (1/240). .
6- البيئةُ الفاسدةُ والصُّحبةُ السَّيِّئةُ.
فالصاحِبُ ساحبٌ، و(النَّاسُ كأسرابِ القَطَا [6835] نوعٌ من اليمامِ. يُنظَر: ((المعجم الوسيط)) (2/ 748). ؛ مجبولون على تشبُّهِ بعضِهم ببعضٍ) [6836] ((مجموع الفتاوى)) (28/ 150). .
7- غيابُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ.
8- الطَّمَعُ وشِدَّةُ الحِرصِ.

انظر أيضا: