موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نَماذِجُ مِن عَدلِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم


- عن عَطاءٍ قال: كان عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه يأمُرُ عُمَّالَه أن يوافوه بالمَوسِمِ، فإذا اجتَمَعوا قال:
(أيُّها النَّاسُ، إنِّي لم أبعَثْ عُمَّالي عليكم ليُصيبوا مِن أبشارِكم ولا مِن أموالِكم، إنَّما بَعَثتُهم ليحجُزوا بَينَكم، وليَقسِموا فَيئَكم بَينَكم، فمن فُعِل به غَيرُ ذلك فليَقُمْ، فما قامَ أحَدٌ إلَّا رَجُلٌ واحِدٌ، قامَ فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنَّ عامِلَك فلانًا ضَرَبني مِائةَ سَوطٍ. قال: فيمَ ضَربْتَه؟ قُمْ فاقتَصَّ منه. فقامَ عَمرُو بنُ العاصِ فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنَّك إن فعَلتَ هذا يَكثُرُ عليك ويكونُ سُنَّةً يأخُذُ بها مَن بَعدَك! فقال: أَنَّى لا أُقِيدُ وقد رَأيتُ رَسولَ اللهِ يُقِيدُ مِن نَفسِه؟! قال: فدَعْنا فلْنُرْضِه. قال: دونَكم فأرْضُوه، فافتَدى منه بمِائَتَي دينارٍ. كُلُّ سَوطٍ بدينارَينِ) [6276] رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3870) واللفظ له، وابن شبة في ((تاريخ المدينة)) (3/806). .
- (وقدِمَ على عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ، فقال: لقد جِئتُك لأمرٍ ما له رَأسٌ ولا ذَنَبٌ. فقال عُمَرُ: ما هو؟ قال: شَهاداتُ الزُّورِ ظَهَرَت بأرضِنا! فقال عُمَرُ: أوَ قد كان ذلك؟! قال: نَعَم. فقال عُمَرُ: واللهِ لا يُؤسَرُ رَجُلٌ في الإسلامِ بغَيرِ العُدولِ [6277] أي: لا يُحبَسُ، والأسْرُ: الحَبسُ، أو لا يملِكُ ملك الأسيرِ؛ لإقامةِ الحقوقِ عليه إلَّا بالصَّحابةِ الذين جميعُهم عُدولٌ، وبالعدولِ من غيرِهم، فمَن لم يكن صحابيًّا ولم تُعرَفْ عدالتُه لم تُقَبْل شهادتُه، حتى تُعرُفَ عدالتُه مِن فِسقِه. يُنظَر: ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (4/ 10) [6278] رواه مالك (2/720)، والبيهقي (21142). .
- وعن عاصِمِ بنِ كُلَيبٍ، عن أبيه، أنَّ عليًّا رَضِيَ اللهُ عنه قَسَّم ما في بَيتِ المالِ على سَبعةِ أسباعٍ، ثُمَّ وجَدَ رَغيفًا فكسَّرَه سَبعَ كِسَرٍ، ثُمَّ دَعا أُمَراءَ الأجنادِ فأقرَعَ بَينَهم [6279] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 300). !
- وعن عليِّ بنِ رَبيعةَ قال: (كان لعَليٍّ امرَأتانِ، فإذا كان يومُ هذه اشتَرى لحمًا بنِصفِ دِرهَمٍ، وإذا كان يومُ هذه اشتَرى لحمًا بنِصفِ دِرهَمٍ) [6280] رواه ابن أبي الدنيا في ((النفقة على العيال)) (2/ 702). .
- وكان عَبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ يأتي أهلَ خَيبَرَ كُلَّ عامٍ يَخرُصُها عليهم، ثُمَّ يُضَمِّنُهمُ الشَّطرَ، قال: فشَكَوا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شِدَّةَ خَرصِه، وأرادوا أن يَرشُوه، فقال: يا أعداءَ اللهِ، أتطعِموني السُّحتَ، واللهِ لقد جِئتُكم مِن عِندِ أحَبِّ النَّاسِ إليَّ، ولأنتم أبغَضُ إليَّ مِن عِدَتِكم مِنَ القِرَدةِ والخَنازيرِ، ولا يحمِلُني بُغضي إيَّاكم وحُبِّي إيَّاه على ألَّا أعدِلَ عليكم، فقالوا: بهذا قامَتِ السَّماواتُ والأرضُ [6281] رواه ابن حبان (5199)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (4/ 229-231). .
- وعن يحيى بنِ سَعيدٍ قال: (كان لمُعاذِ بنِ جَبَلٍ امرَأتانِ، فإذا كان عِندَ إحَداهما لم يتَوضَّأْ مِن بَيتِ الأُخرى، قال: فماتَتا في طاعونٍ أصابَهما في يومٍ واحِدٍ، فقدَّمهما إلى الحُفرةِ، ثُمَّ أقرَع بَينَهما، أيَّتَهما يُدخِلُ الحُفرةَ قَبلَ الأُخرى؟ ثُمَّ عَفَّرَ دَرَقَهما جَميعًا في حُفرةٍ واحِدةٍ) [6282] رواه ابن أبي الدنيا في ((النفقة على العيال)) (2/ 705). .

انظر أيضا: