موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: حُكمُ الصَّمتِ


يدورُ حُكمُ الصَّمتِ بَيْنَ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ الخمسةِ؛ فمنه الواجِبُ، كالسُّكوتِ عن الشَّرِّ المحضِ، من غِيبةٍ ونميمةٍ ونحوِه، وكالسُّكوتِ للإنصاتِ إلى الإمامِ يخطُبُ الجُمُعةَ.
ومنه المندوبُ، وهو: السُّكوتُ عن كلامٍ مكروهٍ أو مباحٍ؛ قال النَّوويُّ: (الكلامُ المباحُ مأمورٌ بتركِه مندوبٌ إلى الإمساكِ عنه؛ مخافةً من انجرارِه إلى المحرَّمِ أو المكروهِ، وهذا يقعُ في العادةِ كثيرًا أو غالبًا) [6103] ((شرح مسلم)) (2/ 19). .
ومنه المحرَّمُ، وهو: السُّكوتُ عن واجبٍ، ككِتمانِ شهادةٍ يَلزَمُه أداؤُها؛ قال تعالى: وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّه آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة: 283] .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (... الصَّمتُ ... إذا طال، وتضمَّن تَرْكَ الواجِبِ، صار حرامًا) [6104] ((مختصر الفتاوى المصرية)) للبعلي (25/294). .
وقال أيضًا: (والصَّمتُ عمَّا يجبُ من الكلامِ حرامٌ، سواءٌ اتَّخذه دِينًا أو لم يتَّخِذْه) [6105] ((مجموع الفتاوى)) (25/294). .
وقال العَينيُّ: (والصَّمتُ المنهيُّ عنه تركُ الكلامِ عن الحَقِّ لِمَن يستطيعُه، وكذا المباحُ الذي يستوي طرَفَاه) [6106] ((عمدة القاري)) (16/291). .
ومنه المكروهُ، كتعطيلِ اللِّسانِ عن الذِّكرِ من غيرِ داعٍ؛ قال الباجيُّ: (وأمَّا الصَّمتُ عن الخيرِ وذِكرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ؛ فليس بمأمورٍ به، بل هو منهيٌّ عنه نهيَ تحريمٍ، أو نهيَ كراهةٍ) [6107] ((المنتقى شرح الموطأ)) (7/242). .
ومنه المباحُ الذي قد استوى طرَفاه، وهذا قد يكونُ طاعةً، وقد يكونُ معصيةً بحَسَبِ النِّيَّةِ.

انظر أيضا: