موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعًا: فوائِدُ الصَّمتِ


للصَّمتِ المحمودِ فوائدُ عديدةٌ يعودُ نفعُها على الفردِ المتحَلِّي به، ومنها:
1- دليلُ كمالِ الإيمانِ، وحُسنِ الإسلامِ؛ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُسلِمُ مَن سَلِم المُسلِمون من لسانِه ويَدِه)) [6008] أخرجه البخاري (10) من حديثِ عبد اللهِ بنِ عمرٍو، وأخرجه مسلم (41) من حديثِ جابرٍ. . ((المُسلِمُ)) أي: المُسلِمُ الكامِلُ الجامعُ لخصالِ الإسلامِ: مَن لم يُؤذِ مُسلِمًا بقولٍ ولا فِعلٍ [6009] ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) لابن الملقن (2/ 491). .
2- السَّلامةُ من العَطَبِ في المالِ والنَّفسِ والعِرضِ.
3- دليلُ حُسنِ الخُلُقِ وطهارةِ النَّفسِ.
4- يُثمِرُ محبَّةَ اللهِ، ثمَّ محبَّةَ النَّاسِ. (وقد قال بعضُ الصَّالحين: الزَمِ الصَّمتَ يَكسِبْك صفوَ المحبَّةِ، ويأمَنْك سوءَ المغبَّةِ، ويُلبِسْك ثوبَ الوَقارِ، ويَكْفِك مُؤنةَ الاعتذارِ) [6010] ((صيد الأفكار)) لحسين المهدي (ص: 496). .
5- سببٌ للفوزِ بالجنَّةِ، والنَّجاةِ من النَّارِ.
6- من أقوى أسبابِ التَّوقيرِ.
7- دليلٌ على الحكمةِ وكَمالِ العقلِ؛ قال الحسَنُ البصريُّ: (كانوا يقولون: إنَّ لسانَ الحكيمِ مِن وراءِ قلبِه، فإذا أراد أن يقولَ يرجِعُ إلى قلبِه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسَك، وإنَّ الجاهِلَ قَلبُه في طَرَفِ لسانِه، لا يرجِعُ إلى القَلبِ، فما أتى على لسانِه تكلَّم به) [6011] ((الزهد)) لعبد اللهِ بن المبارك - رواية المروزي (ص: 131) رقم (390). ، وقال سَعدونَ الرَّازيُّ: (كنتُ مع حاتمٍ الأصَمِّ فكان يتكَلَّمُ فقَلَّ كلامُه، فقيل له في ذلك: قد كُنتَ تتكَلَّمُ فتنفَعُ النَّاسَ! فقال: إنِّي لا أحِبُّ أن أتكلَّمَ كَلِمةً قبلَ أن أستَعِدَّ جوابَها للهِ، فإذا قال اللهُ تعالى لي يومَ القيامةِ: لمَ قلتَ كذا؟ قلتُ: يا ربِّ، لكذا) [6012] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (9/ 153). . وقال الحُكَماءُ: (إذا تمَّ العقلُ نَقَص الكلامُ) [6013] ((أدب المجالسة)) لابن عبد البر (ص: 91). .
8- يجمَعُ للإنسانِ لُبَّه.
9- الفراغُ للفِكرِ والذِّكرِ والعبادةِ، وقد قيل: (الصَّمتُ هو أوَّلُ العبادةِ) [6014] ((الزهد)) لهناد (2/ 546) رقم (1131). .
10- السَّلامةُ من تَبِعاتِ القولِ في الدُّنيا ومن حسابِه في الآخرةِ؛ قال بعضُ السَّلَفِ: (واستَعِنْ على السَّلامةِ بطولِ الصَّمتِ في المواطِنِ) [6015] ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (27/ 388). . وقال ابنُ عبَّاسٍ: (يا لِسانُ قُلْ فاغنَمْ، أو اسكُتْ واسلَمْ، قبلَ أن تندَمَ) [6016] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص266) رقم (574). . وقيل: (الصَّمتُ آيةُ الفضلِ، وثمَرةُ العقلِ، وزَينُ العِلمِ، وعونُ الحِلمِ؛ فالزَمْه تلزَمْك السَّلامةُ) [6017] ((صيد الأفكار)) لحسين المهدي (ص: 496). .
وقيل لعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ: (ما تقولُ في أهلِ صِفِّينَ؟ فقال: تلك دماءٌ طَهَّر اللهُ يدي منها، فلا أحِبُّ أن أخضِبَ لِساني بها) [6018] ((العزلة)) للخطابي (ص: 92). .
وأنشَد بعضُهم:
وقُلِ الخَيرَ وإلَّا فاصمُتَنَّ
فإنَّه من لَزِم الصَّمتَ سَلِم [6019] ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/ 127). .
11- يَكسِبُ احترامَ الآخرين، ولا سيَّما عِندَ الجِدالِ والمنازعاتِ.
12- يساعِدُ على حُسنِ الإنصاتِ والاستماعِ.
13- يَكسِبُ صاحِبَه مهابةً وسكينةً ووقارًا.
14- العافيةُ، وأنشدوا في ذلك:
يموتُ الفتى من عَثرةٍ بلِسانِه
وليس يموتُ المرءُ من عَثرةِ الرِّجْلِ
فعَثرتُه من فيه ترمي برأسِه
وعَثرتُه بالرِّجلِ تَبْرى على مَهَلِ [6020] ((المشيخة البغدادية)) لأبي طاهر السلفي (5/ 70) رقم (70)، ((الرسالة المغنية)) لابن البناء (ص: 34) رقم (14). .
15- تحصيلُ العِلمِ؛ قال أبو الذَّيَّالِ: (بالصَّمتِ تأخُذُ عِلمَ مَن هو أعلَمُ منك) [6021] ((جامع بيان العلم)) لابن عبد البر (1/ 550) (915). .
16- الاستغناءُ عن الاعتذارِ إلى الآخَرين.
17- سَترُ العيوبِ، قيل:
لسانُ المرءِ يُنبِئُ عن حِجاه [6022] الحِجا: العَقلُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 68).
 وعِيُّ المرءِ يَستُرُه السُّكوتُ [6023] ((عمدة الكتاب)) للنحاس (ص: 291) رقم (921). .
18- السَّلامةُ من آفاتِ اللِّسانِ والوقوعِ في الغَلَطِ، وقد قيل:
أنت من الصَّمتِ آمِنُ الزَّلَلِ
ومن كثيرِ الكلامِ في وَجَلِ
لا تَقُلِ القَولَ ثمَّ تُتبِعْه
يا ليتَ ما كنتُ قُلتُ لم أقُلِ [6024] ((الرسالة المغنية)) لابن البناء (ص: 33) رقم (11). .
19- صلاحُ العَمَلِ؛ قال يونُسُ بنُ عُبَيدٍ: (ما مِنَ النَّاسِ أحدٌ يكونُ لِسانُه منه على بالٍ إلَّا رأيتُ ذلك صلاحًا في سائِرِ أعمالِه) [6025] ((الزهد)) لابن أبي عاصم (ص: 58) رقم (112). .

انظر أيضا: