موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا: الوسائِلُ المعينةُ على اكتسابِ الصَّمتِ


الوسائِلُ المعينةُ على اكتسابِ صِفةِ الصَّمتِ كثيرةٌ، نذكُرُ منها ما يلي:
1- النَّظَرُ في سيرةِ السَّلَفِ الصَّالحِ، والاقتداءُ بهم.
2- التَّأمُّلُ في العواقِبِ الوخيمةِ والسَّيئةِ للكلامِ الذي لا فائدةَ فيه، والذي يُفضي إلى الكلامِ الباطلِ. وفي الحديثِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ العبدَ ليتكَلَّمُ بالكَلِمةِ ما يتبيَّنُ فيها، يَزِلُّ بها في النَّارِ أبعَدَ ممَّا بَيْنَ المشرِقِ!)) [6065] أخرجه البخاري (6477) واللفظ له، ومسلم (2988) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وقال الجاحِظُ: (فلْيَزِدْك في الصَّمتِ رغبةً ما ترى من كثرةِ فضائحِ المتكَلِّمين في غيرِ الفُرَصِ، وهَذَرِ من أطلَق لسانَه بغيرِ حاجةٍ) [6066] ((الرسائل السياسية)) للجاحظ (ص: 79). .
3- العزلةُ والابتعادُ عن المجالِسِ التي يكثُرُ فيها اللَّغطُ والفُحشُ والكلامُ البَذيءُ.
قال الغزاليُّ: (وأمَّا الصَّمتُ فإنَّه تُسَهِّلُه العُزلةُ، ولكِنَّ المعتَزِلَ لا يخلو عن مشاهدةِ من يقومُ له بطعامِه وشرابِه وتدبيرِ أمرِه، فينبغي ألَّا يتكَلَّمَ إلَّا بقدرِ الضَّرورةِ؛ فإنَّ الكلامَ يشغَلُ القلبَ، وشَرَهُ القلوبِ إلى الكلامِ عظيمٌ؛ فإنَّه يستروِحُ إليه، ويستَثقِلُ التَّجرُّدَ للذِّكرِ والفِكرِ، فيستريحُ إليه، فالصَّمتُ يُلقِحُ العقلَ، ويجلِبُ الوَرَعَ، ويُعَلِّمُ التَّقوى) [6067] ((إحياء علوم الدين)) (3/76). .
4- تقوى اللهِ تعالى؛ قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: (التَّقيُّ مُلجَمٌ لا يستطيعُ كُلَّ ما يريدُ) [6068] ((شعب الإيمان)) للبيهقي (7/ 518) رقم (5404). ، وقال أبو حازمٍ سَلَمةُ بنُ دينارٍ لبَعضِ خَصمِه: (واللهِ لولا تَبِعةُ لِساني لأشفَيتُ منكم اليومَ صَدْري) [6069] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 220) رقم (423). .
5- معرفةُ ما للخازِنِ لسانَه من عظيمِ الأجرِ؛ قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((طوبى لمن ملَك لسانَه!)) [6070] أخرجه ابن أبي الدنيا في ((العزلة والانفراد)) (2)، وابن أبي عاصم في ((الزهد)) (34)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (2340) من حديثِ ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه. حسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3929)، وحسَّن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/302). .
6- أن يَعلَمَ أنَّ الصَّمتَ من أهمِّ أسبابِ النَّجاةِ؛ فعن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما النَّجاةُ؟ قال: أمسِكْ عليك لسانَك، ولْيَسَعْك بيتُك، وابكِ على خطيئتِك)) [6071] أخرجه من طرق: الترمذي (2406) واللفظ له، وأحمد (17334). صحَّحه يحيى بن مَعين كما في ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (8/265)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2406)، وحسَّنه الترمذي، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (28/ 570). .
7- طَلَبُ العِلمِ؛ قال الحَسَنُ البَصريُّ: (كان الرَّجُلُ إذا طلَب العلمَ لم يَلبَثْ أن يُرى ذلك في تخشُّعِه وبَصَرِه ولِسانِه) [6072] ((أخلاق العلماء)) للآجري (ص: 118) رقم (50). .
8- رياضةُ النَّفسِ ومجاهَدتُها على الصَّمتِ وإمساكِ اللِّسانِ؛ قال الأوزاعيُّ: (لم يكُنْ بالشَّامِ رجُلٌ يفضُلُ على ابنِ أبي زكريَّا، قال: عالجتُ لساني عشرينَ سنةً قبل أن يستقيمَ لي) [6073] ((الزهد)) لأحمد - رواية عبد الله (ص: 310) رقم (951). ، وقال مُوَرِّقٌ العِجليُّ: (لقد تعلَّمْتُ الصَّمتَ عَشرَ سِنينَ) [6074] ((الزهد)) لعبد اللهِ بن المبارك - رواية نعيم بن حماد (2/ 11). ، وقال بعضُ أهلِ العلمِ: (ابنَ آدَمَ، عَلِّمْ نفسَك الصَّمتَ كما تُعَلِّمُها الكلامَ) [6075] ((الجامع)) لابن وهب - الآداب (ص: 532) رقم (425). .
9- إذا عَرَف أنَّ إطلاقَ اللِّسانِ علامةٌ على الخِذلانِ؛ قال معروفٌ الكَرخيُّ: (كلامُ العبدِ فيما لا يَعنيه خِذلانٌ من اللهِ تعالى) [6076] ((الحلية)) لأبي نعيم الأصبهاني (8/ 361). .

انظر أيضا: