موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


أمر الإسلامُ بالصِّدقِ وحَثَّ عليه في كُلِّ المعاملاتِ التي يقومُ بها المُسلِمُ، والأدلَّةُ كثيرةٌ من القرآنِ الكريمِ على هذا الخُلُقِ النَّبيلِ:
1- قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119] . (أي: اصدُقوا والزَموا الصِّدقَ تكونوا مع أهلِه، وتنجوا من المهالِكِ، ويجعَلْ لكم فرَجًا من أمورِكم ومخرَجًا) [5746] يُنظَر: ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/230). .
2- ووصَف اللهُ به نفسَه فقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] وقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 122] . أي: لا أحَدَ أصدَقُ منه في حديثِه وخبَرِه، ووَعدِه ووعيدِه سُبحانَه؛ فحديثُه وأخبارُه وأقوالُه في أعلى مراتِبِ الصِّدقِ، فليس في كلامِ اللهِ سُبحانَه وتعالى شيءٌ من الكَذِبِ إطلاقًا [5747] يُنظَر: ((جامع البيان)) لابن جرير (7/279، 280)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/370)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 191)، ((تفسير ابن عثيمين - سورة النساء)) (2/46). .
3- وقال عزَّ وجَلَّ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69] . قال الشَّوكانيُّ: (قولُه: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ كلامٌ مستأنَفٌ لبيانِ فضلِ طاعةِ اللهِ والرَّسولِ، والإشارةُ بقولِه: فَأُولَئِكَ إلى المطيعين، كما تفيدُه مَنْ. مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء: 69] بدخولِ الجنَّةِ، والوصولِ إلى ما أعَدَّ اللهُ لهم، والصِّدِّيقُ: المبالغُ في الصِّدقِ، كما تفيدُه الصِّيغةُ، وقيل: هم فضلاءُ أتباعِ الأنبياءِ، والشُّهداءُ: من ثبتت لهم الشَّهادةُ، والصَّالحين: أهلُ الأعمالِ الصَّالحةِ) [5748] يُنظَر: ((فتح القدير)) (2/172). .
4- وقال سُبحانَه: قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة: 119] .
(أي: ينفَعُ الصَّادقين في الدُّنيا صِدقُهم في الآخرةِ، ولو كذبوا خَتَم اللهُ على أفواهِهم، ونطَقَت به جوارحُهم فافتَضَحوا) [5749] يُنظَر: ((معالم التنزيل)) للبغوي (3/123). . ويستفادُ من هذه الآيةِ الحثُّ على الصِّدقِ، والتَّرغيبُ فيه، وبيانُ الفائدةِ العظيمةِ للصِّدقِ؛ لكونِه نافعًا للإنسانِ في ذلك الوقتِ الحَرِجِ يومَ القيامةِ، الذي يكون الإنسانُ فيه أحوجَ ما يكونُ إلى ما ينفَعُه [5750] يُنظَر: ((تفسير ابن عثيمين - سورة المائدة)) (2/569). .
5- وقال جل ثناؤه: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35] .
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ (أي: لهؤلاء الموصوفين بتلك الصِّفاتِ الجميلةِ، والمناقبِ الجليلةِ، التي هي ما بَيْنَ اعتقاداتٍ وأعمالِ قلوبٍ، وأعمالِ جوارحَ، وأقوالِ لسانٍ، ونفعٍ متعَدٍّ وقاصرٍ، وما بَيْنَ أفعالِ الخيرِ، وتركِ الشَّرِّ، الذي من قام بهنَّ فقد قام بالدِّينِ كُلِّه، ظاهِرِه وباطِنِه، بالإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ.
فجازاهم على عمَلِهم بالمغفرةِ لذنوبهم؛ لأنَّ الحسناتِ يذهِبنَ السَّيئاتِ وَأَجْرًا عَظِيمًا لا يَقدُرُ قَدْرَه إلَّا الذي أعطاه، ممَّا لا عينٌ رأت، ولا أذُنٌ سَمِعت، ولا خطَر على قلبِ بشَرٍ، نسألُ اللهَ أن يجعَلَنا منهم) [5751] يُنظَر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 664). ، وكفى بذلك ترغيبًا وحثًّا على الاتِّصافِ بهذه الصِّفاتِ الحميدةِ، ومنها الصِّدقُ.

انظر أيضا: