موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


التَّوسُّطُ من أبرَزِ ملامِحِ السِّيرةِ النَّبَويَّةِ؛ فسُنَّةُ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هي الوَسَطيَّةُ، ومن لَزِم هَدْيَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فقد استقام واعتدَل، ومِن ذلك:
1- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، يقولُ: (كان رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُفطِرُ مِن الشَّهرِ حتَّى نَظُنَّ أن لا يصومَ منه، ويصومُ حتَّى نظُنَّ أن لا يُفطِرَ منه شيئًا، وكان لا تشاءُ أن تراه من اللَّيلِ مُصَلِّيًا إلَّا رأيتَه، ولا نائمًا إلَّا رأيتَه) [491] أخرجه البخاري (1141). .
2- وسأل قومٌ جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه عن الغُسلِ، فقال: (يكفيك صاعٌ، فقال رجُلٌ: ما يكفيني، فقال جابِرٌ: كان يكفي مَن هو أوفى منك شَعرًا، وخيرٌ منك) [492] أخرجه البخاري (252) واللفظ له، ومسلم (329) بنحوه. .
3- عن أبي وائلٍ شقيقِ بنِ سَلَمةَ، قال: (كان عبدُ اللَّهِ -هو ابنُ مسعودٍ- يُذَكِّرُ النَّاسَ في كُلِّ خميسٍ، فقال له رجُلٌ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، لوَدِدْتُ أنَّك ذكَّرْتَنا كُلَّ يومٍ؟ قال: أمَا إنَّه يمنعُني من ذلك أني أكرَهُ أن أُمِلَّكم، وإنِّي أتخَوَّلُكم بالموعظةِ كما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتخَوَّلُنا بها مخافةَ السَّآمةِ علينا) [493] أخرجه البخاري (70) واللفظ له، ومسلم (2821). ، قال النَّوويُّ: (وفي هذا الحديثِ الاقتصادُ في الموعظةِ؛ لئلَّا تَمَلَّها القلوبُ، فيفوتَ مقصودُها) [494] ((شرح مسلم)) للنووي (17/ 164). .
4- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: (بينا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ إذا هو برجُلٍ قائمٍ، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيلَ، نذَرَ أن يقومَ ولا يقعُدَ، ولا يَستَظِلَّ، ولا يتكَلَّمَ، ويصومَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مُرْه فلْيتكَلَّمْ ولْيَستظِلَّ ولْيَقعُدْ، وليُتِمَّ صومَه) [495] أخرجه البخاري (6704). ، قال ابنُ القَيِّمِ: (وقد اقتُطِع أكثَرُ النَّاسِ إلَّا أقَلَّ القليلِ في هذينِ الواديَينِ: وادي التَّقصيرِ، ووادي المجاوَزةِ والتَّعدِّي، والقليلُ منهم جِدًّا الثَّابتُ على الصِّراطِ الذي كان عليه رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه) [496] ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (1/ 203). .

انظر أيضا: