موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- سُئِل ابنُ سِيرينَ رحمه اللهُ تعالى: ما القَلبُ السَّليمُ؟ فقال: النَّاصِحُ للهِ في خَلقِه [4773] ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي بن أبي طالب (9/6122). .
- ولمَّا حضَرَت عبدَ المَلِكِ بنَ مَروانَ الوفاةُ، جمَع ولَدَه، وفيهم مَسلَمةُ، وكان سَيِّدَهم، فقال: (أوصيكم بتقوى اللهِ؛ فإنَّها عِصمةٌ باقيةٌ، وجنَّةٌ واقيةٌ، وهي أحصَنُ كَهفٍ، وأزيَنُ حِليةٍ، ليَعطِفِ الكبيرُ منكم على الصَّغيرِ، وليَعرِفِ الصَّغيرُ منكم حَقَّ الكبيرِ، مع سلامةِ الصَّدرِ، والأخذِ بجَميلِ الأمورِ) [4775] رواه المعافى بن زكريا في ((الجليس الصالح الكافي)) (ص: 453)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (63/171). .
- وقال سُفيانُ بنُ دينارٍ: قُلتُ لأبي بَشيرٍ -وكان من أصحابِ عَليٍّ-: أخبِرْني عن أعمالِ مَن كان قَبْلَنا؟ قال: كانوا يعملون يسيرًا، ويُؤجَرون كثيرًا. قُلتُ: ولمَ ذاك؟ قال: لسلامةِ صُدورِهم [4776] رواه هناد في ((الزهد)) (2/600). .
- وقال الحارِثُ المُحاسِبيُّ: (إنَّه لا طريقَ أقرَبُ من الصِّدقِ، ولا دليلَ أنجَحُ من العِلمِ، ولا زادَ أبلغُ من التَّقوى، وما رأيتُ أنفى للوَسواسِ مِن تَركِ الفُضولِ، ولا أنوَرَ للقَلبِ من سلامةِ الصَّدرِ) [4777] ((رسالة المسترشدين)) للمحاسبي (161، 162). .
- وقال قاسِمٌ الجوعيُّ: (أفضَلُ طُرُقِ الجنَّةِ سلامةُ الصَّدرِ) [4778] ((الزهد والرقائق)) للخطيب البغدادي (32)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (49/ 123)، ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/389)، ((بستان العارفين)) للنووي (ص: 34). .
- وقال بدرُ الدِّينِ الغَزِّيُّ: (فمِن آدابِ العِشرةِ... سلامةُ قَلبِه للإخوانِ، والنَّصحيةُ لهم، وقَبولُها منهم؛ لِقَولِه تعالى: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 89] ، وقال السَّقَطيُّ رحمه اللهُ: من أجَلِّ أخلاقِ الأبرارِ: سلامةُ الصَّدرِ للإخوانِ، والنَّصيحةُ لهم) [4779] ((آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة)) لبدر الدين الغزي (ص: 20). .
- وقال إسماعيلُ بنُ عُبَيدِ بنِ أبي المُهاجِرِ: (لَمَّا حضَرَت أبي الوفاةُ جَمَع بنيه، فقال: يا بَنيَّ، عليكم بتقوى اللهِ، وعليكم بالقُرآنِ فتعاهَدوه، وعليكم بالصِّدقِ، حتَّى لو قَتَل أحدُكم قتيلًا ثمَّ سُئِل عنه، أقَرَّ به، واللهِ ما كذَبْتُ كَذْبةً منذُ قرأتُ القُرآنَ، وعليكم بسَلامةِ الصُّدورِ لعامَّةِ المُسلِمين؛ فواللهِ لقد رأيتُني وإنِّي لأبرَحُ مِن بابي، فما ألقى مُسلِمًا إلَّا والذي في نفسي له كالذي في نفسي لنفسي، أفتُرَوني أحِبُّ لنَفسي إلَّا خيرًا؟!) [4780] ((التاريخ)) لأبي زرعة الدمشقي (ص: 585)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (6/ 85، 86)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (37/ 407). .
- وقال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (لم يُدرِكْ عندَنا مَن أدرَك بكثرةِ صيامٍ ولا صلاةٍ، وإنَّما أدرك بسخاءِ الأنفُسِ، وسلامةِ الصَّدرِ، والنُّصحِ للأمَّةِ) [4781] ((طبقات الصوفية)) لأبي عبد الرحمن السلمي (ص: 24)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (8/ 103)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (13/ 316). .
- وقال أبو عبدِ الرَّحمنِ السُّلَميُّ: (من الفُتُوَّةِ: سَخاوةُ النَّفسِ، وسلامةُ الصَّدرِ) [4782] ((الفتوة)) (ص: 13). .
- وقال أبو سُلَيمانَ الدَّارانيُّ: (ما أدرَك عِندَنا مَن أدرَك بكثرةِ صلاةٍ ولا صومٍ، ولكنْ بسَخاءِ النَّفسِ، وسلامةِ الصَّدرِ، والنُّصحِ للأمَّةِ) [4783] ((بستان العارفين)) للنووي (ص: 32). .
وفي روايةٍ قال: (لم يبلُغِ الأبدالُ [4784] المرادُ بالأبدالِ على الصَّحيحِ: العُلَماءُ العامِلون والعبَّاد الصَّالحون، الذين يخلُفُ بعضُهم بعضًا، كلَّما مات عالمٌ قام بدَلُه، وكلَّما مات عابِدٌ خَلَفَه مَن بَعدَه. يُنظَر: ((توضيح مقاصد العقيدة الواسطية)) للبراك (ص: 240). ما بلغوا بصَومٍ ولا صلاةٍ، ولكِنْ بالسَّخاءِ، وشجاعةِ القُلوبِ، وسلامةِ الصُّدورِ، وذَمِّهم أنفُسَهم عِندَ أنفُسِهم) [4785] ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) لأبي نعيم (9/ 274). .
وقد قيل: أخلاقُ الأبدالِ عَشَرةُ أشياءَ: سلامةُ الصَّدرِ، وسَخاوةُ المالِ، وصِدقُ اللِّسانِ، وتواضُعِ النَّفسِ، والصَّبرُ في الشِّدَّةِ، والبُكاءُ في الخَلوةِ، والنَّصيحةُ للخَلقِ، والرَّحمةُ للمُؤمِنين، والتَّفكُّرُ في الفَناءِ، والعِبرةُ في الأشياءِ [4786] ((تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين)) للسمرقندي (ص: 572). .
- وقال أبو حامِدٍ الغَزاليُّ: (مهما رأيتَ إنسانًا يُسيءُ الظَّنَّ بالنَّاسِ طالبًا للعُيوبِ، فاعلَمْ أنَّه خبيثُ الباطِنِ، وأنَّ ذلك خُبثُه يترشَّحُ منه، وإنَّما رأى غيرَه من حيثُ هو؛ فإنَّ المُؤمِنَ يَطلُبُ المعاذيرَ، والمُنافِقُ يَطلُبُ العُيوبَ، والمُؤمِنُ سليمُ الصَّدرِ في حَقِّ كافَّةِ الخَلقِ) [4787] ((إحياء علوم الدين)) (3/ 36). .
- وقال ابنُ العَرَبيِّ: (لا يكونُ القَلبُ سليمًا إذا كان حقودًا حُسودًا، مُعجَبًا مُتكَبِّرًا، وقد شرَط النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الإيمانِ أن يُحِبَّ لأخيه ما يحِبُّ لنَفسِه) [4788] ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/459). .
- وقال ابنُ تَيميَّةَ: (فالقَلبُ السَّليمُ المحمودُ، هو الذي يريدُ الخيرَ لا الشَّرَّ، وكمالُ ذلك بأن يعرِفَ الخيرَ والشَّرَّ؛ فأمَّا من لا يَعرِفُ الشَّرَّ فذاك نقصٌ فيه لا يُمدَحُ به) [4789] ((الفتاوى الكبرى)) (5/264). .
- وقال ابنُ القَيِّمِ: (أيُّ لذَّةٍ ونعيمٍ في الدُّنيا أطيَبُ مِن بِرِّ القَلبِ، وسلامةِ الصَّدرِ، ومعرفةِ الرَّبِّ تعالى ومحبَّتِه، والعمَلِ على موافقتهِ؟! وهل العَيشُ في الحقيقةِ إلَّا عَيشُ القلبِ السَّليمِ) [4790] ((الجواب الكافي)) (1/ 282). .
- وقال محمَّدٌ الغَزاليُّ: (ليس أروَحُ للمَرءِ ولا أطرَدُ لهُمومِه ولا أقَرُّ لعَينِه من أن يعيشَ سَليمَ القَلبِ، مُبَرَّأً من وساوِسِ الضَّغينةِ، وثَوَرانِ الأحقادِ، إذا رأى نعمةً تنساقُ لأحَدٍ رَضِيَ بها، وأحسَّ فَضلَ اللهِ فيها، وفَقْرَ عبادِه إليها، وإذا رأى أذًى يَلحَقُ أحَدًا من خَلقِ اللهِ رثى له، ورجا اللهَ أن يُفَرِّجَ كَرْبَه، ويَغفِرَ ذَنبَه ... وبذلك يحيا المُسلِمُ ناصِعَ الصَّفحةِ، راضيًا عن اللهِ وعن الحياةِ، مستريحَ النَّفسِ مِن نَزَعاتِ الحِقْدِ الأعمى؛ فإنَّ فسادَ القَلبِ بالضَّغائِنِ داءٌ عَياءٌ، وما أسرَعَ أن يتسَرَّبَ الإيمانُ من القَلبِ المغشوشِ، كما يتسَرَّبُ السَّائِلُ من الإناءِ المثْلومِ! ونظرةُ الإسلامِ إلى القَلبِ خطيرةٌ؛ فالقلبُ الأسوَدُ يُفسِدُ الأعمالَ الصَّالحةَ ويَطمِسُ بهجتَها ويُعَكِّرُ صَفوَها، أمَّا القلبُ المُشرِقُ فإنَّ اللهَ يُبارِكُ في قليلِه، وهو إليه بكُلِّ خيرٍ أسرَعُ) [4791] ((خلق المسلم)) (ص: 86). .

انظر أيضا: