موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- السَّكينةُ في السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبى هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إذا أُقيمَت الصَّلاةُ فلا تأتوها تَسْعَون، وأْتُوها تمشُون، وعليكم السَّكينةُ، فما أدرَكْتُم فصَلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا)) [4674] رواه البخاري (908)، ومسلم (602). .
السَّكينةُ: التَّأنِّي في الحرَكاتِ، واجتنابُ العَبَثِ ونحوِ ذلك [4675] ((شرح أبي داود)) للعيني (3/ 10). .
و(فيه: النَّدبُ الأكيدُ إلى إتيانِ الصَّلاةِ بسَكينةٍ ووقارٍ، والنَّهيُ عن إتيانِها سعيًا، سواءٌ فيه صلاةُ الجُمُعةِ وغيرُها، سواءٌ خاف فوتَ تكبيرةِ الإحرامِ أم لا. والمرادُ بقولِ اللهِ تعالى: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9] الذَّهابُ، يقالُ: سعَيتُ في كذا أو إلى كذا: إذا ذهَبْتَ إليه وعَمِلْتَ فيه) [4676] ((شرح النووي على مسلم)) (2/378). .
- وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه دفع مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ عَرَفةَ، فسَمِع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وراءَه زَجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبلِ، فأشار بسَوطِه إليهم، وقال: أيُّها النَّاسُ، عليكم بالسَّكينةِ)) [4677] رواه البخاري (1671) مطوَّلًا. .
(«عليكم بالسَّكينةِ» أي: لازِموا الطُّمَأنينةَ والرِّفقَ، وعَدَمَ المزاحمةِ في السَّيرِ) [4678] ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (5/277). .
-وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتاكم أهلُ اليَمَنِ، هم أرَقُّ أفئدةً وأليَنُ قُلوبًا، الإيمانُ يمانٍ، والحِكمةُ يمانيَةٌ، والفَخرُ والخُيَلاءُ في أصحابِ الإبِلِ، والسَّكينةُ والوَقارُ في أهلِ الغَنَمِ)) [4679] أخرجه البخاري (4388) واللفظ له، ومسلم (52). .
قال القاضي عِياضٌ: (قولُه: ((والسَّكينةُ والوقارُ في أهلِ الغَنَمِ)): السَّكينةُ: السُّكونُ والطُّمَأنينةُ والوَقارُ) [4680] ((إكمال المعلم)) (1/303). .
ويؤخَذُ من الحديثِ: مَدحُ السَّكينةِ والوقارِ، ولِينِ القلوبِ ورِقَّةِ الأفئدةِ، وفَضلُ وَسيلةِ الرِّزقِ التي تؤدِّي إلى السَّكينةِ والوَقارِ ورِقَّةِ القَلبِ [4681] يُنظَر: ((فتح المنعم)) لموسى لاشين (1/200). .
-وعن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تقوموا حتى تَرَوني، وعليكم السَّكينةُ)) [4682] أخرجه البخاري (909) واللفظ له، ومسلم (604). .
قال ابنُ رَجَبٍ: (المرادُ بهذا البابِ: النَّهيُ عن القيامِ إلى الصَّلاةِ عندَ رُؤيةِ الإمامِ، باستعجالٍ في القيامِ، والأمرِ بالقيامِ برِفقٍ وتُؤَدةٍ، وعليكم السَّكينةُ والوَقارُ) [4683] ((فتح الباري)) (5/424). .
-وعن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، وسَكِّنوا ولا تُنَفِّروا)) [4684] أخرجه البخاري (6125)، ومسلم (1734). .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (معناه: سَكِّنوا المُنزَعِجين عندَ مقارفتِهم شيئًا من الزَّلَلِ، فإنَّ نفسَ انزعاجِهم له بشر؛ ولذلك سَكِّنوا الخائِفين فإنَّه لا خوفَ على مؤمِنٍ باللهِ، وسَكِّنوا الفِتَنَ مهما استطَعْتُم، فلا توقِظوا منها نائمًا، ولا تُنَفِّروا منها كامِنًا، حتَّى إنَّ مِن ذلك أنْ لو تلاحَا رجلانِ فقصَد منكم إصلاحَ ما بينهما، فينبغي ألَّا يَنطِقَ بكَلِمةٍ حتَّى يراها مُسَكِّنةً للنُّفرةِ) [4685] ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (5/231). .

انظر أيضا: