موسوعة الأخلاق والسلوك

و- الحَذَرُ واليَقَظةُ والحَيطةُ عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرينَ


- محمَّد الأمين الشِّنقيطيُّ وحَذَرُه من الدُّنيا وجَمعِها:
يقولُ ابنُه عبدُ اللَّهِ: (كان يحَذِّرُني من الدُّنيا كثيرًا، ويقولُ: الكَفافُ منها يكفي، وإنَّ الشَّيطانَ رُبَّما سوَّل للإنسانِ جَمْعَها ليتصَدَّقَ بها، وهو تلبيسٌ) [3014] ((شذرات البلاتين من سير العلماء المعاصرين)) لأحمد سالم (ص: 84). .
- ابنُ بازٍ وحذَرُه من الفتوى بغيرِ عِلمٍ:
كان ابنُ بازٍ يُلقي دَرسًا في الحَرَمِ، فسُئِل: هل الأنثى مِثلُ الذَّكَرِ يُحلَقُ رأسُها، ويُوزَنُ، ويُتصَدَّقُ بوَزنِه وَرِقًا؟ فأجاب بقولِه: ما عندي عِلمٌ، أسألُ إخواني طلَبةَ العِلمِ، وأخبِرُكم إن شاء اللَّهُ! وكثيرًا ما يَرُدُّ بمِثلِ هذا، أو يقولُ: سنبحثُ في كلامِ أهلِ العِلمِ، أو يَكتُبُ لمعالي الأمينِ العامِّ لهيئةِ كِبارِ العُلَماءِ؛ لبَحثِ المسألةِ، أو يُعَمِّدُ بَعضَ طَلَبتِه، أو بعضَ الباحثين بذلك [3015] ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: 135، 136). .
فتأمَّلْ حَيطتَه مع سَعةِ عِلمِه وعُلُوِّ مكانتِه، وحَذَرَه أن يقولَ في دينِ اللَّهِ بغيرِ عِلمٍ.
- ابنُ عُثَيمين واحتياطُه في الفتوى:
كان ابنُ عُثَيمين يُبَسِّطُ للعوامِّ ونحوِهم الدَّليلَ، ويَشرَحُه لهم بما يَفهَمُه مِثلُهم، وهذا من حُسنِ تعليمِه، ودَماثةِ خُلُقِه، وتمامِ نُصحِه للأمَّةِ؛ لذا أحبَّه العامِّيُّ والعالِمُ، ووَثِق في فتياه المرأةُ والرَّجُلُ، والصَّغيرُ والكبيرُ، فإذا لم يجِدْ دليلًا ظاهِرًا للحُكمِ فإنَّه يلجَأُ إلى التَّعليلِ المستقيمِ المبنيِّ على الأصولِ المشهورةِ عِندَ أهلِ العِلمِ، وإلَّا فإنَّ الشَّيخَ يحتاطُ في المسألةِ، ويتوقَّفُ فيها، وتكونُ محَلَّ ترَدُّدٍ.
ومن أمثلةِ ذلك: ما ذَكَره في مسألةِ الخِلافِ بَيْنَ أهلِ العِلمِ في حُكمِ مَسِّ الذَّكَرِ: هل هو ناقِضٌ للوضوءِ أم لا؟
قال: والخُلاصةُ أنَّ الإنسانَ إذا مَسَّ ذَكَره استُحِبَّ له الوضوءُ مُطلقًا، سواءٌ بشهوةٍ أو بغيرِ شهوةٍ، وإذا مَسَّه لشَهوةٍ فالقَولُ بالوُجوبِ قَويٌّ جِدًّا، لكِنَّه ليس بظاهِرٍ، بمعنى أنِّي لا أجزِمُ به، والاحتياطُ أن يتوَضَّأَ [3016] ((الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين)) لعصام المري (ص: 156، 157). .

انظر أيضا: