الموسوعة الفقهية

الفَرْعُ الرَّابِعُ: اقْتِسامُ الرِّبْحِ إذا عَمِلَ أحَدُ الشَّريكَينِ دونَ أن يَعمَلَ الشَّريكُ الآخَرُ


اخْتَلَفَ العُلَماءُ في اقْتِسامِ الرِّبْحِ إذا عَمِلَ أحَدُ الشَّريكَينِ دونَ أن يَعمَلَ الشَّريكُ الآخَرُ على أقْوالٍ، أقْواها قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: إذا عَمِلَ أحَدُ الشَّريكَينِ دونَ أن يَعمَلَ الشَّريكُ الآخَرُ فإنَّ الرِّبْحَ يكونُ بَيْنَهما، وهو مَذهَبُ الحَنَفِيَّةِ [125] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/196)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/313)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/76). والحَنابِلةِ [126] نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ الشَّريكَ العامِلَ له أن يُطالِبَ الغائِبَ بأن يَأتيَ بشَخْصٍ ليَعمَلَ ويَقومَ مَقامَه. ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (7/112)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/230). ، وذلك لأنَّ الأجْرَ في هذه الشَّرِكةِ إنَّما يُسْتحَقُّ بضَمانِ العَمَلِ لا بالعَمَلِ؛ لأنَّ العَمَلَ قد يكونُ مِنه، وقدْ يكونُ مِن غَيْرِه؛ كالخَيَّاطِ إذا اسْتَعانَ برَجُلٍ على الخِياطةِ، أنَّه يَسْتحِقُّ الأجْرَ وإن لم يَعمَلْ؛ لوُجودِ ضَمانِ العَمَلِ مِنه، فتكونُ الأجْرةُ لهما، ويكونُ العامِلُ مِنهما عَوْنًا لصاحِبِه في حِصَّتِه [127] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/76)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/196). .
القَوْلُ الثَّاني: إذا عَمِلَ أحَدُ الشَّريكَينِ دونَ أن يَعمَلَ الشَّريكُ الآخَرُ، فإن كانَ الغِيابُ بعُذْرٍ كانَ الكَسْبُ بَيْنَهما، وإن كانَ بدونِ عُذْرٍ كانَ الكَسْبُ للعامِلِ مِنهما فقط، وهو وَجْهٌ في مَذهَبِ الحَنابِلةِ اخْتارَه ابنُ مُفْلِحٍ، والمَرْداويُّ [128] ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (7/112)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/340)، . ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/7). ، وهو اخْتِيارُ ابنِ عُثَيْمينَ [129] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (قَوْلُه: «وإن مَرِضَ أحَدُهما فالكَسْبُ بَيْنَهما» لو تَرَكَ العَمَلَ لغَيْرِ عُذْرٍ، مِثلُ إنْسانٍ لا يَهتَمُّ ولا يَعمَلُ بدونِ عُذْرٍ، فالمَذهَبُ الكَسْبُ بَيْنَهما؛ لأنَّه يُمكِنُ للشَّريكِ أن يُطالِبَ شَريكَه بمَن يَقومُ مَقامَه ولم يَفعَلْ، ولكنَّ هذا فيه نَظَرٌ. والصَّوابُ أن ما كَسَبَه صاحِبُه في هذا اليَوْمِ له يَخْتَصُّ به؛ لأنَّ هذا تَرَكَ العَمَلَ بغَيْرِ عُذْرٍ، والآخَرَ انْفَرَدَ بالكَسْبِ). ((الشرح الممتع)) (9/346). ، وذلك لأنَّه إنَّما شارَكَه ليَعْمَلا جَميعًا، فإذا تَرَكَ أحَدُهما العَمَلَ بلا عُذْرٍ فما وَفَى بما شَرَطَ على نَفْسِه؛ فلم يَسْتحِقَّ ما جُعِلَ له في مُقابَلتِه [130] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/7). .

انظر أيضا: