الموسوعة الفقهية

الفَرْعُ الخامِسُ: الإجارةُ على كُلِّ شَهْرٍ أو كُلِّ يَوْمٍ بشَيءٍ مَعْلومٍ


المَسْألةُ الأُولى: الإجارةُ على كُلِّ شَهْرٍ أو كُلِّ يَوْمٍ بشَيءٍ مَعْلومٍ معَ بَيانِ نِهايةِ المُدَّةِ
تَصِحُّ الإجارةُ إذا اسْتأجَرَ دارًا مُدَّةً مَعْلومةً لها ابْتِداءٌ وانْتِهاءٌ، وحَدَّدَ أجْرَ كلِّ يَوْمٍ أو كلِّ شَهْرٍ فيها، كأنْ يُؤاجِرَه عَشَرةَ شُهورٍ في كُلِّ شَهْرٍ بشَيءٍ مَعْلومٍ.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الإجْماعِ
نَقَلَ الإجْماعَ على ذلك: الكاسانيُّ [323] قال الكاسانيُّ: (لو قالَ: أجَّرْتُك هذه الدَّارَ سَنةً كُلُّ شَهرٍ بدِرْهَمٍ، جازَ بالإجْماعِ). ((بدائع الصنائع)) (4/182). ، وابنُ قُدامةَ [324] قال ابنُ قُدامةَ: (إذا قالَ: أجَّرْتُك داري عِشْرينَ شَهْرًا، كُلُّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ، جازَ بغَيْرِ خِلافٍ نَعلَمُه). ((المغني)) (5/332). ، وشَمْسُ الدِّيْنِ ابنُ قُدامةَ [325] قالَ أبو الفَرَجِ شَمْسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (إذا قالَ: أجَّرْتُك داري عِشْرينَ شَهْرًا كلُّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ، جازَ بغَيْرِ خِلافٍ). ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (6/26). ، وبُرْهانُ الدِّينِ ابنُ مُفْلِحٍ [326] قالَ بُرْهانُ الدِّينِ ابنُ مُفْلحٍ: (لو قالَ: آجَرْتُك داري عِشْرينَ شَهْرًا كلُّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ، فهو جائِزٌ بغَيْرِ خِلافٍ نَعلَمُه). ((المبدع)) (5/13). .
ثانِيًا: لأنَّ المُدَّةَ مَعْلومةٌ، وأجْرَها مَعْلومٌ، فأَشبَهَ ما لو قالَ: آجَرْتُك عِشْرينَ شَهْرًا بعِشْرينَ دِرْهَمًا [327] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/332). .
المَسْألةُ الثَّانيةُ: الإجارةُ على كُلِّ شَهْرٍ أو كُلِّ يَوْمٍ بشَيءٍ مَعْلومٍ معَ عَدَمِ بَيانِ نِهايةِ المُدَّةِ
إذا أجَّرَ دارَه كلَّ شَهْرٍ بكَذا، أو كلَّ يَوْمٍ بكَذا ولم يُبَيِّنْ نِهايةَ المُدَّةِ، تَصِحُّ الإجارةُ وتَلزَمُ في الشَّهْرِ الأوَّلِ أو اليَوْمِ الأوَّلِ، ولا يَلزَمُ فيما بَعْدَه إلَّا إذا تَلَبَّسَ فيه مِن غَيْرِ فَسْخٍ، وهو مَذهَبُ الحَنَفِيَّةِ [328] ((المبسوط)) للسرخسي (13/6)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/5). ويُنظَرُ: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/182). ، والحَنابِلةِ [329] ((الإنصاف)) للمرداوي (6/17)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/247). ، وقَوْلٌ عِنْدَ المالِكِيَّةِ [330] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/83)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/ 45)، ((منح الجليل)) لعليش (8/22، 23). ، وبعضِ الشَّافِعِيَّةِ [331] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/196، 197)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/ 143). ويُنظَرُ: ((نهاية المطلب)) للجويني (8/113)، ((الوسيط)) للغزالي (4/169). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الشُّهورَ لا نِهايةَ لها، فلا يُمكِنُ إزالةُ الجَهالةِ فيها، فيُصرَفُ إلى الأقَلِّ، كما إذا قالَ: لفُلانٍ على كُلِّ دِرْهَمٍ يَلزَمُه دِرْهَمٌ واحِدٌ [332] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/5). .
ثانِيًا: لأنَّ تَمَهُّلَه دَليلُ رِضاه بلُزومِ الإجارةِ فيه [333] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/247). .
ثالِثًا: لأنَّه مَجْهولٌ حالَ العَقْدِ، فإذا تَلَبَّسَ به تَعَيَّنَ بالدُّخولِ فيه، فصَحَّ بالعَقْدِ الأوَّلِ، وإن لم يَتَلَبَّسْ به، أو فَسَخَ العَقْدَ عنْدَ انْقِضاءِ الأوَّلِ، انْفَسَخَ [334] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/332). .
رابِعًا: لأنَّ شُروعَه في كلِّ شَهْرٍ معَ ما تَقَدَّمَ في العَقْدِ مِن الاتِّفاقِ على تَقْديرِ أجْرِه والرِّضا ببَذْلِه به، جَرى مَجْرى ابْتِداءِ العَقْدِ عليه، وصارَ كالبَيْعِ بالمُعاطاةِ، إذا جَرى مِن المُساوَمةِ ما دَلَّ على التَّراضي بها [335] ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/332). .

انظر أيضا: