موسوعة التفسير

سورةُ التَّوبةِ
الآيتان (101-102)

ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ

غريب الكلمات:

مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ: أي: عَتَوا فيه ومَرِنوا عليه، وأصلُ (مرد): يدلُّ على تجريدِ الشَّيءِ مِن قِشرِه، أو ما يعلوه مِن شَعْرِه [1701] يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 417)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/317)، ((المفردات)) للراغب (ص: 20)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 145)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 228). قال الرازي: (وأصلُ المُرودِ الملاسةُ، ومنه صَرحٌ مُمَرَّدٌ، وغلامٌ أمْرَدُ، والمرداءُ: الرَّملة التي لا تُنبِتُ شيئًا، كأنَّ من لم يقبَلْ قَولَ غَيرِه ولم يَلتفِتْ إليه، بقيَ كما كان على صِفتِه الأصليَّةِ، مِن غيرِ حدوثِ تَغيُّرٍ فيه البتَّةَ، وذلك هو الملاسةُ، إذا عرفتَ أصلَ اللَّفظِ فنقولُ: قَولُه تعالى: مَرَدُوا على النِّفَاقِ أي: ثَبَتوا واستَمَرُّوا فيه، ولم يتوبوا عنه). ((تفسير الرازي)) (16/130). .
خَلَطُوا: أي: تعاطَوْا هذا مرَّةً وذاك مرَّةً، وأصلُ الخَلطِ: الجَمعُ بين أجزاءِ الشَّيئينِ [1702] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/208)، ((المفردات)) للراغب (ص: 293). .

المعنى الإجمالي:

يقول اللهُ تعالى: إنَّ مِن سكانِ البوادي الذين حولَكم- أيُّها المسلمونَ- مُنافقينَ، ومن أهلِ المدينةِ النبويَّةِ منافِقونَ تَمَرَّنوا على النِّفاقِ حتى أصبَحَ سَجِيَّةً لهم، واستمَرُّوا عليه ولم يتوبوا، لا تعلَمُهم يا محمَّدُ، نحن نعلَمُهم، سنعَذِّبُهم مرَّتينِ: في الدُّنيا وفي القَبرِ، ثم يُردُّونَ إلى عذابٍ عَظيمٍ في نارِ جهنَّمَ.
وقومٌ آخرونَ أقرُّوا بذُنوبِهم، جمعوا عملًا صالحًا وعملًا سيِّئًا، لعلَّ اللهَ أن يقبَلَ تَوبتَهم؛ إنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ.

تفسير الآيتين:

وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا استوفى الأقسامَ الأربعةَ: قِسمَيِ الحضَرِ وقِسمَيِ البَدوِ، ثمَّ خلَطَ بين قِسمَينِ منهم تشريفًا للسَّابقِ، وتَرغيبًا للَّاحقِ؛ خلط بين الجميعِ على وجهٍ آخرَ، ثم ذكرَ منهم فِرَقًا؛ منهم مَن نجَزَ الحكم بجزائِه بإصرارٍ أو مَتابٍ. ومنهم من أخَّرَ أمْرَه إلى يومِ الحسابِ، وابتدأ الأقسامَ بالمستورِين الذين لا يعلمُهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ ليَعلمَ أهلُ ذلك القِسمِ أنَّه- سُبحانه- عالمٌ بالخفايا، فلا يزالوا أذلَّاءَ؛ خَوفًا ممَّا هدَّدَهم به [1703] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (9/8). .
وأيضًا بعدَ أن بيَّنَ تعالى حالَ كَمَلةِ المؤمنينَ كُلِّهم؛ قفَّى عليه بذِكرِ مَرَدةِ المُنافِقينَ مِن أهلِ البَدوِ والحَضَر، وعطَفَهم عليهم من بابِ عَطفِ الضِّدِّ على الضِّدِّ [1704] يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (11/15). .
وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ
أي: ومِن سكَّانِ البوادي الذين حولَ مَدينَتِكم- أيُّها المسلمونَ- مُنافِقونَ [1705] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/643)، ((تفسير ابن عطية)) (3/75)، ((تفسير القرطبي)) (8/240)، ((تفسير ابن كثير)) (4/204). .
وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ.
أي: ومِن أهلِ المدينةِ النَّبويَّةِ [1706] قال ابن تيمية: (فجميعُ الأبنِيَةِ تدخلُ في مسمَّى المدينةِ، وما خرَجَ عن أهلِها، فهو من الأعرابِ أهلِ العَمودِ). ((مجموع الفتاوى)) (24/15). مُنافقونَ تمرَّنوا على النِّفاقِ، حتى أصبح سجيَّةً لهم مِن غيرِ تكلُّفٍ، ومَهَروا في إتقانِه، فلا يَشعُرُ به الآخرونَ، واستمرُّوا عليه، ولم يَتوبوا [1707] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/643)، ((تفسير ابن عطية)) (3/75، 76)، ((تفسير الرازي)) (16/131)، ((تفسير القرطبي)) (8/240)، ((تفسير ابن كثير)) (4/204)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (11/15)، ((تفسير السعدي)) (ص: 350). .
لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ.
أي: لا تعلَمُ- يا مُحمَّدُ- نفاقَ هؤلاءِ المَرَدةِ مِن المُنافِقينَ، ولكِنْ نحن نعلَمُهم [1708] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/305، 306)، ((تفسير الرازي)) (16/131)، ((تفسير القرطبي)) (8/241)، ((تفسير الشوكاني)) (2/453)، ((تفسير الألوسي)) (6/11)، ((تفسير السعدي)) (ص: 350)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/20)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/148). .
سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ.
أي: سنعذِّبُ هؤلاء الذين مَرَدوا على النِّفاقِ، في الدُّنيا وفي القَبرِ [1709] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/644). وممَّن اختار أنَّ المراد بـ مَرَّتَيْنِ: العذابُ في الدُّنيا، والعذابُ في القبر: ابنُ جريرٍ، وابنُ كثيرٍ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/644، 649)، ((تفسير ابن كثير)) (4/205). وممَّن ذهَب مِن السَّلفِ إلى أنَّ العذابَ الأوَّل في الدُّنيا، والثاني في القبرِ: ابنُ عبَّاس ومجاهدٌ ومقاتلُ بنُ سليمانَ، مع اختلافِهم في صورةِ عذابِ الدُّنيا؛ فقال ابنُ عبَّاسٍ: هو فضيحتُهم بالنفاقِ، وفي روايةٍ: إقامةُ الحدودِ عليهم، وقال مجاهدٌ: الجوعُ، وقال مقاتلٌ: عندَ الموتِ، تضربُ الملائكةُ وجوهَهم وأدبارَهم. يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (2/292). قال الثعالبي: (وأكثرُ النَّاسِ أنَّ العذابَ المتوسِّطَ هو عذابُ القبرِ). ((تفسير الثعالبي)) (3/209). وقيل: المراد بالمرَّتين: تكثيرُ تَعذيبِهم وتكرُّرُه في الدُّنيا مرَّةً بعد مرَّةٍ. وممن اختار ذلك: الشوكانيُّ، وابنُ عاشورٍ. يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (2/454)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/20). .
ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ.
أي: ثم يُرَدُّ هؤلاء المُنافِقونَ بعد تعذيبِهم مرَّتينِ، إلى عذابٍ عظيمٍ في نارِ جَهنَّمَ [1710] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/649)، ((تفسير أبي السعود)) (4/98)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (11/16). قال ابنُ عطيةَ: (لا خلافَ بين المتأوِّلينَ أنَّ العذابَ العظيمَ الذي يُردُّونَ إليه، هو عذابُ الآخرةِ). ((تفسير ابن عطية)) (3/76). .
كما قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء: 145] .
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا بَيَّن تعالَى حالَ المنافقينَ المتخَلِّفينَ عنِ الغَزاةِ؛ رغبةً عنها، وتكذيبًا وشَكًّا؛ شَرَع في بيانِ حالِ المذنِبينَ الَّذينَ تأخَّروا عنِ الجهادِ كَسَلًا وميلًا إِلى الرَّاحَةِ، معَ إيمانِهم وتصديقِهم بالحَقِّ [1711] ينظر : ((تفسير ابن كثير)) (4/206). ، فقال تعالى:
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.
أي: وقومٌ آخَرونَ أقَرُّوا بذُنوبِهم بتخَلُّفِهم عن الجهادِ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تَبوكَ، جَمَعوا عملًا صالحًا بالتَّوبةِ وغَيرِها من الطَّاعاتِ، وعملًا سَيِّئًا بالتخَلُّفِ عن الجهادِ وغيرِ ذلك من المعاصي والسَّيِّئاتِ [1712] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/650، 658)، ((تفسير ابن الجوزي)) (2/294)، ((تفسير الرازي)) (16/132)، ((تفسير ابن كثير)) (4/206)، ((تفسير الشوكاني)) (2/454)، ((تفسير الألوسي)) (6/12-14)، ((تفسير السعدي)) (ص: 350)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/21). قال القرطبي: (يحتملُ أنَّهم كانوا مُنافِقينَ وما مَرَدوا على النِّفاقِ، ويحتمل أنَّهم كانوا مؤمنينَ). ((تفسير القرطبي)) (8/241، 242). ويُنظر: ((تفسير الرازي)) (16/132). .
عن سَمُرةَ بنِ جُندَبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنا: ((أتاني الليلةَ آتيانِ فابتَعَثاني، فانتهَينا إلى مدينةٍ مَبنيَّةٍ بلَبِنِ ذَهَبٍ، ولَبِنِ فِضَّةٍ، فتلقَّانا رجالٌ شَطرٌ مِن خَلْقِهم كأحسَنِ ما أنت راءٍ، وشطرٌ كأقبَحِ ما أنت راءٍ، قالا لهم: اذهَبُوا فقَعُوا في ذلك النَّهرِ، فوَقَعوا فيه، ثمَّ رَجَعوا إلينا، قد ذهَبَ ذلك السُّوءُ عنهم، فصاروا في أحسَنِ صُورةٍ، قالا لي: هذه جَنَّةُ عَدْنٍ، وهذاك مَنزِلُك، قالا: أمَّا القَومُ الذين كانوا شَطرٌ منهم حَسَنٌ، وشَطرٌ منهم قَبيحٌ، فإنَّهم خَلَطوا عملًا صالحًا وآخَرَ سَيِّئًا، تجاوَزَ اللهُ عنهم)) [1713] رواه البخاري (4674). .
عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ.
أي: سيقبلُ اللهُ توبةَ أولئك الذين اعتَرَفوا بذُنوبِهم [1714] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/651)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/22). قال الواحديُّ: (قولُه تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، قال ابنُ عباسٍ والمفسِّرونَ: «عسى» مِن اللهِ واجبٌ؛ لأنَّه قال: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ [المائدة: 52] ففعَل ذلك، وكذلك تابَ على هؤلاءِ). ((البسيط)) (11/32). .
إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
أي: إنَّ اللهَ غَفورٌ يَستُرُ ذُنوبَ مَن تابَ إليه، ويتجاوَزُ عن مُؤاخَذتِهم بها، رحيمٌ بهم، فلا يُعَذِّبُهم بها [1715] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/651)، ((تفسير السعدي)) (ص: 350). .
كما قال عزَّ وجلَّ: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [غافر: 7-9] .

الفوائد التربوية:

قَولُه تعالى: لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ استُدِلَّ بالآيةِ على أنَّه لا ينبغي الإقدامُ على دعوى معرفةِ الأمورِ الخَفيَّةِ من أعمالِ القَلبِ ونَحوِها [1716] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (6/12). .
قال الله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ هذه الآيةُ دلَّت على أن المُخَلِّطَ الذي خلطَ الأعمالَ الصَّالحةَ بالأعمالِ السَّيِّئةِ؛ من التجرُّؤِ على بعضِ المُحَرَّمات، والتقصيرِ في بعضِ الواجِباتِ، مع الاعترافِ بذلك والنَّدَمِ، والرَّجاءِ بأن يغفِرَ اللهُ له- أنَّه تحت الخَوفِ والرَّجاءِ، وهو إلى السَّلامةِ أقرَبُ، وأمَّا المخَلِّطُ الذي لم يَعتَرِف ويَندَمْ على ما مضى منه، بل لا يزالُ مُصرًّا على الذُّنوبِ، فإنَّه يُخافُ عليه أشَدَّ الخَوفِ [1717] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص:350). .
عن أبي عُثمانَ النَّهديِ قال: ما في القرآنِ آيةٌ أرجى عندي لهذه الأمَّةِ مِن قَولِه تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا... [1718] يُنظر: ((الدر المنثور)) للسيوطي (4/278). .
قال اللهُ تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا... هذه الآيةُ عامَّةٌ في كلِّ المُذنِبينَ الخاطئينَ المُخلِصينَ المُتَلوِّثينَ [1719] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/206). .
قال الله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ مُجرَّدُ الاعترافِ بالذَّنبِ لا يكونُ تَوبةً، فأمَّا إذا اقتَرَن به النَّدمُ على الماضي، والعزمُ على ترْكِه في المستقبَلِ، وكان هذا النَّدمُ والتَّوبةُ لأجلِ كَونِه مَنهِيًّا عنه مِن قِبَلِ الله تعالى؛ كان هذا المجموعُ تَوبةً، فقَولُه تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ يقتضي أنَّ هذه التَّوبةَ إنَّما تحصُلُ في المستقبَلِ. وقَولُه: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ دلَّ على أنَّ ذلك الاعترافَ حصل في الماضي، وذلك يدلُّ على أنَّ ذلك الاعترافَ ما كان نَفسَ التَّوبةِ، بل كان مُقَدِّمةً للتَّوبةِ، وأنَّ التَّوبةَ إنَّما تحصُلُ بَعدَها [1720] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (16/132- 133). .
في قَولِه تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ بيانُ أنَّ اعترافَ المُذنِبِ بِذَنبِه مع النَّدَمِ عليه، هي توبةٌ مقبولةٌ؛ فإنَّ (عسى) من اللهِ واجِبةٌ [1721] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/499)، ((لطائف المعارف)) لابن رجب (ص: 56)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/418). ؛ لأنَّها إطماعٌ، ومَن أكرمُ مِن الله حتَّى يحقِّقَ ما أطمَع فيه عبدَه ؟!!

الفوائد العلمية واللطائف:

قال الله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ... العِبرةُ في هذا السِّياقِ أنَّ هؤلاءِ المُنافِقينَ فَريقانِ: فَريقٌ عُرِفوا بأقوالٍ قالوها، وأعمالٍ عَمِلوها، وفريقٌ مَرَدوا على النِّفاقِ وحَذِقوه، حتى صار أملَسَ ناعِمًا لا يكادُ يَشعُرُ أحَدٌ بِشَيءٍ يَستَنكِرُه منه، فيظهَر عليه، وكلٌّ من الفريقينِ يُوجَدُ في كلِّ عَصرٍ [1722] يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (11/16، 17) .
دلَّ قولُه تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ أنَّه لم يكُنْ مِن المُهاجِرينَ مَن نافقَ، وإنَّما كان النِّفاقُ في قبائِلِ الأنصارِ، لَمَّا ظَهرَ الإسلامُ بالمدينةِ، ودخل فيه مِن قبائِلِ الأَوْسِ والخزرَجِ، ولَمَّا صار للمُسلِمينَ دارٌ يمتَنِعونَ بها ويُقاتِلون، دَخلَ في الإسلامِ مِن أهلِ المدينةِ وممَّنْ حولَهم مِن الأعراب مَن دَخلَ- خوفًا وتقيَّةً- وكانوا مُنافِقينَ [1723] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (7/476). .
دلَّ قولُه تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ مع قَولِه تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ على أنَّ مَن لم يعتَرِفْ بذَنْبِه مِن هؤلاءِ، كان مِن المُنافِقينَ [1724] يُنظر: ((الصارم المسلول)) لابن تيمية (ص: 360). .
 قَولُه تعالى: لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ لا ينافي قَولَه تعالى: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد: 30] ؛ لأنَّ هذا من باب التوسُّمِ فيهم بصِفاتٍ يُعرَفونَ بها، لا أنَّه يَعرِفُ جميعَ مَن عِندَه مِن أهلِ النِّفاقِ والرَّيبِ على التَّعيينِ [1725] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/204). ، وقيل: لا تَنافيَ؛ لأن آيةَ النَّفيِ نزلت قبل آيةِ الإثباتِ [1726] يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص:240-241). .
لَمَّا كشفَ اللهُ المُنافِقينَ بسورةِ براءة بِقَولِه: وَمِنْهُم وَمِنْهُم صار يُعرفُ نفاقُ ناسٍ منهم لم يكن يُعرفُ نفاقُهم قبل ذلك، كما قال تعالى: لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ، فإنَّ اللهَ وصَفهم بصفاتٍ علِمَها الناسُ منهم؛ وما كان الناسُ يجزمون بأنها مستلزمةٌ لنفاقهم- وإنْ كان بعضُهم يظنُّ ذلك وبعضُهم يعْلَمُه- فلم يكنْ نفاقُهم معلومًا عند الجماعة؛ بخلافِ حالِهم لمّا نزل القرآنُ [1727] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/214). .
قولُه تعالى: لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ فيه دليلٌ على الردِّ على مَن يزعمُ الكشفَ والاطلاعَ على المغيَّباتِ بمجردِ صفاءِ القلبِ، وتجرُّدِ النَّفسِ عن الشواغلِ، وبعضُهم يتساهلونَ في هذا البابِ جدًّا [1728]  يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (6/12). .
استُدِلَّ بِقَولِه تعالى: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ على إثباتِ عَذابِ القَبرِ؛ حيث كان العذابُ الأولُ عذابًا في الدُّنيا، والثَّاني عذابًا في القَبرِ [1729] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (3/233). .
قَولُ الله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ عَسَى منه سُبحانه وتعالى واجِبةٌ؛ لأنَّ هذا دأْبُ الملوكِ، ولعلَّ التَّعبيرَ بها يفيدُ- مع الإيذانِ بأنَّه لا يجِبُ عليه لأحدٍ شَيءٌ [1730] لكن لله تعالى أن يوجبَ على نفسِه ما شاء، وله أن يحرِّمَ على نفسِه ما شاء. يُنظر: ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية ( ص 409).  ، وأنَّ كُلَّ إحسانٍ يَفعَلُه، فإنَّما هو على سبيلِ الفَضلِ- إشارةً إلى أنَّهم صاروا كغَيرِهم مِن خُلَّصِ المؤمنينَ غَيرِ المعصومينَ في مُواقعةِ التَّقصيرِ، وتَوقُّعِ الرحمةِ مِن اللهِ بالرُّجوعِ بهم إلى المُراقبةِ، فكما أنَّ أولئك مَعدودونَ في حِزبِ الله مع هذا التَّقصيرِ المرجُوِّ له العَفوُ، فكذلك هؤلاءِ [1731] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (9/11). .
من كان مؤمِنًا وعَمِلَ عَملًا صالحًا لوَجهِ الله تعالى، فإنَّ الله لا يَظلِمُه، بل يُثيبُه عليه، وأمَّا ما يفعَلُه مِن المُحَرَّم اليسيرِ، فيستَحِقُّ عليه العُقوبةَ، ويُرجى له من اللهِ التَّوبةُ، كما قال الله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وإن مات ولم يتُبْ، فهذا أمْرُه إلى الله، هو أعلَمُ بمقدارِ حَسَناتِه وسَيِّئاتِه، لا يُشهَدُ له بجنَّةٍ ولا نارٍ، بخلافِ الخوارِجِ والمُعتَزلةِ، فإنَّهم يقولونَ: إنَّ مَن فعَلَ كبيرةً أحبَطَت جميعَ حَسَناتِه، وأهلُ السُّنَّةِ والجماعة لا يقولونَ بهذا الإحباطِ، بل أهلُ الكبائِرِ معهم حسَناتٌ وسيِّئاتٌ، وأمرُهم إلى اللهِ تعالى [1732] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/661). .

بلاغة الآيتين:

قولُه تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ
قوُله: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ فيه تقديمُ المجرورِ؛ للتَّنبيهِ على أنَّه خبرٌ، لا نَعتٌ. و(مِن) في قَولِه: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ للتَّبعيضِ، و(مِن) في قولِه: مِنَ الْأَعْرَابِ لبَيانِ (مَن) المَوصولةِ [1733] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/19). .
قولُه: لَا تَعْلَمُهُمْ في تعليقِ نفْيِ العِلمِ بهم معَ أنَّه مُتعلِّقٌ بحالِهم- مبالَغةٌ في ذلك، وإيماءٌ إلى أنَّ ما هُم فيهِ مِن صِفَةِ النِّفاقِ لِعَراقَتِهم ورُسوخِهم فيها صارَت بمَنزِلَةِ ذاتيَّاتِهم أو مُشخَّصاتِهم؛ بحيث لا يُعَدُّ مَن لا يَعرِفهم بتِلك الصِّفَةِ عالِمًا بهم [1734] يُنظر: (( تفسير أبي السعود)) (4/98). .
قولُه: نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ جملةٌ مستأنَفةٌ، والخبَرُ مُستعمَلٌ في الوعيدِ؛ ففيه تهديدٌ، ورَتَّب عليه قَولِه: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ [1735] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/497)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/20). .
فـسَنُعَذِّبُهُم وعيدٌ لهم، وتحقيقٌ لعَذابِهم حسَبَما عَلِم اللهُ فيهِم مِن مُوجِباتِه، والسِّينُ للتَّأكيدِ [1736] يُنظر: (( تفسير أبي السعود)) (4/98). .
وأيضًا قولُه: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ استِئْنافٌ بيانيٌّ للجَوابِ عن سؤالٍ يُثيرُه قولُه: نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ، وهو أن يَسأَلَ سائلٌ عَن أثَرِ كَونِ اللهِ تَعالى يَعلَمُهم، فأَعْلَم أنَّه سيُعذِّبُهم على نِفاقِهم، ولا يُفْلِتُهم منه عدَمُ عِلمِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بهِم [1737] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/20). .
وفي تغييرِ السبكِ مِن نونِ العظمةِ في قولِه: سَنُعَذِّبُهُمْ إلى ما لم يسمَّ فاعلُه في قولِه يُرَدُّونَ؛ لأنَّ في بنائِه لما لم يُسمَّ فاعلُه مِن التعظيمِ ما فيه، فيناسبُ العذابَ العظيمَ [1738]  يُنظر:  ((تفسير الألوسي)) (6/12). .
قولُه تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
قولُه: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ... فيه ما يُعرَفُ في البلاغةِ بالحَذفِ المقابليِّ (الاحتِباكِ)، وهو: أن يَجتَمِعَ في الكلامِ مُتَقابِلان، فيُحذَفَ مِن واحدٍ مِنهُما مُقابِلُه؛ لدَلالةِ الآخَرِ عليه، فأصلُ الكلامِ: «خَلَطوا عمَلًا صالِحًا بسَيِّئٍ، وآخَرَ سيِّئًا بصالحٍ»؛ لأنَّ الخلْطَ يَسْتَدعي مَخلوطًا ومَخلوطًا به، أي: تارةً أطاعوا وخلَطوا الطَّاعةَ بمَعصيةٍ، وتارةً عصَوْا وتدارَكوا المعصيةَ بالتَّوبةِ [1739] يُنظر: ((البرهان)) للزركشي (3/129- 131). ، وهو من ألطَفِ شاهِدٍ لنوعِ الاحتباكِ، ولعلَّ التعبيرَ بما أفهَمَ ذلك إشارةٌ إلى تَساوي العَمَلينِ، وأنَّه ليس أحَدُهما بأولَى مِن الآخَرِ أن يكونَ أصلًا [1740] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (9/10). .
قولُه: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ عبَّر بفِعْلِ الرَّجاءِ (عَسَى)، وهي مِن كلامِ اللهِ تعالى المخاطَبِ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهي كنايةٌ عن وُقوعِ المرجُوِّ، وأنَّ اللهَ قد تاب علَيهم، ولكِنَّ ذِكْرَ فِعْلِ الرَّجاءِ يَستَتبِعُ مَعنى اختِيارِ المتكلِّمِ في وُقوعِ الشَّيءِ وعدَمِ وُقوعِه، وإنَّما جاء بلَفظِ (عسى)؛ ليَكونَ المؤمِنُ على وجَلٍ؛ إذ لَفظةُ (عسى) طمَعٌ وإشفاقٌ، فأُبرِزَتِ التَّوبةُ في صورتِه [1741] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/499)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/22). ؛ لِيَأمُلوا ولا يتَّكِلوا [1742] يُنظر: ((باهر البرهان)) لبيان الحق الغزنوي (1/614).
وأيضًا في قولِه: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ عبَّر بقولِه تعالى: أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ معَ أنَّه لم تُذكَرَ توبتُهم؛ لأنَّه إذا ذُكِر اعتِرافُهم بذُنوبِهم، وهو دليلٌ على التَّوبةِ، فقد ذُكِرَت توبتُهم [1743] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/307). ، فالاعترافُ بالذَّنبِ كنايةٌ عن التَّوبةِ منه؛ لأنَّ الإقرارَ بالذَّنبِ الفائتِ إنَّما يَكونُ عِندَ النَّدمِ والعزمِ على عدَمِ العَودِ إليه، ولا يُتَصوَّرُ فيه الإقلاعُ الَّذي هو مِن أركانِ التَّوبةِ؛ لأنَّه ذنبٌ مَضى، ولكن يُشترَطُ فيه العزمُ على أنْ لا يَعودَ [1744] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/21). .
وجملةُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تذييلٌ مُناسِبٌ للمَقامِ، حيث ختَم ذلك بما دلَّ على قَبولِ التَّوبةِ، وذلك صفةُ الغُفرانِ والرَّحمةِ [1745] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/499)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/22). .