موسوعة التفسير

سورةُ المُرسَلاتِ
مقدمة السورة

أسماء السورة :

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ (المرسَلاتِ) [1] سُمِّيَت بذلك؛ لافتِتاحِها بالقَسَمِ الإلهيِّ في قَولِه تعالى: وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/495). . وسمِّيت بـ (الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا) [2] قال ابن عاشور: (وسُمِّيَتْ في عهدِ الصَّحابةِ سورَة وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا). ((تفسير ابن عاشور)) (29/417). .
وممَّا يدُلُّ على ذلك:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه، قال: ((بَيْنَما نحنُ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غارٍ بمِنًى إذ نزلَت عليه وَالْمُرْسَلَاتِ، وإنَّه لَيَتْلوها، وإنِّي لَأتَلَقَّاها مِن فيهِ، وإنَّ فاهُ لَرَطْبٌ بها [3] أي: لم يجِفَّ ريقُه بها، والمعنى: أنَّه لم يُمسِكْ عن التِّلاوةِ لها بعدُ، ورطوبةُ الفَمِ بها حرَكتُه للتِّلاوةِ. يُنظر: ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هُبَيْرة (2/19)، ((إرشاد الساري)) للقَسْطَلَّاني (3/303). ...)) الحديثَ [4] أخرجه البخاري (1830)، ومسلم (2234). .
2- عن أُمِّ الفَضلِ بنتِ الحارثِ رضيَ الله عنها، قالَتْ: ((سمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرأُ في المغربِ بـ «الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا»، ثُمَّ ما صلَّى لنا بعدَها حتَّى قَبَضه اللهُ)) [5] أخرجه البخاري (4429). .

فضائل السورة وخصائصها:

1- أنَّها نزَلتْ جملةً واحدةً [6] ذكرها السيوطيُّ فيما نزَل جمعًا لا مفرَّقًا. يُنظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) (1/136). .
عن ابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه، قال: ((كنَّا معَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في غارٍ، فنزَلتْ عليه وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا [7] قال ابن العربي: (وهي مِن غرائبِ القرآنِ...؛ فإنَّها نزلت على رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم تحتَ الأرضِ). ((أحكام القرآن)) (4/356). ، فأخَذْتُها مِن فيهِ، وإنَّ فاه لَرَطْبٌ بها، فلا أدْري بأيِّها ختَم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أو وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ)) [8] أخرجه أحمدُ (3574)، وابنُ حبَّانَ (707)، والحاكمُ (2994). صحَّحه ابنُ حبَّانَ، وصحَّحه لغيرِه شعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6/46)، وصحَّح إسنادَه الحاكمُ. والحديثُ في الصَّحيحَينِ دونَ آخِرِه: (فلا أدري ...). .
2- صلَّى بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في آخِرِ صَلاةٍ صلَّاها بالنَّاسِ إمامًا:
وقد تقدَّم حديثُ أُمِّ الفضلِ بنتِ الحارثِ وسماعِها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأُ بسورةِ (المرسَلاتِ) في صلاةِ المغربِ، وفيه: قالت: ((ثُمَّ ما صلَّى لنا بعدَها حتَّى قَبَضه اللهُ)). والمرادُ -واللهُ أعلَمُ-: ما صلَّى بعدَها إمامًا بالنَّاسِ [9] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (7/21). .
وفي روايةٍ قالت: ((إنَّها أي: سورةَ المرسَلاتِ لَآخِرُ ما سمِعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بها في المغربِ)) [10] أخرجه البخاري (763)، ومسلم (462). .

بيان المكي والمدني:

سورةُ المرسَلاتِ مَكِّيَّةٌ [11] وقيل: إلَّا آيةً منها، وهي قولُه تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ [المرسلات: 48] ؛ فهي مَدَنيَّةٌ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/580)، ((تفسير الماوردي)) (6/175)، ((تفسير الزمخشري)) (4/677). .

مقاصد السورة:

مِن أهَمِّ مَقاصِدِ السُّورةِ:
تخويفُ الكفَّارِ وتحذيرُهم عن الكُفرِ [12] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/770). وقد ذكر عشَرةَ أنواعٍ مِن التَّخويفاتِ اشتملت عليها السُّورةُ الكريمةُ (30/770 - 781). .

موضوعات السورة:

مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ:
1- القَسَمُ على وُقوعِ القيامةِ، وأنَّه آتٍ لا شَكَّ فيه، وذِكرُ بعضِ أهوالِ يومِ القيامةِ.
2- الاستِدلالُ على وُقوعِ البَعثِ، وذِكرُ بعضِ مَظاهِرِ قُدرةِ اللهِ تعالى: من خَلْقِ الإنسانِ والأرضِ والجبالِ.
3- وعيدُ المكذِّبين، ووصْفُ عذابِهم في الآخِرةِ.
4- وصْفُ نعيمِ المتَّقينَ، وحُسنِ عاقبتِهم، وأنواعِ كرامتِهم.
5- التَّعجيبُ مِن أحوالِ الكافِرين، وشِدَّةِ عِنادِهم وتعنُّتِهم.