موسوعة التفسير

سُورةُ الحُجُراتِ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ (الحُجُراتِ) [1] سُمِّيت سورةَ (الحُجُراتِ)؛ لأنَّه ذُكِرَ فيها لَفظُ (الحُجُراتِ)، في قَولِ الله تعالى: يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ [الحجرات: 4] . يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/435)، ((تفسير ابن عاشور)) (26/213). قال ابنُ عاشور: (سُمِّيَت في جميعِ المصاحِفِ وكُتُبِ السُّنَّةِ والتَّفسيرِ سُورةَ الحُجُراتِ، وليس لها اسمٌ غَيرُه). ((تفسير ابن عاشور)) (26/213). .

بيان المكي والمدني:

سُورةُ الحُجُراتِ مَدَنيَّةٌ [2] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/335)، ((الوسيط)) للواحدي (4/148)، ((تفسير الزمخشري)) (4/349). ، نقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحِدٍ مِنَ المفَسِّرينَ [3] ممَّن نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عطيَّة، وابنُ الجوزي، والقرطبيُّ، والبِقاعي. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/127)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/141)، ((تفسير القرطبي)) (16/300)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (3/5). .

مقاصد السورة:

مِن أهَمِّ مَقاصِدِ هذه السُّورةِ الكريمةِ:
إرشادُ المُؤمِنينَ إلى مَكارِمِ الأخلاقِ مع اللهِ تعالى، ومع الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومع المؤمِنينَ [4] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (28/97)، ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (13/296). قال الرازي: (هذه السُّورةُ فيها إرشادُ المؤمنينَ إلى مَكارِمِ الأخلاقِ، وهي إمَّا مع اللهِ تعالى، أو مع الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو مع غَيرِهم مِن أبناءِ الجِنسِ، وهم على صِنْفَينِ؛ لأنَّهم إمَّا أنْ يَكونوا على طَريقةِ المؤمِنينَ وداخِلينَ في رُتبةِ الطَّاعةِ، أو خارِجًا عنها وهو الفاسقُ، والدَّاخِلُ في طائفتِهم السَّالكُ لطَريقتِهم إمَّا أنْ يكونَ حاضرًا عندَهم، أو غائبًا عنهم، فهذه خمْسةُ أقسامٍ؛ أحدُها: يَتعلَّقُ بجانِبِ اللهِ، وثانيها: بجانبِ الرَّسولِ، وثالثُها: بجانبِ الفُسَّاقِ، ورابعُها: بالمؤمنِ الحاضرِ، وخامسُها: بالمؤمنِ الغائبِ، فذكَرَهم اللهُ تعالى في هذه السُّورةِ خمْسَ مرَّاتٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا، وأرشَدَهم في كلِّ مرَّةٍ إلى مَكرُمةٍ مع قِسمٍ مِن الأقسامِ الخمْسةِ؛ فقال أوَّلًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات: 1] ، وذِكرُ الرَّسولِ كان لبَيانِ طاعةِ اللهِ؛ لأنَّها لا تُعلَمُ إلَّا بقَولِ رسولِ اللهِ، وقال ثانيًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات: 2] ؛ لبَيانِ وُجوبِ احترامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال ثالثًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ؛ لبَيانِ وُجوبِ الاحتِرازِ عن الاعتِمادِ على أقوالِهم؛ فإنَّهم يُريدون إلقاءَ الفِتنةِ بيْنَكم، وقال رابعًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات: 11]، وقال: وَلَا تَنَابَزُوا [الحجرات: 11]؛ لبَيانِ وُجوبِ ترْكِ إيذاءِ المؤمنينَ في حُضورِهم والازدِراءِ بحالِهم ومَنصبِهم، وقال خامسًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12] ، وقال: وَلَا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12] ، وقال: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؛ لبَيانِ وُجوبِ الاحتِرازِ عن إهانةِ جانبِ المؤمِنِ حالَ غَيبتِه وذِكْرِ ما لو كان حاضرًا لَتَأذَّى، وهو في غايةِ الحُسْنِ مِن التَّرتيبِ). ((تفسير الرازي)) (28/97، 98) بتصرف. .

موضوعات السورة:

مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلتْ عليها السُّورةُ:
1- تعليمُ المُؤمِنينَ ما يجِبُ عليهم نحوَ خالِقِهم، ونحوَ نَبيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ مِن أدَبٍ.
2- أمْرُ المُؤمِنينَ بالتَّثبُّتِ مِن صِحَّةِ الأخبارِ الَّتي تَصِلُ إلى مَسامِعِهم.
3- بيانُ جانبٍ مِن مَظاهِرِ فَضلِ اللهِ على المؤمِنينَ.
4- بيانُ ما يجِبُ على المؤمِنينَ نحوَ إخوانِهم عندَ حُدوثِ قِتالٍ بيْنَهم؛ مِنَ الإصلاحِ بيْنَهم، ومُقاتَلةِ الفِئةِ الباغيةِ إذا ما أصَرَّتْ على بَغْيِها وأَبَت الصُّلحَ، إلى أن تَفيءَ إلى أمرِ اللهِ تعالى.
5- نَهيُ المُؤمِنينَ عن السُّخْريَةِ، والأمرُ باجتِنابِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بالغَيرِ، والنَّهيُ عن التَّجَسُّسِ والغِيبةِ.
6- تَوجيهُ نِداءٍ إلى النَّاسِ يُبيَّنُ لهم فيه أنَّهم جميعًا قد خُلِقوا مِن ذَكَرٍ وأُنثَى، وأنَّ أكرَمَهم عندَ اللهِ هو أتقاهم له.
7- الرَّدُّ على الأعرابِ الَّذين قالوا: آمَنَّا، دونَ أن يَستَقِرَّ الإيمانُ في قُلوبِهم، وتوضيحُ صِفاتِ المُؤمِنينَ الصَّادِقينَ.
8- ذمُّ المَنِّ على اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالإيمانِ، وأنَّ المِنَّةَ لله تعالى والفَضلَ في الهدايةِ للإيمانِ.
9- خُتِمَت السُّورةُ الكريمةُ بإحاطةِ عِلمِ اللهِ تعالى بغَيبِ السَّمَواتِ والأرضِ، وكَونِه بَصيرًا بالأعمالِ.